أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    مليشيا التمرد تواجه نقصاً حاداً في الوقود في مواقعها حول مدينة الفاشر    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واحد من قضاة الجنة
نشر في الراكوبة يوم 23 - 10 - 2015

عثرت علي كتاب من اعداد الاستاذين اسماعيل احمد محمد ووديع ابراهيم وهو مرجع توثيقي لاعمال الانقاذ المخزية من بداية انقلابهم المشؤوم الغادر علي السلطة الشرعية وما أتوه من جرائم بشعة في حق الحكم والمواطنين الأبريآء من الشعب من كل الفئات التي ضمت الأطباء واساتذة الجامعات والمدرسين والمهندسين والعمال ورجال الأعمال والمزارعين والسياسيين والنساء وطالت حتي القضاة والمحامين والعسكريين ولم يسلم أحد من الاعتقال والتعذيب الذي ابتدعوه في بيوت الأشباح والذي فاق ما كان في عهد الاستعمار التركى في القرن التاسع عشر وهو ما لم يخطر علي بال سودانى انه سيتكرر ثانية ومن حكام سودنيين ليسوا من المستعمرين الأجانب ! والأنكي من ذلك انهم يرفعون شعار الدين الاسلامي ! الحنيف دين العدل والرحمة والأحسان ، وضم الكتاب وثائق تبين ما اقترفه الحكام الجدد من الجبهة الأسلامية القومية أو بالأحري والحقيقة جماعة الأخوان المسلميين باسمائهم المموهة المتعددة من جرائم بشعة ذكرها المعتقلون والمعذبون في مذكرات بعثوا بها الي قادة الانقاذ والمسئولين وعلي رأسهم العميد حينذاك عمر حسن احمد البشير ، ولم يكن للشعب من ملاذ دنيوى للشكوي سوي القضاء السوداني الحر الذي عرف قضاته بالأمانة والتجرد واعتصامهم بالحق والعدالة ، ولذلك كان أول ما اجترحه الانقلابيون هو تحطيم القضاء في مذبحة أحالت مئات القضاة الأكفاء النزيهين للمعاش أو الفصل من الخدمة علي غرار مئات الالاف من العسكريين وموظفي الخدمة المدنية بكلمتين فقط ( الصا لح العام ) وخلاصة ما رأيت أن أأنشره هنا هو خطاب الاستقالة المسببة التي بعث بها قاض الي رئيس الدولة العميد عمر البشير في بداية انقلابهم علي السلطة الشرعية ، وهذا يعزز يقينى بأن الشعب ما زال بخير ودليل علي شجاعة وتجرد ونزاهة هذا الرجل الذي قال كلمة الحق في وجه سلطان جائر مضحيا" بمنصبه الرفيع ومورد رزقه ، والخطاب ضاف وشامل وطويل ،وارجو أن يسمح المجال المحدود في الصحيفة وادارتها بنشره كاملا" وهو منشور في وثائق الكتاب الذي عنوانه (الأنقاذ .. الأكذوبة .. الوهم ) ،وساورد الخطاب هنا
كتب مولانا عبد القادر محمد احمد عبد الرحيم قاضي الدرجة الأولي ، بعد البسلمة
السيد رئيس مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطنى الموقر
بوساطة رئيس القضاء الموقر
بوساطة للسيد رئيس الجهاز القضائي بالعاصمة القومية الموقر
قال تعالي ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشآء ) صدق الله العظيم
آرجو في البداية أن أؤكد لكم يا سيادة الرئيس اننى لا آخاطبكم من باب اختلاق البطولات فنحن نعيش في وطن كلهم آبطال ، ولا اخاطبكم مدعيا" الشجاعة فهذه يفترض أن تكون من شروط تولي القضاء ، ولا اخاطبكم من باب المشاركة في الفعل السياسي فآنا أؤمن ايمانا" مطلقا" بأن من يختار العمل في سلك القضاء ينبغي عليه أن ينأى عن الخوض في امور السياسة . اننى أخاطبكم يا سيادة الرئيس في أمر من الأمور التي أصبح السكوت عليها فيها احتقار لشخصي كقاضي تقع عليه التزامات مهنية واخلاقية وقد نهي الرسول غن احتقار النفس بقوله ( لا يحقرن أحد نفسه بأن يرى أمرا" لله فيه مقال فلا يقولن فيه ) . لقد وقع منكم ظلم يا سيادة الرئيس والظلم أمر لله فيه مقال وبالتالي لابد أن نقول فيه انقيادا" لما قرره رسول البشرية وما أكده من بعده الفاروق بقولته الشهيرة ( لا خير فينا ان لم نقل كلمة الحق للحكام اذا لم يقبلوها ولا نجاة للجماعة الا بذلك ) ، لقد اصبح قدرنا منذ أن رضينا العمل في القضاء أن نرقب ما يدور في بلادنا علي المسرح اليياسي العام في صمت وتجرد لا نجهر في وجه الحكام بكلمة الحق الا فيما يمس امور السلطة القضائية ، قناعتنا في ذلك