بسم الله الرحمن الرحيم في وقت متأخر من الليل رن هاتفي الجوال بصورة فيها شيء من الإلحاح، نظرت في شاشة الهاتف فوجدت رقم الاتصال يحمل (مفتاح) دولة مصر الشقيقة، جلست القرفصاء على السرير وأجبت على المكالمة: (ألو)، فجاءني الصوت من الاتجاه الآخر لرجل سوداني قال لي: (أنا بتكلم معاك من (سجن القناطر) في مصر، وقد حصلت على رقمك هذا من (فلان) وفلان هذا شخص مصدر ثقة بالنسبة لي في مصر) . واصل محدثي مكالمته التي تخللتها حشرجة وعبرات وهو يحدثني عن سوء الأوضاع التي يعيشها السودانيون في السجون المصرية وعن أسرهم وأطفالهم الذين لا يعلمون عنهم شيئاً. كان يتساءل عن تأخر الإفراج عنهم في حين أن الحكومة السودانية أفرجت عن الصيادين المصريين وقد غادروا بطائرة خاصة ؛ وفي مقولة أخرى شاركوا في احتفالات قناة السويس .!! أما المعدنون السودانيون أبناء (البطة السوداء) كما في الرواية العالمية، فقد انتظروا الأجاويد ، والخطابات ، والتحانيس ؛ للإفراج عنهم، رغم أن القرارين صدرا بتوجيهين رئاسيين وهو ما لا يحتمل أي نوع من التسويف والمماطلة. وحقيقة نحن هنا لا نتحدث فقط عن المعدنين السودانيين والذين أطلق سراحهم بعد (خمة نفس) ؛ ولكننا نتحدث أيضا عن بقية السودانيون داخل السجون المصرية والتي تكتظ بالمئات منهم الموقوفين في قضايا معلومة أو الذين لم يتم تقديمهم لمحاكمة حتى الآن! بعضهم تتراوح أحكامهم من خمس سنوات إلى مؤبد، و بعض الأحكام يوجد بها عفو لنصف المدة، او ثلاثة أرباع المدة، كما توجد أحكام مؤبدة انتهت مدتها (25 عاما) و تجاوزت أعمار المحكومين فيها (الستين عاما)؛ ولا ترغب الحكومة المصرية في إخلاء سبيلهم بحجة (الأمن الوطني) .!! ذلك علي الرغم من انه ومنذ حوالي الثلاثة أشهر قام الرئيس المصري بإصدار قرار رقم (140) بترحيل المحكومين الجنائيين الأجانب إلى بلدانهم وان على بلدانهم حق التصرف معهم بإعادة محاكمتهم ، أو إخلاء سبيلهم ، أو إكمال مدة الحكم. وقد قامت وقتها السفارة السودانية بالقاهرة بتقديم أوراق المسجونين السودانيين إلى السلطات المختصة لإجراء ترحيلهم إلى السودان وفق ماذكر السيد النائب العام (هشام بركات ) ورئاسة الجمهورية المصرية ، وإدارة مصلحة السجون ، وبعد مرور ثلاثة أشهر على الإجراءات اتصل القنصل بمدير الأمن الوطني المصري بتاريخ9/8/2015 لمعرفة أسباب عدم ترحيل السجناء إلى بلدهم فأجابه بالقول : (سوف نقوم بعمل لجنة شهر 10 لتحديد من سنقوم بترحيله). وحقيقة .....لماذا تصر الحكومة المصرية دوما على التعامل مع الحكومة السودانية بشيء من الغنج والدلال والذي لا يشبه العلاقة بين البلدين؟ ولماذا لا نتعظ نحن من وعود السراب والبرق الخلب عند المصريين؟ ولماذا نهرول ونمد أيدينا دوما في الوقت الذي تتمطى فيه مصر وهي تغالب النعاس وتشاور نفسها هل ترد التحية أم تأخذ غفوة وتصحو (على راحتها)؟. وعندها تقرر هل ترد السلام ببرود واضح ، أم ببرود مستتر ، أم لا ترده من الأساس؟. والغريب في الأمر أن المؤمن (لا يُلدغ من جحر مرتين) . ورغم لدغتنا قديما من المصريين في تنفيذ اتفاقية (الحريات الأربع ) ، إلا أننا عدنا مرة أخرى وبدأنا التعامل معهم من جديد (تسليمهم) مساجينهم فورا وانتظار (المجهول) لمساجيننا . ............نواصل *نقلا عن السوداني [email protected]