غريبة هي تلك المعايير التي ترفع وضيعا و تضع عزيزا و هو ما سيحدث عند تنصيب عمر البشير في ولاية رئاسية جديدة و قطعا سيأخذ الاحتفال شكلا مضخما لتحسين وجه الحكومة القبيح أمام الرأي العام الداخلي و الخارجي و لكن هل يحسن العطار ما أفسد الدهر في عقل الرجل العجوز الذي جرّ السودان من فشل إلى آخر طوال ربع قرن من الزمن؟ بعد أيام قلائل سيملأ البشير كتفيه و صدره نياشيا نجوما و يأتيكم في حلته احتفاء و احتفالا بتنصيبه لدورة جديدة من النكد و التدهور و الفشل و التفشيل على السودان و السودانيين. بعد أيام ستفرغ الخزينة على فراغها لمقابلة صرف الضيافة بالفنادق و السرادق و البيارق احتفاء و احتفالا بنصيببه لفصل جديد من الإمعان في الدموية و الفساد و الإفساد. بعد أيام سيُفرض على الوزراء و المدراء و الموظفين و المواطنين حضور تنصيب البشير لحلقة جديدة من الهرجلة السياسة و الفوضى العسكرية المعجونة بالقوات الشعبية. بعد أيام سيعيش السودانييون صفحة سوداء جديدة من الضنك و العذاب و التعذيب و المرمطة و ضيق العيش و تكتيم الحريات. بعد أيام سيشهد اقتصادنا المنبرش أصلا مزيدا من الانبراش و الانبطاح و يخر الجنيه صريعا أمام غلبة الدولار و تصدق نبوءة أن تحمل سلة من الجنيهات و ترجع بكيس من جرجير و طماطم. بعد أيام سيُعطى البشيرييون مزيدا من الضوء الأخضر إكمالا لما بدأوه من الاختلاس و التعدي على المال العام بل و تهريبه إلى الخارج بناء و تعميرا. بعد أيام قلائل ستمتلئ الآذان وعودا و تهليلا و تكبيرا و سبابا و سلسلة مزيدة منقحة من الألفاظ السوقية و الجعير و كله خارج عن المقرر. بعد أيام سينداح ضياء الدين و اسحاق و رفاقهما و سيتخمان بما يُلقى عليهم من فتات مقابل التلميع و تكسير الثلج. بعد أيام سيُرفع الستار عن مسرح جديد من البؤس و الجريمة و تردي الأخلاق و الاتجار بالدين و اضمحلال الهوية السودانية. بعد أيام ستمتليء المنابر و البنابر بالسودانيين و تعلو أصواتهم بنظريات الكلام التباكي و التشاكي و حال لسان البشير يقول (إنتو شفتو حاجة) و بله الغايب يرمي الودع و يتنبأ بسنوات طوال قادمات و البشير لا يترجل. [email protected]