بسم الله الرحمن الرحيم.. الوزير البكاي –لمن لا يعرفه أيها القُراء الأفاضل هو وزير خارجية عمر البشير السيد إبراهيم غندور. أما قصة البكاء هذه ، فترتبط بزنقة أو بهروب جنوب أفريقيا " جوهانسبيرغ" ، وقد شاهد مئات الآلاف من السودانيين عبر العالم ومن خلال الشاشات التلفزيونية صورة الوزير إبراهيم غندور وهو يبكي أمام الكاميرات عندما سئل في مؤتمره الصحفي الذي عقده في مطار الخرطوم عقب عودة الوفد الحكومي برئاسة عمر البشير من جنوب أفريقيا عن الأحداث الدراماتيكية التي صاحبت تلك الزيارة. كُنت أعتقد ومعي الملايين من شرفاء السودان وأحراره الذين رأووا إبراهيم غندور وهو يذرف الدموع أمام الجميع أنه سيترك العمل السياسي نهائياً ويرجع لعيادته الطبية التي كان يقلع فيها أسنان السودانيين. لكن ولأن أهل الإنقاذ جميعاً لا يخجلون من فضائحهم..ها هو غندور يطل برأسه مجدداً ليهاجم الحركة الشعبية لتحرير السودان بكل وقاحة وغباء. بدأ السيد إبراهيم غندور من حيث انتهى قبل فضيحة " جوهانسبيرغ" ليهاجم الحركة الشعبية في حوار له مع وكالة السودان للأنباء ، يوم السبت 11 يوليو 2015 ، قائلاً: إنه يأسف لتعنت الحركة الشعبية شمال في مفاوضات المنطقتين ، وطرحها مطالب غير واقعية "يصل بعضها لحد الأمنيات وتجاوز الشركاء الآخرين داخل السودان ، الأمر الذي جعل من فرص الوصول لاتفاق غير ممكن. وتمنى غندور أن تكون الفترة الماضية قدمت دروساً مفيدة للطرف الآخر، وأكد على أن السلاح مهما بلغت قوته والدعم الخارجي مهما بلغت ذروته لن يؤدي إلى تحقيق "أحلام سياسية" للبعض أو آمال وطموحات للآخرين، وقطع بأن الطريق الوحيد هو الحوار، وتابع "هذا لن يحدث إلا إذا انفصل البعض عن الأجندات الخارجية. إنه من المضحك المبكي أن يتحدث الوزير البكاي عن الحركة الشعبية بهذه الوقاحة وهو يعرف مواقف الحركة جيداً بإعتبار أنه كان رئيس وفد البشير للجولات التفاوضية السابقة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال في أديس ابابا حول المنطقتين. وهل يمكن اعتبار كلام غندور في هذا الحوار مجرد فرقعة اعلامية للتسويق الداخلي أم أن كلامه كان زلة لسان ندم عليه؟. الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال منذ انخراطها مع نظام الخرطوم في الجولات التفاوضية حول المنطقتين قبل أربع سنوات لم تزحزح عن مواقفها المعلنة المتمثلة في : 1/فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الطبية والطعام للمحاصرين في مناطق النزاع. 2/وقف القاء البراميل المتفجرة على رؤوس الأبرياء في المنطقتين. 3/مطالبة الخرطوم بتنفيد قرار مجلس الأمن الدولي (2046) حول المنطقتين. هذه هي مطالب الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال ، وهي مطالب متواضعة جدا...فأين عدم الواقعية التي يتحدث عنها الوزير غندور ؟. للعلم فقط –كان بإمكان الحركة الشعبية لتحرير السودان أن ترفع من سقف مطالبها إلى حد المطالبة بإنفصال المنطقتين جبال النوبة والنيل الأزرق ، لكنها لم تفعل ذلك لأنها لا ترى في تجزئة القضايا حلاً عادلاً وشاملاً ودائماً للسودان. لكن النظام السوداني يرى في تمسك الحركة الشعبية لتحرير السودان بالحل الشامل ضعفاً وعدم قدرتها على اسقاطه بالسلاح ، غير أن النظام نفسه يقر بخروج 90% من اقليم جبال النوبة و50% من مناطق النيل الأزرق عن سيطرته..فماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن الجيش الشعبي قادر على دخول الخرطوم جهارا نهارا في أي وققت لكنه لا يريد ذلك إحتراماً لرغبات شركاءه من الأحزاب المعارضة التي لا تحبذ هذه الخطوة. أما اتهام الوزير البكاي الحركة الشعبية بإرتباطها بالأجندات الخارجية فمردود عليه ، ذلك أن تهمة العمالة والإرتباط بأمريكا واسرائيل والغرب عموماً ليست جديدة ، بل أن هذه التهمة الجاهزة بكل صورها وأشكالها ووقاحتها لا تزيد الحركة الشعبية إلآ دفعا للأمام واكتساب مساحة أوسع وشعبية أكبر داخليا ودوليا. لكن حقيقةً من الذي يرتبط بالأجندات الأجنبية ..النظام السوداني أم الحركة الشعبية؟ وفقاً لوثائق ويكيليكس –أيها السادات والسيدات ، فالنظام السوداني هو الذي رهن نفسه للأجندات الخارجية –كالولايات المتحدةالأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ليس هذا فحسب إنما رهنت الخرطوم نفسها لدويلة قطر –نعم دويلة قطر التي لا يتجاوز عدد سكانها 900 ألف شخص بما فيهم الهنود والبنغال. لكنه وبكل بجاحة يتهم الحركة الشعبية ببيع نفسها للخارج دون أن يحدد أي خارج!. وبعدين –هل قلت لكم أن الوزير البكاي يتحدث عن قتل النفس التي حرمها الله بالقول (أنهم أنفسهم –أي الحركة الشعبية " من يقتلون النفس التي حرّم الله بدم بارد، ولعل آخر ما تم في جنوب كردفان من قتل للمصلين أثناء صلاة الصبح في المسجد جريمة ضد الإنسانية ويجب أن تدان من كل العالم ". معقول يا جماعة أن يتحدث شخص نظامه مسئول عن مقتل ما لا يقل عن 400 ألف مواطن دارفوري ومار زال يلقي ببراميله المتفجرة على رؤوس أهلنا في جبال النوبة والنيل الأزرق عن القتل وكمان يستند في كلامه على آية من الآيات القرانية؟. رأس النظام السوداني الجنرال عمر أحمد عمر البشير شخصياً اعترف في احدى لقاءاته الصحفية بقتل الدارفوريين ، لكن ليس 400 ألف دارفوري كما تشير في ذلك احصائيات الأممالمتحدة ، بل قال ( ناس الأممالمتحدة ديل كدابين ، نحنا قتل عشرة ألف دارفوري بس!)..والسؤال هنا دائما للوزير البكاي..هل العشرة ألف ديل أقل من البشر ولا تنطبق عليهم حرمة قتل النفس؟. الحركة الشعبية لتحرير السودان وُجِد لحماية المواطنين الأبرياء من الهجمات العشوائية لمليشيات نظام البشير، وليس هناك أي سبب وجيه يجعلها تعتدي على المصليين في مساجدهم كما قال غندور في حواره مع وكالة السودان للأنباء ، والحركة تدعو كل العالم لزيارة مناطق سيطرتها ليرى حياة المسلمين وغيرهم ، وكيف أنها تهتم ببناء المساجد والكنائس وغيرها. الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال كانت وما زالت مستعدة للسماح للمنظمات الحقومية والإنسانية –الإقليمية منها والدولية والعالمية لزيارة مناطق سيطرتها للإطلاع على ادعاءات النظام واعلامه الحاقد حول انتهاكات لحقوق الإنسان في تلك المناطق ، وهي ليس لديها شيئا تخفيه أو تخاف منه. يتهمون الحركة الشعبية بالتآمر على السودان ، لكن أليس النظام هو الذي حول السودان إلى مزرعة كبيرة والسلطة إلى شخصنات ومصالح خاصة ووسيلة للثراء السريع وتكديس الثروات دون حسيب أو رقيب ..ومع ذلك يأتون ليصفون أنفسهم بالوطنيين ومن يعارضهم بالعمالة والخيانة !.. فأنت وطني في السودان بمقدار رضوخك لأجندات الحزب الحاكم ، وبمقدار ما تنافق وتمتدح وتتقن فنون الكذب ، ولكنك عميل وخائن متى ما تذمّرت وانتفضت وقلت الحقيقة. يقول الوزير البكاي إن بعض مطالب الحركة الشعبية غير واقعية وبعضها مجرد أمانيات..لكن نقول له ، ليس هناك أمانيات في دنيا الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال ، إنما ابراهيم غندور هو الذي لا يصدق نفسه كونه كان مجرد طبيب أسنان وبكلمة واحدة من البشير أصبح وزيراً للخارجية السودانية دون أية مؤهلات وخبرة. ما كان لشخص كإبراهيم غندور أن يصبح وزيراً للخارجية لو كان التعيين لمثل هذه الوظائف المهمة جدا يقوم على الكفاءة والخبرة والكفاءة ، لكن في عهد سودان البشير الذي أصبح رئيساً في غفلة من السودانيين وفي جنح الليل.. كل شيء فيه ممكنا طالما أنت مستعد للإلتزام بطقوس الولاء والطاعة ومسح الأحذية وووالخ. كان حرياً بإبراهيم غندور أن يمسك لسانه الطويل عليه ويتعلم الدروس من سلفه الدكتور نافع علي نافع الذي كان أكثر ولاءاً وطاعة للبشير وأكثر مهارة في التشكل والتلون والتحول والإنسجام مع اية فكرة يجري تبنيها من قبل عمر البشير أو حتى يستشعر بأنه يفكر في تبنيها لضمان البقاء وتحقيق المكاسب ، ومع كل هذا تخلص منه البشير بكل إهانة واستفزاز. على كل حال ، واضح أن السيد غندور حسم كل خياراته وقرر في أول لقاء له كوزير للخارجية أن يهاجم الحركة الشعبية –شمال ، لكن ما هذا الهجوم إلآ تعبيراً عن انتهازيته المفرطة وسعيه لإرضاء رئيسه عمر البشير حتى لا يغضب عليه ويطرده كما فعل بنافع علي نافع ، غير أن هذا لا يزيد الحركة الشعبية إلآ قوة وشعبيةً. والسلام عليكم.. [email protected]