الراحل الفريق إبراهيم عبود ..الذي فرضت الظروف عليه كقائد عام للجيش حينها تولي قيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة كحاكم مطلق للبلاد ..فكان شعاره المطروح عند إنقلابه في نوفمبر1958 هو أحكموا علينا بأعمالنا..! ذهب الرجل بجماعته بعد ست سنوات بما له وما عليه ولم يحاكمه قاضٍ ليوازن بين كفتي حكمه مابين الإنجاز والإخفاق ..بل فقد هتف له بعض الناس ..فيما بعد ندماً على ذهابه المبكر ..ضيعناك وضعنا معاك..! ومن بعده جرت تحت جسر الوطن مياه كثيرة أخذت في خطواتها البطيئة دفقات ملونة من الأحداث الجسام ولعلها إبتعدت هي الآخرى عن ذاكرة هذا الشعب التي باتت لاتحتمل المزيد من الضغط عليها ! ثم جاءت حقبة مايو/ نميري 1969 لتصعد على ركام ديمقراطية متهالكة وما لبث هو الآخر أن تضاربت شعاراته بين الأحمر الفاقع و الرمادي المسخ و الحالك الذي سقط في قفزة ظلاميته .. وذهب الرجل في حال سبيله طليقاً الى أن لقي ربه .. ولا زال هنالك من يتأسفون عليه مقارنة بما حل من بعده من ظلام دامس إبتلع بصيص الضوء الذي كان يتوكأ عليه شعبنا المنكوب بحثاً عن المخارج من عتمة زماننا الأغبر ! جماعة الكيزان من العسكر الحانثين لقسم الولاء الوطني والمدنيين المتأسلمين التي قفزت على سدة الحكم بزانة ذرائع الإدعاء بانها من سبق لآخرين كانوا ينونون أكل النبق قبل أن يصلوا هم لشجرته المكشوفة الغصون وقتها ..هي النموذج الأسوأ والفريد في الأقوال الكاذبة والأفعال المشينة والمسلك الأخلاقي الذي تردى الى درك من الصعب جداً مقارنته بما كان سائداً في كل العهود السابقة من عدم التعدي على كرامة الإنسان إلا في حالات نادرة لا تعتبر مقياساً يعتد به وإن كان مرفوضاً كمبدأ اياً كان حجمه ! ولعل كل القوانين التي وضعتها هذه العصابة لتأمين سلطتها وحماية منافعها و تحصين ذاتها الخائفة من عاقبة السقوط .. والتي عاثت في رقاب الناس تعليقاً بحبال المشانق وتثقيبا لأجسادهم برصاص الجبن .. وإذلالاً لظهور الرجال وكسر نفوس النساء بسياط الجهل الحاقد.. نخشى أنها لن تكون في إنتظار من سخروها ضد الآخرين ليتذوقوا عذابها .. من قبيل كل نفسِ بما كسبت رهينة .. في ساحة عدالة دنياها قبل آخرتها التي هي من شان القاضي الذي لا يختل ميزانه ! الرائد زين العابدين محمدأحمد عبد القادر عضو مجلس ثورة مايو .. وفي إحدى زياراته للسجون برفقة الرئيس نميري قال له مازحاً بما هو عين الحكمة .. ياريس حسنوا خدمات هذه السجون .. فالظروف غير معروفة ! وكان بالفعل أن جاءها مع رفاقه مقيما عقب محاكمتهم تلك بعد ثورة أبريل 1985..! ولعل من هفوات الكيزان الضارة النافعة و عسكرهم ..أنهم ربما لم يحسبوا حساباً لتحسين قوانيهم التي باتت هي حائط ظهرهم الآخير في مواجهة هذا الشعب بعد أن تكشفت كل أقوالهم البذيئة و بانت جل أفعالهم القميئة .. فهل ستنتظرهم تلك القوانين في ساحات الغد القادم .. أم سينسى شعبنا كعادته ما سلف منهم مثلما تجاوز عن الذين قبلهم ..! وتبدأ ساقية ندم البعض على ذهاب نغمات الكذب عن مسامعهم .. هذا في حالة أننا لم نحسن البديل الذي يحسم الأمور بعلاج الكي .. ككل المرات السابقة ! [email protected]