وفقاً لما أوردته العديد من وكالات الأنباء، نقلاً عن إحدى الصُحُف العربية، ذكر الرئيس المصري السيسي، إنه اتفق مع البشير إبان ما وصفوه بزيارة القاهرة، وهي في الواقع (مهزلة)، على تقديم الموضوعات ال(مُتفق) حولها على ال(خلافية)، مُوكداً على ضرورة حل الخلافات بالتفاهم لإيجاد الحلول على أرضية من الثقة المتبادلة. وبشأن حلايب (تحديداً) قال السيسي (تفاهمنا حول موضوعات كثيرة، على كافة الأصعدة الثنائية والإقليمية والدولية، وما بين مصر والسودان الكثير من الود والروابط الاجتماعية والتاريخية الوثيقة)! مُضيفاً (أكدنا سوياً على تجاهل محاولات الإثارة الإعلامية التي تستهدف الوقيعة بين البلدين والشعبين الشقيقين). وهي في مُجملها إجابات عامَّة وروتينية لم تُوضِّح ما تمَّ الاتفاق عليه فعلياً، لا سيما بالنسبة لموضوعات خطيرة وحيوية كاحتلال مصر لمثلث حلايب وتوغُّلها السافر باتجاه حلفا بما يفوق ال17 كيلو متر! كما وأنَّ المنطق والعقل يقولان بمُناقشة الخلافات وليس العكس، طالما تمَّ (تخصيص) زيارة رئاسية تمَّ الترويج لها ولفت انتباه العالم أجمع لها، مما يُعزِّر الاعتقاد بأنَّ ثمَّة تنازُلات كارثية قدَّمها ال(مُنبرش) لمصر، وهو ما أشرتُ إليه في مقالي قبل الزيارة الملغومة بألا فائدة تُرجى من هؤلاء المُتأسلمين وأنَّ زيارتهم لمصر ستكون وبالاً على السودان، ليس فقط للتعتيم الإعلامي بشأن نتائج الزيارة المهزلة، وليس أيضاً لما اعتدناه من غدر المُتأسلمين بالسودان وأهله في سبيل النجاة بأعناقهم، ولكن للأحداث المُتسارعة والمُريبة التي تبعت الزيارة بأيام، والتي سنستعرضها أدناه لمزيدٍ من التوضيح، ثم التنبيه المُبكِّر لمُؤامرات المُتأسلمين وانبراشاتهم وتنازلاتهم المقيتة عن مقدرات السودان وأهله في سبيل النجاة باعناقهم، وكأثمانٍ لأخطائهم القاتلة أو مُخططاتهم الدنيئة، ومنها ما عُرف بمثلث حمدي الذي تناساه الناس (وهو ما سنفرد له مساحة خاصة قريباً إن شاء الله)..! ففي الوقت الذي نسمع ونقرأ التصريحات الهُلامية والضبابية أعلاه، من الجانبين بلا استثناء، والتي (انصبَّت) وركَّزت على عدم إثارة النزاع بشأن حلايب أو النزاع على الحدود بين البلدين، تتخذ مصر إجراءات جديدة لدعم وتعزيز سيطرتها وتواجدها في مثلث حلايب على مسمع ومرأى من عصابة المُتأسلمين التي (تَعمَدْ) لإلهاء الشعب بتفاهاتهم ومسرحياتهم العبثية سواء كان إعادة انتخاب ال(سجيمان) رئيساً لفترةٍ ثانية، أو إبعاد هذا أو التقارُب من ذاك! حيث أصدر وزير التنمية المحلية المصري تعليماته لمحافظ البحر الأحمر، لإيجاد حلول جذرية (عاجلة) لمشاكل مواطني حلايب وشلاتين، وال(تعجيل) بمُعدَّلات التنمية فوراً، و(إظهار) اهتمام مصر باستقرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لأهالي المنطقة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتخفيف حدة الفقر عن المواطنين. مع ضرورة (إشراك) الأهالي في هذا الخصوص، عبر لجان شعبية من شباب المنطقة بما يُعزِّز روح ال(إنتماء) والمُشاركة في تجاوز المشاكل والعقبات الاقتصادية والخدمية بالمدينتين! وركَّز الوزير المصري بصفةٍ خاصة على ضرورة (إشباع) احتياجات و(رغبات) أعضاء الإدارة المحلية للمثلث، باعتبارهم المرجعية الرئيسية لسُكَّان المنطقة! وفي سياقٍ مُتَّصل، يُعزِّز الاعتقاد بأنَّ ثمَّة تنازُلات قد تمَّت، أعلن نقيب المُستثمرين الصناعيين المصريين، عن مُوافقة وزارة الاستثمار السودانية على عرض نقابته الخاص بإنشاء مشروع عملاق لزراعة مليون فدان، وذلك عقب اجتماعهم بمُصطفى (سمسار) إسماعيل، حيث تم الاتفاق على بدء انطلاق وتنفيذ المشروع، مُوضحاً (حرص) الجانب السودانى على ال(إسراع) بإنهاء المُوافقات والتراخيص اللازمة لتخصيص أراضى المشروع، ومُؤكِّداً أنَّ المشروع العملاق سينشأ ب(أيدى عاملة مصرية) تصل إلى 100 ألف عامل مصرى، بالإضافة إلى 50 ألف عامل سودانى. قبل قيام رئيس المُتأسلمين بزيارته ال(انبراشية) للقاهرة كتبتُ مقالاً لأُبرهن للقارئ بعدها (أي الزيارة) أنَّ هذا السجمان لا