أن استقلال القضاء لن يتحقق ما لم ينأي القضاة انفسهم عن الخوض في شئون سلطات الدولة الاخري آملين يسود مبدأ المعاملة بالمثل بين سلطات الدولة الثلاث ولكن اتضح لنا جليا" انكم يا سيادة الرئيس ومنذ قدومكم للسلطة في 3061989 قد بادرتم بخرق هذا المبدأ بتدخلكم الصريح في شئون السلطة القضائية تدخلا" افقدها استقلالها وسلبها كرامتها وأقعدها عن ادآء دورها المنوط بها وقبل أن أبين أوجه هذا التدخل أرجو أن أوضح الحقائق التالية : أولا" هناك من يعتقد خطأ" وهناك من يروج عن قصد بأن حديث القاضي عن استقلال القضاء يعنى ولوج القاضى في أمور السياسة وفي ذلك خلط واضح بين مفهوم العمل السياسي ومفهوم العمل المهني ، فالعمل السياسي العام يهدف الي نيل المطالب والحقوق العامة وقد يكون من بينها المطالبة بشكل معين للحكم ، اما العمل المهني فهو نيل مطالب مهنية بحتة ، فنحن في السلطة القضائية ننادي باستقلال القضاء كمطلب مهني تحتمه واجبات الوظيفة وعلينا واجب رفع هذا الشعار في ظل كل الحكومات أيا" كان شكل الحكم لأن أي حكومة في نظر القاضي لا تخرج عن كونها شخصية اعتبارية لها ما لها من حقوق وعليها ما عليها من واجبات
ثانيا" ويرى البعض انه لا يوجد سند للحديث عن استقلال القضاء لآن هذا المبدأ كان منصوصا"عليه في دستور السودان الانتقالي لسنة 85 الذي تم الغاؤه ، وهذا قول مردود عليه ذلك ان استقلال القضاء لا يبحث له عن سند في الدستور أو القانون فقد أصبح من مبادئ العدالة الطبيعية المطبوعة في وجدان الامم ، ولهذا نجد انجلترا تنعم بقضاء مستقل طوال القرون الثلاثة الأخيرة علما"بانه لا يوجد دستور مكتوب
ثالثا" يرى البعض ان بعض انظمة الخكم قد تحتاج بغرض تثبيت اقدامها الي الحد من من استقلال القضاء ، وهذا اعتقاد خاطئ ، فبالرغم من ذلك يحدث فعلا" في التجارب العملية المعايشة الا النه لا يتم في اطار نظرية قانونية معترف بها في فقه القانون الدستوري وعلي العكس فأن فقهاء القانون الدستورى يرون في وجود سلطة قضائية مستقلة ركيزة من ركائز الدولة المتحضرة صاحبة الحق في تبؤ مقعد غضوية المجتمع الدولي الحديث ، وذلك مرده ان القضاء المستقل لا يعني وجود جزيرة معزولة داخل الدولة تهدد بقاء الحكم فالسلطة القضائية شأنها شأن السلطات الأخري تخضع من ناحية الأشراف العام لسلطات السيادة مدنية كانت أو عسكرية ، أولا" أن استقلال القضاء يعني : أن تكون ولاية القضاء مقصورة علي السلطة القضائية ، ثانيا" أنه ليس لأي سلطة تنفيذية أو شرعية حق التدخل في اعمالها الأدارية ، ثالثا" أن يكون القضاة مستقلين في اعمالم القضائية ، رابعا" أن تتولي السلطة القضائية متمثلة في مجلس القضاء العالي مهمة تعيين القضاة وترقيتهم ومحاسبتهم وفصلهم وفقا" لقانون السلطة القضائية ، كما تتولي أجازة ميزانيتها واذا كان ذلك يحدث في شكل توصية لرئيس الدولة الا أن دوره لا يخرج عن كونه دورا" سياسيا" بحتا" باعتبار أن له سلطة الاشراف العام . أن هذه المرتكزات الأساسية هي الضمانة الوحيدة لوجود سلطة قضائية مستقلة خليتها قاض عادل مجرد شجاع أمين نزيه وصادق بما يمكنه من الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الافراد بعضهم البعض وبين الافراد والحكومة وبين اجهزة الدولة المختلفة وقبل ذلك يكون في مقدوره حراسة الدستور والحقوق الواردة فيه ، وهذا معناه ان القضاء المستقل فيه ضمانة للجميع خكاما" ومحكومين علي حد سواء ، وهذا ما فطن اليه ساسة العالم قبل ثلاثة قرون خلت ، رابعا" اننا بالرغم مما اصابنا من شح في ثرواتنا القومية الا أننا ننعم بتشريعات قانونية تغطى حتي مناحي الحياة العصرية وهي تمثل ثروة قانونية لا تعادلها ثروة ولاأخالكم يا سيادة الرئيس تخالفونى الرأي اذا قلت بأن المخرج في تناول ومعالجة أية مشكلة هو سيادة حكم القانون فهذا أمرفطنت اليه البشرية يوم أن قررت أن تترك حياة الغاب وتعيش في مجتمعات منظمة تدعي الدول . تمسكا" بهذا الفهم وبعقلية قانونية مجردة سأبين أوجه تدخلكم في شئون القضاة .
