بسم الله الرحمن الرحيم إن الذي ارتبط بصيام شهر رمضان ارتباطا وثيقا كما الحسن و الحسين عند أهل السودان .. السحور .. و السحور كما هو معروف وجبة يتناولها الصائمون قبيل بزوغ فجر يوم الصيام .. تختلف وجبة السحور من منطقة جغرافية فى السودان لأخرى بل تختلف وجبة السحور من بيت لآخر و لكن هناك قاسم مشترك بين كل البيوت السودانية .. أقول ذلك إجمالا ... !! القاسم المشترك بين كثير من أهل السودان هو وجبة السحور و تعد ربات البيوت كمية معتبرة من طعام السحور و التي يكون الحليب فيها مكونا رئيسي و دوما ما تؤكل بإضافة الحليب إليها أيضا و تقول المتخصصات من النساء أن ذلك الطعام يجعل الصائم شبعانا طوال اليوم و تكون الكمية المعدة كافية إلى آخر يوم في شهر الصيام و يعرف اصطلاحا "الرقاق" و هو عبارة عن رقائق تعد قبيل شهر رمضان خصيصا لوجبة السحور ... !! و قد يأكل بعض الصائمين بجانب الرقاق طعام آخر .. و أما الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم بعد و لم يؤمروا بصيام رمضان ارتبطوا ارتباطا وثيقا بأكل ما تبقى من رقاق السحور و كانوا دوما يجدون في ذلك متعة كبيرة و لذة منقطة النظير و أذما لم يتبقى من السحور شيئا أو كان الباقي قليلا تجد أن الطفل جاء إلى أمه مكشرا وجه و باكيا و شاكيا حاله و يطلب وجبة سحور نهارية تعويضا له .. و يزيد على ذلك انه يجب أن يوقظ في اليوم التالي و يعد على انه على استعداد تام أن يصوم اليوم التالي...!! فما اجل تلك الأيام حيث كانت الوفرة و الرخاء و الرقاق... !! و أما المسحراتي يجهز " نوبته " قبل الشهر الكريم .. و النوبة باللهجة السودانية هي عبارة عن طبل كبير دائري و يربط بحبل متين من جهتين حتى يسهل تعلقه حول رقبة المسحراتى و بذلك يكون الطبل أمامه مرتفعا قليلا عن ركبتيه حتى يسمح له بالحركة و المشي حول معظم المدينة.. لذلك يبدأ المسحراتى جولته بوقت كافي قبل موعد بزوغ الفجر فيعود إلى بيته ليتسحر هو نفسه... !! و قد ما يكون هناك أكثر من مسحراتى في المدينة على حسب حجمها ...!! حمدان الكارب .. لم يعرف عنه الناس الكثير و كان رجلا بسيطا هاديا و لا يتحدث كثيرا و دوما ينأي بنفسه عن الخصام أو المغلطة الجدل و دوما ما يجد الصمت طريقا إليه .. كان حمدان الكارب حافظا لكثير من المدائح النوبية و كان له صوتا جميلا حينما يمدح .. قد تسمعه من وقت لأخر يردد بصوت خافت المديح و كان الرجل مادحا بارعا ... !! فكان المادح حمدان الكارب يضرب بقوة و ايمان على نوبته فى شهر رمضان ليصحو أهل مدينة القيقر للسحور ... !! فتسمع نوبته .. دق دق دق ... دقدن ... دق دق دق .. دقدن .. يا صائم قوم اتسحر .. و يلي ذلك مديحا طويلا ...!! ما فقهنا منه إلى هذه اللحظة .. غير عبارة واحدة و هى : يا صائم قوم اتسحر .. دق دق دق ... دقدن...!! يا صائم قوم اتسحر .. دق دق دق ... دقدن !! نسأل الله سبحانه و تعالى أن يرحم الله المادح حمدان الكارب بقدر ما قدم .. و كان حريصا على إيقاظ أهل القيقر للسحور ... !! قريمانيات .. بقلم .. التاريخ : 2015/07/05