نشرت صحيفة (التيار) يوم أمس وبالخط الأحمر خبراً دامياً كتبه (ولدنا) محمد الماحي الأنصاري الذي أثبت تفوقاً لافتاً في الحقل الصحفي وتقصي الأخبار، وقد تابعت الكثير من الخطوط الإخبارية الأولى لصحيفة (التيار)، فوجدته مصدرها وناقلها بدقة وحرفية عالية، كما لم أقع على أي نفي لأخباره التي يسوقها للصحيفة من الجهات المعنية بتلكم الأخبار، مما يقف شاهداً على أنه ينقل أخباره بعد تدقيقٍ وتحرٍّ كبيرين. ومع هذا فكم تمنيت أن تتقدم أعلى جهة في المؤتمر الوطني لنفي الخبر الذي زين صدر (التيار) يوم أمس والذي يقول إن قطاع الطلاب بالحزب قام بشراء عدد خمسين عربة كوريلا موديل 2015 (فل أوبشن) على ذمة نص الخبر بقيمة مالية تجاوزت ال(22) مليار جنيه سوداني، لا حول ولا قوة إلا بالله.. مهلاً فللمناحة بقية.. فقطاع الطلاب كان قد جدد سياراته قبل عامٍ واحدٍ بماركة جديدة، وكان المكتب التنفيذي لقطاع الطلاب يمتطي سيارات جديدة في العام 2013، وهذا يعني أن هؤلاء السادة الأماجد يجددون موديل طاقم السيارات كل سنة، ويتقلبون من شركة إلى أخرى.. اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه. هل يقف السودان في صفوف الدول المانحة ليطبب جرح النازحين في معسكرات دارفور وطلاب الحزب الحاكم يمتطون عربات فاخرة تكلف سنوياً أكثر من عشرين ملياراً؟، هل يخرج مرضى الفشل الكلوي في مظاهرات واجتجاجات غاضبة بسبب تدهور أوضاع مراكز الغسيل الكلوي وطلاب المؤتمر الوطني يتنقلون بعربات قيمتها عشرين ملياراً؟، ثم ما هو دور هذا القطاع، وما الذي قدمه للمؤتمر الوطني طوال ربع قرن؟، كم عدد العضوية الحقيقية لقطاع طلاب المؤتمر الوطني في الجامعات السودانية بعد هذه الإمكانات المهولة؟، كم اتحاداً طلابياً يفوزون به عبر المنافسات الحقيقية بعد كل هذه الدعة والراحة الموفورة لهم؟، ما هو قدرة هذا القطاع على التأثير الإيجابي وسط الطلاب ووسط المجتمع؟، ما هو أثره الحقيقي. فإن كان هناك منكم من يحس أو يتلمس أو يتحسس دوراً حقيقياً مجتمعياً أو سياسياً فليخبرنا به.. ثم وإن افترضنا أن له دوراً.. أياً كان حجمه، فهل هذا يبرر مثل هذا الصرف الترفي في بلد نسبة الفقراء فيها تقترب من ال(46%) حسب الأرقام الرسمية؟. عشرين ملياراً تعالج مخاطر السيول في الخرطوم، وتقيم منازل الذين سقطت منازلهم في مواسم الخريف الماضية، عشرين ملياراً تقيم أود آلاف الأسر في ضواحي الخرطوم تسكن الصفيح وتقتات العدم والجوع وتتوسد الفاقة.. عشرين ملياراً تعيد المئات التلاميذ الذين يتسربون من حيشان المدارس بسبب عدم القدرة على دفع رسوم الدراسة.. عشرين ملياراً سنوياً توفر وجبة الإفطار الصباحي لآلاف التلاميذ الذين يأتون إلى فصول المدرسة ببطون خاوية، عزيزي البروف غندور.. والله العظيم مثل هذه الأخبار تنزل على عامة الناس مثل الذبحات الصدرية.. فانفوها.. ولو على طريقة أبو الطيب المتنبئ.. هربتُ فيه بآمالي إلى الكذب.. حسبنا الله ونعم الوكيل. الصيحة