1 ( المحاكم العسكرية الخاصة )
لقد أعطت المادة 9 من المرسوم الدستورى الأول مجلس الثورة أو من يفوضه حق تشكيل محاكم خاصة تسند اليها المهام القضائية وبالفعل تم تشكيل محاكم خاصة من العسكريين تباشر الان العمل القضائ في شتى مدن السودان . لقد جردتم بذلك يا سيادة الرئيس السلطة القضائية من اختصاصها الأصيل وتم ذلك علي أنقاضالمادة 8 1 من قانون السلطة القضائية لسنة 1406ه ونصها : ( تكون ولاية القضاء في جمهورية السودان لسلطة منفصلة ومستقلة تسمي السلطة القضائية )لقد وضعت هذه المادة لتحمى الانسان حقه في أن يحاكم وتحل نزاعاته أمام قضاة مؤهلين ومستقلين ومجردين ، فكيف يكون السادة رؤساء واعضاء المحاكم الخاصة مؤهلين وهم لم يتلقوا دراسات قانونية ولم يتدربواعلي فن وادب القضاة ! كيف يكونوا مستقلين وانتم الذين قمتم باختيارهم وهم لا يخضعون للسلطة القضائية حتي بعد اختيارهم ! كيف يكونوا مجردين وبعيدين عن الميل النفسي وسيادتكم تعلنون بأن المحاكم الخاصة هي اليد العليا للثورة ، أن المحاكم لم تقم علي أنقاض المادة 8|1 من قانون السلطة القضائية فحسب بل تعد انتهاكا" صريحا" لحكم المادة 14 من الميثاق الدولي للحقوق المدنية الذي أقرته عام 1976 من الأعلان العالمي كجزء من الأعلان العالمي لحقوق الانسان ووقع عليه السودان في 18|2|1986 وتنص هذه المادة غلي حق الانسان في أن يحاكم أمام محكمة محايدة .
أن توقيع السودان علي هذه المواثيق يعنى أنها أصبخت جزءا" من قوانينا الداخلية وقد أعلنتم يا سيادة الرئيس في أول بيان لكم احترامكم والتزامكم بكافة المواثيق الدولية والاقليمية فلماذا عدتم وخالفتم هذه المواثيق يا سيادة الرئيس !
_2 تعيين القضاة وعزلهم
لقد نصت المادة 6ج 6 |من الدستور الانتقالي من المرسوم الدستوري الثانى علي حقكم في انهآء خدمة أى موظف عام بمن فيهم القضاة كما نصت المادة 3ز من المرسوم الدستورى الثالث علي حقكم في تعيين رئيس القضاء ونوابه وبقية القضاة بكافة درجاتهم . أن من أهم ضمانات وجود قضاء مستقل هو أن لا يكون لأي جهة خلاف السلطة القضائية دور في تعيين القاضي أو عزله ، ليس هذا فحسب بل يجب أن يكون القاضي محصنا" ضد العزل حتي يؤدي عمله دون خشية أو محابآة وقد حرص المشرع السودانى علي تقرير هذه المعانى حيث نجد المادة 72 من قانون السلطة القضائية لسنة 1406 ه قد حصرت انتهآء حدمة القاضى في الآتي :1( ) العزل ، بموجب المادة من الدستور ثانيا" الاستقالة ثالثا ب التقاعد بالمعاش
المادة 124|2 من الدستور الانتقالي كانت تنص علي عدم جواز عزل رئيس القضاء أو نوابه أو قضاة المحكمةالعليا الا بقرار من رأس الدولة بنآء علي توصية من ثلثي مجموع اعضآء مجلس القضاء العالي وقضاة المحكمة العليا وقد جاءت المادة 46 من قانون السلطة القضائية لتضع المزيد من الضمانات في كيفية تطبيق المادة 124|2 من الدستور الانتقالي .
