ما يحدث اليوم في بحر الأبيض المتوسط مأساة جديدة تضاف الي ماَسي أفريقيا التي لا تعرف لها حد ولا نهاية ، الألاف يخاطرون بحياتهم يوميا من السواحل الليبية على متن قوارب مهترئة وسفن بالية املا للوصول الي ارض الأحلام في الشاطئ الأخر من البحر الهائج ، وفي داخل البحر يلقي المئات حتفهم والأخرون بسرعة البرق تنتهي احلامهم الوردية وتتحول الي الصراع والمجازفة في سبيل التنفس والبقاء حيا بدلا من حلم الوصول الي القارة العجوز ، جثث المهاجرين الأفارقة تطفو فوق سطح البحر المتوسط كما تطفو اوراق الشجر والأمواج تجرف جثث أخري مثل أسماك نافقة ترمي بهم الي الشواطي الموعودة ، يبتلي عمق البحر أحياء يتصارعون مع الموت وسط عالم غريب من الحيوانات البحر القاتلة سرعان ما يتحولون الي لقمة سائغة وفريسة سهلة لأسماك القرش والتماسيح ومجموعات أخري من هذا العالم الملئ بأنواع غامضة من المخلوقات المفترسة ، في اسبوع واحد فقط قضي نحو سبعمائة من المهاجرين أغلبهم من أفريقيا جنوب الصحراء نحبهم غرقا بينما تستمر تجار البشر في الشاطئ الأخر من البحر تفويج أعداد جديدة كل يوم ومن ثم يواجهوا ذات المصير المجهول والمستقبل الغامض ، الملايين من الشباب البائسين في أفريقيا يحدقون بنظراتهم نحو قوارب الموت وسواحل البحر المتوسط غير ابهين لما يحدث من المخاطر والماَسي في عمق وسطح وساحل هذا البحر المجنون ،قد ينجع البعض ويحالفهم الحظ بأعجوبة الوصول الي سواحل إيطاليا الباردة تفوح منها نسيم الحرية ويقع في أيدي خفر السواحل وفرق الانقاذ ولكن ماذا بعد ذلك نعم تعد الوصول الي إيطاليا خطوة هامة ولكنها ليست نهاية الطربق ولا نهاية المأسي ، فيما تقف ايطاليا حائرة امام الماسي المتكررة والألاف المتدفقة على اراضيها بطرق غير شرعية فأن العديد من الناجين من الغرق يحدقون بعيونهم مرة اخرى الي فرنسا ثم بريطانيا او المانيا ولم يطيب بهم المقام في ايطاليا ولكن الطريق الي الوجهة النهاية هو الأخر لم يكن مفروش بالورود أو مطروح بالبساط الأحمدي بل محفوف بالمخاطر واشواك والمطاردات رجال الشرطة ربما تصل الي الموت أحيانا فمافية تجار البشر تنشط ببطئ هنا ايضا وتوقع العديد من الضحايا في شركه مقابل عبور الي فرنسا ومن ثم الي بريطانيا او الدول الاسكندنافية ، العديد منهم يفقد حياتهم اثناء محاولتهم العبور الي فرنسا من خلال استغلال وسائل غير امنة ، فالواجب من الأسر اتخاذ تدابير لازمة في ارسال أبناءهم الي ايطاليا عبر بحر الابيض المتوسط ، العين يدمع والقلب يعتصر ألما والعقل يقف مشدودا لما يحدث ويصيب ابناء قارتنا وأبناء بلدنا الذين يمثلون الأغلبية في كل فوجا من أفواج الموت ، هل من نهاية لهذه الكارثة الإنسانية بكل ما تحمل الكلمة من معني ، هل من حلا لهذه المخاطرة المجهولة العواقب ، وهل من أدراكا للعقول المرهقة في التفكير من أجل سلوك ذات الطريق ادراكا كاملا مدي خطورته ام ان مقولة ( الموت أفضل من حياة البائسين ) سيطرت على عقول شبابنا اليوم وحولت قلوبهم الي قلوب لا تهاب العواصف الضاربة أو أمواج البحر العاتية . [email protected]