الكاتب الصحفى عثمان ميرغنى صاحب (حديث المدينة) شخصية تستحق التأمل لغرابة مكونها ,فهى شخصية ذات أبعاد متداخلة وطموحات متشابكة , وميرغنى خريج الهندسة تخصص حاسوب فى الجامعات المصرية ,بدأت شخصيته نموءاً مبكرا وهو بعد طالب جامعى حين خاض إنتخابات إتحاد الطلاب السودانيين هناك وكان له ما أراد متقلداً قيادة الإتحاد كأول دور قيادى يحققه ضمن طموحاته المتشابكة التى اشرنا إليها,وبعد عودته إلى موطنه نشط كقائد رأى متنقلاً عبر عدة صحف لم ترض جميعها طموحاته إلى أن أسس وكالة (شمس) والتى لم تر الشمس بسبب إعتقاده بأن اسمه وحده كفيل بإنجاح أى مشروع دون توفير شروط عمل عادلة للمحررين..ثم خاض تجربة التيار, وما بين صدورها وحتى إيقافها الآخير بقرار من رئيس الجمهورية شخصياً مردفاً القرار بطلاق مغلظ:(على الطلاق التيار ماترجع تانى) عرَته التيارات التى جرت تحت جسر رفاقه مؤسسى وشركاء صحيفة التيار الذين أنكرهم ووصفهم ب(الدائنين) كما اعتبرتهم المحكمة كذلك لاحقاً لعدم توفر بينات تؤكد شراكتهم أو حتى إيداع اسمائهم بمسجل اسم العمل ,هذا الموقف رغم ظاهرية قانونيته إلا انه خصم كثيراً من رصيده وكفر به العديد من القراء الذين رسموا له صورة مقدسة استعاروا لها خطوطاً من كتاباته الراتبة وطرقه المستمر لقضايا العدالة الاجتماعية والحريات ونقد مناهج الإنقاذ السياسية منها والإقتصادية ,بل الأخلاقية وطيلة هذه الفترة لم يستغنى عثمان ميرغنى عن (شريحة) المهندس فكثيراً ما كان يتحسسها حين القضايا ذات الصلة بالمنطق الفنى وأذكر أيام تكرار تأجيل إفتتاح مصنع سكر النيل الأبيض واعتبرها ميرغنى فرصة سانحة لتأكيد هندسته..وسرعان ماتناول ربطة عنقه وسافر إلى النيل الابيض ليقف على أسباب تأجيل إفتتاح المصنع ,وخرجت صحيفته بتحقيق أجراه/ رئيس التحرير المهندس المتخصص فى الحاسوب وهو فى كامل زى المهندسين داخل الموقع بخوزته متجولاً بين مفاتيح برمجة المصنع و(القيتشات)معلناً للملأ بأن سبب التأخير وراؤه الامريكان(ليكم تسلحنا)..وكشف ميرغنى الصحفى المهندس بأن الشركة المنفذة هندية إلا انها تعمل بتوكيل لإحدى الشركات الامريكية التى احتفظت باسطوانة التشغيل (C.D)ولم تسلم الشركة المنفذة نسخة منها الأمر الذى أدى لتأجيل إفتتاح المصنع مراراً, شخصيات عثمان ميرغنى التعددية لم تقف عند حد الصحافى و المهندس فحسب ,ففى داخله سياسى لم يجد منبراً يتناسب وقدراته السياسية فكان ان خاض إنتخابات 2010 ولسبب فى نفس (عثمان)قرر الإنسحاب إلا أن السياسى فى دواخله ظل متاهباً وقد تجلى السياسى فى كتاباته التى دوماً تجنح لتجهيل الساسة عبر محاضراته فى العلوم السياسية التى يتكرم بإلقائها للساسة الذين لا يرى فيما يسوسون به الناس اى منهج سياسى ولما إستيأس من إستيعابهم لفكره السياسى المتقدم قرر تأسيس حزب سياسى (اى والله كتأسيس صحيفة سياسية تماماً) وطفق ميرغنى يهاجم الأحزاب الأخرى ويعرى قادتها التاريخيين للرأى العام وهذا قبل تأسيس حزبه الذى بدأ للتو يتخلق فى رحم أحلام ميرغنى الوردية..