مجمل القول وكمبدأ عام لا يجوز عزل القاضي فيما عدا رئيس القضىآء ونوابه وقضاة المحكمة العليا بالشروط والضمانات السابق ذكرها .
في احدي لقاءآتكم بالجالية السعودية بالمملكة العربية السعودية ذكرتم يا سيادة الرئيس أن السلطة القضائية فشلت في القيام بدورها في حماية الدستور . أننا نحمد لكم أيمانكم بدور السلطة القضائية في حماية الدستور ولكن صدقني يا سيادة الرئيس أن العلاج الوحيد لهذا الفشل هو وجود سلطة قضائية مستقلة قوامها قضاة شجعان ومجردىن ولن يىكون القاضي شجاعا" أو مجردا" اذا كان تعيينه وعزله من أطلاقات الحاكم . بهذا الفهم أقول الآتى : أن تعيينكم للسيد جلال علي لطفي رئيسا" للقضآء دون الرجوع لمجلس القضاء العالي فيه أهدار لاستقلال القضآء ولا مجال للقول بأن دور مجلس القضاء قد انتهي بالغآء الدستور الأنتقالي ، فهذا الدور من ضمانات وجود سلطة قضائية وهذه مسألة لاتحتاج الي وجود نص في الدستور أو القانون وتأكيدا" لهذا الفهم الحضاري فقد تم اختيار رئيس القضآء السابق بواسطة قاعدة القضاة ثم رفعت التوصية الي رأس الدولة بواسطة مجلس القضاء العالي ، لقد تم يا سيادة الرئيس في الفترة الأنتقالية في وقت كان فيه أيضا" دستور السودان معطلا" .
لقد جانبكم التوفيق يا سيادة الرئيس حتي في اختيار الشخص المناسب لشغل هذا المنصب فمع احترامنا للسيد جلال علي لطفي كرجل من رجال القانون الا أنه ترك مهنة القضآء قبل حوالي عشرين عاما" وبالتالي يستحيل عليه أن يسوس أمور هذا المنصب الحساس عن علم ودراية ، فما أن جلس علي كرسيه حتى وجد حوله شلة من صغار القضاة من أصحاب الغرض الخاص ، لكنهم تمردوا علي سلوك واخلاقيات مهنتهم فجعلوا من مكتب السيد رئيس القضآء غرفة عمليات تحاك فيها الدسآئس ضد القضاة بخيوط ألأقآويل والأنطباعات الخاصة ، ثم يخرجون منها ليلوحوا في وجه البعض بكشف رفديات أو تنقلات مرتقب من باب التهديد وليهمسوا في أذن البعض بكشف ترقيات مرتقب من باب الأغرآء وللأسف نجحوا في أغتصاب شجاعة وكرامة البعض فأنهارت السلطة القضائية أنهيارا" لم يشهده التاريخ بمثل هذا يا سيادة الرئيس ! لا حول و لا قوة ألا بالله .
أن قراركم رقم 33|89 بتاريخ 20|8|89 والقاضي باحالة سبعة وخمسين قاضيا" للتقاعد بالمعاش أستنادا" علي المادة 6ج6 من المرسوم الدستوري الثالث ، هذا القرار جانبه التوفيق لا من حيث فيه اهدار لاستقلال القضآء فحسب بل أنه معيب من حيث الصياغة القانونية وغير موفق في ناحيته الموضوعية .
