*(إن أسلوبي في المزاح هو أن أقول الحقيقة إنها أطرف مزحة في العالم..). -جورج برنارد شو- .. طبعاً ليس خافياً عليكم أن العنوان يعني في العربية (الديمقراطية السودانية). وليس خافياً عليكم أننا نحن من أوجد الديمقراطية وصدّرناها في قناني وفتايل مختومة إلى أثينا ولاحقاً إلى روما وبيزنطة. لكنهم صاروا يغشونها ويصدرونها حتى إلينا، ليسيئوا إلى مفهوم الديمقراطية. أنا شخصياً غالباً ما أطبق أفكاري حسب الإمكانيات المتاحة. فحين تزوجت أردت أن أزرع في بيتي حاكورة للديمقراطية. ومن اللحظة الأولى منحت زوجتي 49 % من القرار. وتركت لي زيادة فقط 2% كي أستطيع تسيير الأمور في حال لم تعجبها الأمور. حين توسعت أسرتنا وصرنا أربعة أفراد، وبدلاً من أن نتخذ القرار بأغلبية النصف زائد واحد؛ فقد صرت أتخذ القرار بأغلبية النصف ناقص واحد. أي بمفردي، وهذا اجتهاد وفتح في الديمقراطية الحديثة. وحين يعترض أحد فإنني أتهمه بمحاولة تقويض العملية الديمقراطية برمتها. وإذا تصاعد الأمر فما المانع من اتهام المعترض بأنه ينفذ أجندات للجيران وربما أبعد من الجيران. نحن السودانيون رائعون في الابتكار والاجتهاد وتطوير ما أبدعه الآخرون. إذا فزت أنا فالانتخابات رائعة ونزيهة وشفافة حتى. لكن إذا فزت أنت فالانتخابات مزورة . في كل دول العالم يحصل أن المعارضة تتهم الحكومة بالتزوير، لأن الحكومة تمتلك السلطة والأدوات والمال وكل شيء. في السودان الحكومة هي التي تتهم المعارضة بالتزوير. كنت أقرأ بشيء من الكمد تاريخ أثيناوروما وبيزنطة ومن ثم انجلترا؛ حيث كانت مجالس الشيوخ المنتخبة هي التي تقرر كل شيء. إذا بدأ أهل السودان من الآن فهم متخلفون ألفي سنة فقط. حين جرت الانتخابات الرئاسية قبل الأخيرة في فرنسا فتحت التلفزيون وإذ بالسيدة رويال زعيمة الاشتراكيين تلقي خطاباً وهي باسمة وتشكر ناخبيها. ظننت للوهلة الأولى أنها الفائزة، لكنها تابعت وهي تطلب من مؤيديها الالتفاف حول الرئيس الفائز ساركوزي ومساعدته ليقوم بدوره في خدمة فرنسا . ساركوزي لم يكن أقل منها منطقية حيث شكر ناخبيه وقال: إن 49% من الفرنسيين صوتوا للسيدة رويال وهؤلاء سأحترم رأيهم وسأكون رئيس الجميع. حين خاض المرحوم يلتسن انتخاباته الأخيرة ضد الشيوعي زيغانوف؛ جاءه أحد الصحفيين الروس وقال له: يا سيدي لك عندي خبر سيء وخبر جيد. الخبر السيء أن زيغانوف حصّل العدد الأكبر من الأصوات، والخبر الجيد هو أنك أنت الذي فزت. وهذه هي خلطة الديمقراطية السودانية الكيزانية. [email protected]