يُرجى منه، وتريَّثتُ في التعليق على الزيارة حتى يُفصح لنا عما قام به، رغم المرمطة التي حملتها والتي لم اهتم لها كثيراً (فقد ألفناه عاشقاً للمرمطة هو ومن معه)، فما يهُمُنا أكبر من انبراشاتهم التي تربوا ونشأوا عليها.. ما يهمنا وطنٌ في مُفترق طرق، يتآكل بالاحتلال من قبل الآخرين، ومنهم مصر، التي احتلَّت مثلث حلايب وتتوغَّل الآن في حلفا بما يفوق ال17 كيلومتر. ومع هذا تغافلها السجيمان، وقبل بالمرمطة، بل وزاد عليها حينما قال وبكل ذل ومهانة أنه لم يسعد بزيارة لمصر كهذه الزيارة! ربما لأنها لبَّت رغبته الجامحة في الانكسار والمرمطة..! مصر بحصافة تناولت ما يهمها، لعلمها وثقتها في جُبن وانحطاط السجيمان، ورفضت عدم الحديث عما لا يهمها..! ودونكم التصريحات الثابتة والمُتوازنة لكلٍ من السيسي وال(سجيمان)، فبينما يتحفَّظ الأوَّل عن مكنونات الانبراشة ال(بشيرية)، يُصرِّح المُنبرش بأنه لم يسعد بزيارة لمصر من قبل كما سعد بهذه الزيارة، رغم المرمطة التي واجهها ووجدت الاستهجان من الجميع بمن فيهم المصريين أنفسهم! الاستنتاج الأكبر حظاً في ما يخص حلايب، وفق المُعطيات أعلاه، أنَّ الجانبين اتَّفقا على إسراع مصر بكسب وُد سُكَّان مثلث حلايب وتجميل صورتها الذهنية لديهم، عبر أنشطة وبرامج ظاهرية بسيطة وتضخيمها إعلامياً، والترويج لقادمٍ أكبر! مع تجاهلٍ سوداني (مُتعمَّد) نظير الاهتمام المصري، وإذا ما تعالت الأصوات السودانية المُطالبة بحلايب، يقترحون الاستفتاء حلاً، رغم وجود الوثائق الداعمة لحق السودان في حلايب! ومن المُرجَّح في ظل إهمال السودان مقابل صور الاهتمام المصري بالمنطقة، أن تأتي نتيجة الاستفتاء لصالح ضم المثلث لمصر، وبذلك يصمُت الجميع عقب إضفاء صيغة قانونية للوجود المصري وأحقيته بالمنطقة! فلتتأمَّلوا هذا الخبث وال(انبراش) الاسلاموي القبيح! وإلا لماذا يصمتون على الإعلانات المصرية وأفعالها الاستفزازية في المنطقة، والتي تقوم بها بثقة عالية، تنُم عن أنَّها محمية وتتم في إطار تخطيطٍ مُسبق ومُتَّفقٌ عليه. وليت الأمر يتوقَّف على مثلث حلايب، ولكنه يمتد ليشمل أقصى الشمال باعتباره خارج (مثلث حمدي)! فالجميع يعلم التغوُّل المصري السافر داخل الحدود السودانية، جهة وادي حلفا، بما يفوق ال(17) كيلومتر، بل وإقامة مصر لنقاطٍ تستحصل فيها وعبرها رسوماً من سكان المنطقة، ومنع الصيادين السودانيين من الصيد في بُحيرة ناصر! وقبلها قرار مصر بتبعية حلايب لأسوان، رغم بُعدها عنها وقُربها للبحر الأحمر، ولا أدلَّ على هذا من التوجيهات الصادرة لمحافظة البحر الأحمر بتعمير حلايب، ولكن مصر اتبعتها (ورقياً) لأسوان ليسهُل عليها (مستقبلاً) التهام المزيد من أراضي السودان، وقد بدأت فعلياً بالتوغل من جهة وادي حلفا تمهيداً للخطوة القادمة! والمشروع المصري الاستثماري المُشار إليه أعلاه، في الغالب، سيكون هناك، وجميعها تصب في إطار هذا الاستنتاج! فقد عمد المُتأسلمين لتفتيت السودان وتمزيقه، وسبق وتبنَّى أحدهم ما عُرف اصطلاحاً بمُثلث حمدي (الذي سنُفرد له مساحة خاصة)، وفي إطار تنفيذ هذا المخطط اتبعت العصابة المُتأسلمة أساليباً مُختلفة، وما يجري لحلايب بصفةٍ خاصة، وأقصى شمال السودان بنحوٍ خاص، يصب في هذا الإطار. إنَّ الوقائع المُخزية أعلاه تُحتِّم علينا التنبيه (مُبكراً) لما ستسير عليه الأمور في شأن حلايب وأقصى الشمال بصفةٍ عامة، التي يعتزم المُتأسلمين التخلي عنها نهائياً وبصورة تبدو (قانونية) لتغلق الطريق أمام المُطالبة بها مُستقبلاً، في إطار مخططهم الرامي لتمزيق السودان، مع اختلاف التكتيكيات المستخدمة لإنفاذ هذا المخطط الخبيث. والدعوة للشرفاء من أبناء السودان للانتباه إلى هذه الألاعيب وعدم الانتظار حتَّى اكتمالها، وإنَّما المُطالبة بتصعيد قضية حلايب دولياً وعلى أكثر من صعيد، مُستغلين ما لدينا من وثائق تثبت أحقية السودان بالمنطقة! ولابد من توسعة أوعية المُطالبة بإشراك كل أبناء السودان في هذا الأمر، وإفشال المخطط المُخزي للمُتأسلمين.. وللحديث بقية. [email protected]