ونحن فى بلد اذا غضب أحدنا من الآخر يقول له:(يا ود الحرام) وحالة ميرغنى العرضية هذى لا تشبه تجربة المحجوب عليه الرحمة بأدبه وابداعاته وخبرته السياسية وتخصصاته المختلفة ,وقبل كل شىء اسمه الذى نقشه بجدارة على سطور تاريخنا السياسى ,لذلك كله أراه محقاً فى مقولته الشهيرة:(سيعرفنى قومى بعد موتى وسيبكون على كثيراً..أنا المحامى..أنا القاضى .. أنا الاديب.. أنا المهندس)وان لم يقل شيئاً فيكفى المحجوب (مسبحتى ودنى) و(موت دنيا)ولم يدر يومها المحجوب بأن الدنيا لم تمت إلا فى أيامنا البئيسة هذى, ليس من وجه شبه مابين المحجوب وعثمان ميرغنى فالآخير يعانى من تضخم الذات بينما الأول تميز بالسيرة الضخمة وهو من أعجز الفرنجة فى لغتهم عبر جلسات الاممالمتحدة متحدثاً بإسم العروبة لا لأنه أعلمهم وأفقههم ,بل لأنه الوحيد بين ممثلى الوطن العربى من يجيد الإنجليزية كأهلها فى لندن وويستمينستر وويلز كذلك,وفيما يلى خبر شروع ميرغنى فى تكوين حزبه السياسى الذى اوردته صحيفة الصيحة فى حينه ... شرع رئيس تحرير صحيفة "التيار" المهندس عثمان ميرغني في تكوين حزب سياسي جديد، مع عدد من الشخصيات القومية وبعض قيادات الأحزاب الأخرى. ونقل محرر الشؤون الحزبية ب(الصيحة) الهضيبي يس، عن "ميرغني" قوله امس، إن دواعي إنشاء الحزب الجديد برزت كنتاج لقراءة دقيقة ومتأنية للواقع السياسي، في ظل فشل الأحزاب والتنظيمات السياسية الموجودة في حل أزمات البلاد، بالإضافة إلى عدم الاتعاظ من التجارب السابقة وتكرار الأخطاء التي أوقعت السودان في العديد من المشاكل والأزمات" ولفت "ميرغني" إلى أنه لم يتم الاتفاق على اسم للحزب إلى الآن، بيد أنه أشار إلى أن اجتماعاتهم مستمرة لإنشاء الحزب، منوهاً إلى أن اجتماعاً سيعقد خلال الأسبوع الجاري بين الشخصيات المؤسسة، مؤكدًا انضمام شخصيات قومية وكوادر سياسية ومحللين وأكاديميين للحزب الجديد، بهدف إحداث تحول سياسي بالبلاد ومعالجه كافة الأخطاء السابقة قاطعًا بالفراغ من تأسيس الحزب في فترة لا تتجاوز المائة يوم. عثمان ميرغنى مثله مثل اخوانه فى الحركة الاسلامية يعتبرون المنابر الإعلامية (عتبة)و منصة للإنطلاق نحو المنصب فى ظل طموحاتهم السياسية التى لا تحدها حدود وبقيت بعض الاسئلة نختم بها مقالنا :ماهى الإصلاحات التى أحدثها الناشر عثمان ميرغنى داخل صحيفته التيار..وما هو التطور الذى طرأ على أوضاع محرريها بعد عودة التيار إثر الإيقاف الشهير, ولماذا أبعد عثمان ميرغنى العديد من المحررين الذين وقفوا معه وقفة مشرفة طيلة فترة الإيقاف ولم يطالبوه حتى بحقوقهم الشرعية ولماذا استبدلهم بمحررين آخرين من خارج الصحيفة لا يفوقونهم مهنية أوخبرة؟ فاذا كان هناك تطور ملموس على أوضاع محررى التيار عدا المبنى الفاخر الجديد الملحق بحديقة بديعة تسر الناظرين, فى هذه الحالة نثق تماماً فى إصلاحاته المعلنة فى المشهد السياسى الراهن للبلاد أو سيبقى الباشمهندس عثمان ميرغنى فى متاهته إلى ان يرث الله الارض. ولنا عودة مجدي عبد اللطيف [email protected]