تابعت الاعلامين والمثقفين العرب صمتهم المطبق حيال المشهد السوداني منذ اكثر من عقد بذات المنهجية ولم يستيقظ الضمير العربي من ثباته العميق حتي الأن وظل النخب السياسية والمثقفين العرب صامتين صمت القبور عما يرتكبه النظام السوداني من أعمال وحشية وجرائم مروعة في حق الشعب السوداني لم يرتكبه المغول ولا النازيين في معاركم الأشد ضراوةً ، وفي تقديري مرد ذلك الصمت المطبق والغياب الدائم عن المشهد السوداني يعود الي منطق عنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً وسياسة دفن الرأس في الرمال التي يتشبع به هذه النخب من جهة ، وقلة اهتمام المثقفين العرب بالشأن السوداني كونها دولة الهامش العربي خارج دائرة الأهتمام العربي من جهة ثانية ، وإنعدام المعرفة الكاملة عن السودان وشعبة وقضاياه في الفكر العربي وعدم تكبًد العناء والمشاق للخوض في غمار البحث والتقصي والحفر المعرفي لسبر أغوار الواقع السوداني من جهة ثالثة فضلا عن قلة دراسات وبحوث التي تساير الوضع في السودان بعيون الحقيقة وتلك التي تقوم على تشريع الجسد السوداني المريض نادرة جدا في العالم العربي إلا نذر يسير وقلة قليلة تكاد لا تروي ظمأ الباحث ولا تخلو من تواطؤ ودوران في فلك النظام الحاكم . ومنذ عقود لم يحتل المشهد السوداني حيزاً واسعاً في إهتمام الأعلام العربي ولا يشغل إهتمام الإعلامين العرب وأولوياتهم وكرس هذا الإعلام على تغييب الأزمات السودانية والجرائم التي يرتكبها نظام البشير من برنامجه ، ذلك الأعلام الذي يحرص على ترسيخ في مخيلتنا ليل ونهار وحشية السلطات الإسرائيلية و مأسي أطفال سوريا والعراق ومعناة العجزة في الفلسطين ولكنه لم يعرض مرة كيف ان الحرب سرقت براءة أطفال دارفور ، وكيف ان قاذفات الإنتنوف حولت حياة العجزة في جبال النوبة الي الجهيم وكيف ان النظام يصطاد بالأسلحة النارية ويستخدم غازات غانقة ومواد مسرطنة وقوة مفرطة لتفريغ شبان عزل خرجوا في شوارع الخرطوم محتجين على سوء الأوضاع في بلادهم . ولكن من بين كل هذه المواقف العربية المخزلة والمتأمرة على الشعب السوداني برز اسم المثقف والإعلامي العربي عبدالرحمن الراشد في سماء السودان كشخصية عربية شغل مأسي السودان حيزاً واسعاً من اهتماماته لينحو منحاً مختلفاً عن أقرانه العرب من خلال قلمه المبدع الذي لامس على دوام معاناة السودانيين مع النظام الغاشم ، وساهم بعلمه وفكره في تشكيل الوعي العربي تجاه قضيايا السودان ، وهو على درجة عالية من الوعي والمروءة والنجدة الحقة وصراحة لا تعرف الخوف تصدى بأيمان راسخ حيال جرائم النظام من منظور إنساني لا يخاف في ذلك لومة لائم . لم يقع عبدالرحمن الراشد في شرك النظام كما طال معظم أقرانه العرب وأدرك في وقتاً مبكر ان النظام السوداني نظام لا لون له والجرائم التي يرتكبها لا تمت بالعرب بصلة ان لم تساهم هذه الجرائم في توتير العلاقات العربية مع الشعوب المحيطة بها . إنحاز الراشد لأكثر من عشرة سنوات الي جانب اهالي دارفور بقلمه ورأيه وهو يصول ويجول جميع دوائر الصراع بأمانة مثلى و بصراحته المعهودة وسود ألاف الصفحات وإنبرع على تدبيج ألاف المقالات رافضا للإبادة التي تتعرض له الشعب الدارفوري مناهضاً لسياسات النظام تجاه هذا الأقليم المنكوب. ان معدن الرجل يتجلي بشكل واضح من خلال مواقفه المشرفة وقد كان صادقا وأمينا في طرحه ورأيه حتي أصبح أسمه الأسم البارز بين أقرانه العرب في نفوس جميع السودانيين ووضعه النظام في قائمته السوداء ولم يمر اسبوعاً إلا وتحدث عن المشهد السوداني مناكفاً الحكومة وتبنى حلول قد تكون إنسانية أكثر من كونها مجرد كلام في الورق ، وقد أسهم بإبداعه ومعرفته ومعدنه الأصيل وإنحيازه لقضايا الحق والعدل في أحياء مأساة الشعب السوداني في الاعلام العربي كتابةً وقولاً وله في ذلك لفتات إنسانية مضيئة تدعو للفخر والأعزاز . شكرا عبدالرحمن الراشد فأنت نصير المظلومين - سير بقلمك المبدع الي الأمام وعين الله ترعاك ..... [email protected]