*هذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها مسألة تلوث مياه الشرب ووصولها للمواطنين بكل ما فيها من شوائب مخلفات ورائحة كريهة‘ وكان النفي دائماً سيد الموقف لكن هذه المرة - يا للعجب - أكدت وزارة الصحة بولاية الخرطوم هذا النبأ العظيم. *قبل الخوض في هذه المسألة المقلقة المحيرة اسمحوا لي كي أحيي الصحفية الناشطة هبة عبد العظيم التي نشرت تحقيقاً صحفياً عن تلوث مياه النيل الأبيض بولاية الخرطوم في الصفحة الثالثة من عدد الأربعاء الماضي في" السوداني" والتحية موصولة للمصور الصحفي سعيد عباس الذي وثق المشاهد الحية التي تؤكد ذلك. *عزز تحقيق " السوداني" الميداني ما جاء في تقرير وزارة الصحة بولاية الخرطوم عن تلوث المياة بالنيل الأبيض بمواد كيميائية خطيرة ومعادن الرصاص والكروم‘ وبين التحقيق مدى الأخطار التي يمكن أن تطال أكثر من مليوني مواطن جراء هذا التلوث. *تجدد في تحقيق "السوداني" الكلام عن تسرب المواد الملوثة والمعادن الثقيلة إلى المياه الجوفية التي تعتبر من مصادر مياه الشرب لعدد من مواطني الخرطوم.. ومرة أخرى يأتي تأكيد هذه المعلومات من وزير الصحة بولاية الخرطوم. *الدكتور مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم قدم تقريراً لمجلس وزراء الولاية قال فيه انه أخذ عينات من المياه بجنوب العزوزاب وأخضعها للفحص في معامل داخل السودان وخارجه وأثبت الفحص المعملي انها ملوثة بأنواع من الباكتريا الضارة والجراثيم‘ إضافة لوجود معادن الكروم والرصاص المسبب لسرطان الجهاز الهضمي والكبد الوبائي والبلهارسيا. *إفادات المواطنين في الريف الجنوبي لأم درمان ل" السوداني" عبرت عن شكواهم من تأثر 7 قرى بهذه المنطقة بتلوث المياه وظهور حميات وإسهالات وحالات تسمم وبلهارسيا وكبد وبائي وسرطان الجهاز الهضمي وامراض جلدية ودسنتاريا. *إن مطالبة والي ولاية الخرطوم المهندس عبدالرحيم محمد حسين بإيجاد الحلول العاجلة - خلال 24 ساعة - أقل ما يمكن عمله لحماية صحة وأرواح المواطنين‘ لكن للأسف في ذات التحقيق الصحفي "قلل" وزير البنى التحتية بولاية الخرطوم أحمد قاسم من خطورة ذلك !!. *لم يكتف وزير البنى التحية بذلك وإنما قال إن وزارته كانت على علم بمسألة التلوث هذه منذ فترة طويلة – لا حول ولا قوة إلا بالله - وأنها فكرت في وضع بعض الحلول لكن ضعف الإمكانيات حال دون ذلك .. هكذا جاءت إفادة وزير البنى التحتية مؤكدة حجم اللامبلاة والعجز الإداري "القاتل". *هذا لا يعفي وزير الصحة الولائي ولا ولاية الخرطوم الذين سكتوا على هذه الكارثة الصحية والبيئية‘ مهما كانت المبررات التي أعجزتهم عن معالجتها. [email protected]