جاء في الأخبار أن نائب المدير العام لقوات الشرطة الفريق حقوقي ( عمر محمد علي ) قد دشن تفويج المركبات السفرية لعيد الفطر انطلاقا من منطقة الباقير، الخبر ليس فيه شيء من الغرابة وهو إجراء تتبعه الإدارة العامة للمرور إبان عيدي الفطر والأضحى المباركين في تفويج المسافرين في رحلتي الذهاب والإياب. ولكن..... كلما يذكر التفويج تتبادر إلى الأذهان الحوادث المرورية المميتة على طريق الخرطوم – مدني، الخرطوم – بورتسودان، أو ما يعرف عند المواطنين باسم طريق الموت. الجثث المتناثرة على طول الطريق وأشلاء الضحايا ومنظر الدماء ودموع الثكالى واليتامى مناظر لا تبارح الذاكرة، رعونة السائقين بالتزامن مع سوء الشارع تحيكان ثوب الحداد مع صلاة العيد. وفي كل عام يتكرر نفس السيناريو: عشرات الأرواح إما بسبب التخطي الخاطئ أو السرعة الزائدة، وفي كثير من الأحيان نتيجة لطبيعة الشارع نفسه، وما به من حفر ونتوءات ومطبات ومنحدرات خطرة والتواءات حادة وأخطاء فنية وانعدام للإضاءة الكافية وضيق واضح في الشارع نفسه، وعدم تحديد المسارات بفواصل واضحة مع غياب الطرق الفرعية المنفصلة والتي تخفف الضغط على الشارع الرئيسي. كل ذلك يعني أن مسؤولية الأرواح المزهقة مشتركة ما بين وزارة الطرق والجسور والإدارة العامة للمرور وبعض سائقي المركبات العامة والخاصة. فوزارة الطرق والجسور تقف مكتوفة الأيدي عند المعونة الأمريكية في العام 1964 والتي تم من خلالها تشييد الشارع، وربما تنتظر الوزارة حتى الآن قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان حتى تبدأ مجدداً في (شحدة) الأمريكان لبناء مسار آخر للشارع. أما الإدارة العامة للمرور فرغم المجهود الكبير المبذول من قبلهم في عملية التفويج إلا أن بدائية المتابعة وقلة الرادارات وعدم فاعليتها بالصورة المطلوبة يفتح شهية سائقي المركبات المتهورين والذين لا يردعهم ضمير ولا عقوبة عن مغامرتهم بالأرواح التي يحملونها بدليل ارتفاع نسبة الحوادث إلى 70% حسب إحصائيات قديمة لم تتضمن كثرة الحوادث الأخيرة. إن شارع الخرطوم مدني يحيل العيد في كل عام إلى عيد للموت، تطغى عليه رائحة الدماء وتسيطر عليه مناظر الأكفان البيضاء. ورغم أن عملية التفويج تحد من هذه الحوادث، إلا أنها لا تمنع أيضاً من تسرب بعض المركبات عن خط التفويج. إقبال المواطنين نفسه على السفر بواسطة الحافلات أو البصات المتفلتة يعود إلى سببين رئيسين: الأول سرعة الوصول والآخر قلة سعر التذكرة؛ حيث إن المتفلتين يكونون أكثر قدرة على تنفيذ أكثر من رحلة في ظل الخروج عن السرب لذلك تنخفض قيمة تذكرتهم. ولكن تبقى هناك معلومة مهمة وهي أن السائق الذي يخرج عن سرب التفويج يكون مهجسا وخائفا من مغبة الإيقاع به عن طريق رجال المرور في الخط السريع وهو ما يجعله متوترا ومنزعجا، كل ذلك ينعكس على أسلوب قيادته للمركبة. وليس أدل على ذلك من حوادث المرور في عيدي الفطر والأضحى من العام الماضي، والتي راح ضحيتها مئات المسافرين؛ وجميعها كانت لمركبات تخلفت عن السرب وغردت بعيداً عن التفويج. خارج السور: هي كلمة نقولها للمسافرين قبل أصحاب المركبات العامة قاطعوا كل الرحلات التي تخرج عن التفويج وتذكروا أن أبناءكم وعائلاتكم في انتظاركم. *نقلا عن السوداني [email protected]