*انفردت " السوداني" على صدر صفحتها الثانية في عدد الثلاثاء أمس الأول بخبر عالمي تحت عنوان"انقلاب أبيض في أستراليا" حيث رصدت من سدني نتيجة الانتخابات الطارئة التي جرت وسط عضوية حزب الأحرار الحاكم التي تم فيها سحب الثقة من رئيس وزراء أستراليا توني أبوت. *هذه التجربة عالية الشفافية داخل حزب الأحرار الحاكم في أستراليا تقدم للأحزب السياسية في بلداننا الإفريقية والعربية درساً عملياً في التداول السلمي للسلطة ديمقراطياً بطريقة سلسة حضارية. *لم يكن مستغرباً ما قام به وزير الاتصالات في الحكومة الأسترالية مالكولم تيرنبول تجاه رئيس الوزراء من ذات حزبه توني أبوت نسبة لتراجع شعبيته وسط انتقادات حادة من جانب منافسه التقليدي حزب العمال‘ وتنامي السخط العام تجاه سياسته المنحازة للرأسماليين وتقليصه مظلة خدمات الرعاية الاجتماعية ورفع نسبة الضرائب وتشدده تجاه اللاجئين الجدد. *لايمكن القول بأنه ستحدث تغيرات جذرية في سياسة الحكومة الأسترالية عقب نتيجة انتخابات مساء الإثنين الماضي‘ لأن هذا الانقلاب الأبيض تم داخل حزب الأحرار الحاكم. *ما يعنينا هنا نحن الذين نكثر الحديث عن التداول السلمي للسلطة ونشتكي من "كنكشة" رؤساء الأحزاب الحاكمة والمعارضة هو استلهام هذه التجربة الديمقراطية السلمية لأننا نحتاجها أكثر من غيرنا. *بدأت الأخبار الأولية عن هذا الخلاف عندما ظهر وزير الاتصالات في الحكومة الأسترالية مالكلوم تيرنبول مواجهاً رئيس وزراء الحكومة طالباً منه إما التنحي وتقديم استقالته وإما الدخول معه في تحدٍ انتخابي داخل عضوية الحزب‘ وعندما رفض أبوت الاستقالة كان لابد من إجراء الانتخابات للفصل بينهما. *لم يستغرق كثير وقت وإنما تم استدعاء عضوية الحزب البالغ عددهم 102عضو لاجتماع طارئ حضر منهم مائة عضو ودخلوا في اجتماع مغلق لحسم هذا الخلاف الحزبي. *ظل الإعلاميون والصحفيون يرابطون خارج غرفة الاجتماع في انتظار نتيجة الانتخابات التي لابد أن يعلنها الناطق الرسمي الذي يختار من داخل الاجتماع وليس أي عضو آخر‘ ولم يطل انتظارهم فقد خرج الناطق الرسمي ليعلن نتيجة الانتخابات التي جاءت لصالح مالكلوم تيرنبول الذي حصل على 54 صوتاً مقابل 44صوتاً لتوني أبوت. *هكذا شهدت أستراليا انقلاباً أبيض دون معارك إعلامية أو تراشق بالألفاظ قدمت لنا وللدول العربية والإفريقية تجربة عملية حية في كيفية التداول السلمي الديمقراطي للسلطة بشفافية وسلاسة حضارية. [email protected]