سوف أحاول التزام الموضوعية فى هذا المقال، بعد أن اصبح الوقت لا يحتمل ردود الفعل و(المماحكات) على الرغم من ضرورة (الكاونتر أتاك) أحيانا، طالما وصل الأمر إستهداف كيان ومؤسسة وطنية قد يرى البعض لا أهمية لها لأنها ترتبط بمجال رياضى وكروى. لا أدرى كيف لا يكون مهما مجال يهتم به كل العالم ويتابع مناسباته الهامة رؤساء دول وملوك ورؤساء وزارات، وفى السودان لا يقل جمهوره عن 25 مليونا من الرجال والنساء. من زاوية ثانية تعمدت أن أؤجل نشر هذا المقال، حتى ينتهى لقاء الهلال بسموحة، حتى لا يقال أنه كتب بناء على رد فعل (خروج) الهلال – لا سمح الله – وذلك ليس بمستبعد حسب نفسية اللاعب السودانى المحيرة، التى تنعكس سريعا على الأجانب، وذلك ما يتمثل فى حالة تسمى (بالثبات الإنفعالى)، فنجده يخسر كثيرا اللقاءات فى الخارج أمام أندية ضعيفة أنتصر عليها قبل أسبوع داخل السودان بعدد وافر من الأهداف، أو أن يخسر فريق سودانى مباراة حاسمة فى الخارج دخلها بفرصتين. عل كل حال أستطاع الهلال أن يخرج من تلك المباراة المرجوءة فى حدها الأدنى وهو التعادل مع (سموحة) المصرى، ولا يعرف كرة قدم من يصنفه بأنه ضعيف، لكنه فاقد للخبرة لذلك يأتى موقعه فى المجموعتين، فقط قبل (علمة) الجزائر و(التتطوانى) المغربى الذى احياه (الهلال) من عدم بخسارة مفاجئة بالخرطوم، وخيرا فعل (مازيمبى) بوضعه فى حجمه الطبيعى، وعدم السماح لوصول فريق ضعيف لهذه المرحلة ربما هى كانت سوف تصبح أول مرة فى تاريخ هذه البطولة القوية والشرسة. بدون شك كهلالابى أتمنى فوز (الهلال) بهذه البطولة، رغم عدم القناعة الكافية بمردود الهلال الفنى فيها، وإن كانت النتائج تعتبر جيدة خاصة التى لعبها خارج الأرض. إضافة الى ذلك، فبطولة هذا العام فرصة للأندية السودانية لا يمكن أن تجد مثلها مرة أخرى، حيث خلت من الأندية المصريه والتونسية والمغربية القوية ولم تشارك فى المراحل المتقدمة غير الأندية الجزائرية، التى أتضح بأنه لا يوجد بينها فريق قوى وهو صاحب الحظوظ الأوفر (إتحاد الجزائر). تتضح قوته وأحترافيته باللعب أمام المريخ ناقصا أكثر من 7 لاعبين أساسيين، اولا كشف عن توفر بديل له لا يقل عن مستوى بدلاء الهلال. الأمر الثانى أنه لم يهتم لتحقيق رقم قياسى ربما لم يتحقق لأى ناد أفريقى من قبل وهو حصاد كامل النقاط فى هذه المرحلة، وهذه درجة عالية من الإحترافية والنضوج الفكرى (الكروى). والمريخ كان الأولى بهذه الأمر، فكل لاعب يخسره المريخ فى المرحلة المقبلة ينقص من مستوى أدائه، فالأسلوب الذى يعتمد عليه (غارزيتو)، هو الشد والحماس والمهاجمة والدفاع بكل قوة لكل الفرقة فى أى مباراة، وهذا أمر لا يمكن أن يحافظ عليه أى ناد حتى لو كان فى مستوى (برشلونة). ولهذا نجد فرق كبير فى مستوى أداء المريخ فى البطولة الأولى، مقارنة بإدائه ومردوه الفنى فى بطولة الدورى العام المحلى. على عكس الهلال، الذى أعترفت بعدم (الإقتناع) بمستوى ادائه فى هذه البطوله، رغم كل تقدير للوصول لهذه المرحله، بهذا المستوى، لكن مستوى اداء اللاعبين جميعا متقارب لحد كبير هنا وهناك، وطريقة الأداء (الهادئة) الرزينة واحدة، لذلك يتقدم فى البطولة الأفريقية ويتصدر فى المحلية، لأنها اقل مستوى من سابقتها بدون شك. كيف كشف المريخ هوية البطل؟ مرة أخرى رغم عشقى للهلال وأمنيتى الفوز بهذه البطولة، وربما بعد التغييرات فى كثير من الأمور وعودة لاعبين مصابين مثل (محمد عبد الرحمن) مع رفع للياقة اللاعبين المتدنية لياقتهم البدنية مثل (أندرزينهو)، وبصورة عامة التحول لإداء شرس وقتالى فى الأربع مباريات المنتظرة على الأكثر، ربما يحقق ما هو شبه (مستحيل). لأن الصراحة والوضوح يستدعى أن نقول، بأن شكل (البطل) قد ظهر من لقاء المريخ أمام إتحاد الجزائر الأخير رغم خسارته للمباراة بهدف على ملعب المريخ، لكنه الأقرب للبطولة بحكم مستوى ادائه الثابث، وتمتعه بلاعبين لديهم عقلية (مدرب) داخل الملعب، يعرفون كيف يغيرون من إسلوب وتكتيك اللعب بحسب ظروف ونتيجة المباراة. ويعرفون كيف يتعاملون مع (الحكم) حتى لو شعروا بأنه يعمل بقصد أو بدون قصد لغير مصلحتهم، ربما بسبب الضغط الجماهيرى. ولو عاد البعض الى شريط المباراة خاصة فى الشوط الثانى، تجد أنهم بعد أن لاحظوا للحكم يعطى مخالفات لصالح المريخ مهما كانت بسيطة وفى ذات الوقت يشير بيديه لمواصلة اللعب اذا تعرض لاعب جزائرى لعنف اشد من الذى واجهه لاعب المريخ، لا اقول تآمرا من الحكم ولكنها كرة القدم هكذا، والحكم بشر، يتأثر بدون شك بمكان اداء المباراة، ولا يحدث العكس الا قليلا، كما حدث فى مباراة (الهلال) والتتطوانى، فركلة الجزاء تلك ماكان من السهل إحتسابها على الملاعب الجزائرية أو التونسية أو المصرية حينما كان مسموحا لدخول 70 الف متفرج. المهم فى الأمر كيف تصرف لاعبوا (إتحاد الجزائر) نتيجة لذلك؟ إستخدموا (تكتيكا) فنيا ذكيا، بأن يتابع لاعب جزائرى لاعب المريخ الذى معه الكرة ومضايقته دون التحام، وفى نفس الوقت ينطلق زميل له من الخلف لكى يخطف الكرة من لاعب المريخ أو يبعدها عنه دون أن يمكن لاعب المريخ من الحصول على مخالفة، خاصة بالقرب من المنطقة الخطرة. ولذلك إنتهت المباراة بالهدف الوحيد الذى سجل فى بداية زمن المباراة، والنتيجة النهائيه والهدف لا يفرقان معهما كثيرا. بالإضافة الى ما تقدم، فعلينا الا نتوقع ذلك الهدوء والمعاملة الراقية التى قوبل بها المريخ فى المرحله الماضيه، التى ساعدت الأندية الجزائرية كثيرا، بتعرفها على الكرة السودانية على نحو جيد، على الأقل من خلال الفريق الثانى فى السودان. أتوقع فى هذه المرحله اذا توفق الهلال من أقصائهم أو فى المرحلة التى تليها اذا أستمروا فى المنافسة، لمعاملة شرسة وقوية، خاصة فى المباريات على أرضهم ومحاولة حسم المباراة بنتيجة مريحة. ثم حينما يأتوا للسودان يستخدموا تكتيك (الإخوان) المصريين، قبل وسلام بالإحضان، ودم واحد ونيل واحد، وتمويت للكرة منذ بداية المباراة وإستخدام أى اسلوب لإثارة الأعصاب، وهذا ما يجعل اللاعب السودانى الذى عادة ما يلعب لنفسه، لا (للفرقة) ومصلحتها، ولذلك يخسر نتيجة المباريات إما بالبطاقة الحمراء، وثقفتنا للأسف تجعل من هم على دكة (البدلاء) يقابلون ذلك اللاعب وكأنه بطل أدب الحكم أو اللاعب الذى إعتدى عليه، أو خسر نتيجة المباراة بتدنى مستواه الفنى نتيجة لإستجابته للأستفزاز وشد الأعصاب. النقطة الأخيره، للأسف هناك اصوات أحيانا تخرج لإستبدال لاعبا مثل (نزار) لأن مردوده فى مباراة ما غير مقنع! كيف يستبدل (نزار) والفريق اصلا ناقس الكثير؟ ولا عب مثل (نزار) لا يمكن أن يستبدل بل يمكن أن يوجه بإستمرار، لأنه يمكن أن يحدث الفارق من خلال كرة واحدة كما فعل فى لقاء (سموحة) الأول. ولاعب مثل (نزار) يطلب المدربون المصريون من زملائه بحسب ثقافتهم أن (يخدموا) عليه – بكسر الدال وتشديدها – بمعنى أن يريحوه من التحرك الكثير، بل أن يستميتوا للحصول على الكرة وأن تصله فى مكان مريح، لكى يرواغ ويتقدم ويسجل هدفا أو يمرر كرة محسنة لزميل، وهكذا كان يساهم (ابو تريكة) فى غالبية إنتصارات النادى (الأهلى) والمنتخب المصرى. أخيرا .. يبقى الجمال صنو الهلال .. وتبقى المتعة هلالابية متوشحة اللون الأزرق. تاج السر حسين – [email protected]