فمن حيث الصياغة القانونية : فيما يتعلق باستحقاقات القضاة الذين شملهم القرارأاشرتم الي نص المادة 47 من قانون السلطة القضائية مقروءة مع نص المادة 2611 من قانون معاشات الخدمة العامة لسنة ج لسنة1975 فاذا رجعنا الي المادة الأخيرة نجدها تنص علي الآتي : ( يجوز ان يحال الي التقاعد في أي وقت أي موظف في الخدمة المعاشية في أي من الحالتين ألآتنيتين ( أ ) أذا ألغيت الوظيفة التي كان يشغلها الخ ، السؤال الذي يطرح نفسه : هل تم ألغآء الوظائف التى كان يشغلها القضاة ؟ الأجابة قطعا" لا لأن الوظائف القضائية محكومة بالجدول ألأول الملحق بقانون السلطة القضائية لسنة 1406 ه والذي يوضح العدد المطلوب من القضاة في كل درجة من الدرجات القضائية ، ومعلوم أنه حتى هذه اللحظة لم يحصل تقليص للوظائف الموجودة في الجدول المذكور وعلي العكس فأن باب التقديم والتعيين في السلطة القضائية مفتوح الان بالنسبة لكل الدرجات ، وكان نتيجة هذا الخطأ القانونى الذي لازم قراركم يا سيادة الرئيس أن القضاة الذين شملهم القرار لم يستطيعوا حتى الان الحصول علي حقوقهم المعاشية لأن سلطات المعاشات عجزت عن تكييف وضعهم القانونى وهذا يرجع الي أن سلطات المعاشات بالفعل أمام مشكلة قانونية صعبة الحل لأنها مشكلة ناتجة عن الخروج عن سيادة حكم القانون ولا يتصورون حلها حلا" صحيحا" ألا بالرجوع لسيادة حكم القانون .
أما من حيث الموضوع :
فقد صدر القرار 33 89 تحت شعار محاربة الفساد الذي رفعته ثورة الأنقاذ وقد أعلن السيد رئيس القضاة عبر الصحف الذين شملهم القرار منهم من كان سيئ السلوك ومنهم من كان عديم الكفآءة ، وهذا قول مرفوض لسببين : أولهما أن المواد من 52 حتي 69 من قانون السلطة القضائية تتحدث عن أسس تفتيش القضاة وتقويم أعمالهم ومحاسبة سلوكهم ومن بين العقوبات التي يمكن توقيعها عليهم الفصل من الخدمة ، فاذا ما كان ما ذكره السيد رئيس القضاة صحيحا"لماذا لم يحتكم الي هذه المواد ! ثاانيهما : رغم انكم يا سيادة الرئيس بتوقيعكم علي القرار 33 89 اصبحتم مسئولين عنه مسئولية قانونية الا أنني وبطبيعة عملي أعلم أن النتيجة القانونية قد تخالف أحيانا" الحالة الواقعية ، لذلك فأنني أفترض بأنكم وقعتم علي هذا القرار وفي ذهنكم صحة ما ذكره السيد رئيس القضآء في حق القضاة الذين شملهم القرار ولهذا أرفقت لكم قرين هذه المذكرة صور من شهادات خبرة وسلوك بعض القضاة الذين شملهم القرار ومن خلالها يتضح لسيادتكم حسن السير والسلوك هو القاسم المشترك وأن أداءهم القضائ لا يخرج من درجة جيد أو جيد جدا" . أن ما ورد في هذه الشهادات هو من واقع الملف السري الخاص بكل قاضي ولاندرى من واقع أي ملف أتي السيد رئيس القضاء بهذا الأتهام الخطير ، أن السيد رئيس القضاء لم يطلع علي ملفات القضاة كما أدعي وما يؤكد ذلك أنه فوجئ بمحتوي هذه الشهادات لأنها تناقض ما صرح به فقد أمر بألا ترسل أوراق القضاة للمعاشات ما لم يقم القضاة باعادة الشهادات التي استلموها . أهذه تصرفات رجل أختير ليرأس من أنيط بهم تحقيق العدل بين الناس! أنني لم أقدم هذه الشهادات للدفاع عن مجموعة من القضاة الذين شملهم القرار دون غيرهم ولكن هذه الشهادات تكفي القول بوجود شك حول صحة ما قيل في حق كل القضاة الذين شملهم القرار وبالتالي العدالة تقضي أن يسود فيهم جميعا" حكم القانون بأن يكون لكل منهم حق معرفة ما أثير ضده ثم حق الدفاع عن نفسه فنحن في السلطة القضائية أحرص من غيرنا علي أجتثاث الفساد .
لقد كان مدهشا" وغريبا" يا سيادة الرئيس أن يخاطب رئيس القضاء قضاته غبر الصحف بألا يضطروه لمزيد من كشوفات العزل ! أهكذا وبكل بساطة أصبحت أمور السلطة القضائية يحكمها المزاج الشخصي ! أن هيبة ووقار المنصب يفترض أن تبعد السيد رئيس القضاء عن مثل هذه التصريحات .
أخيرا" يا سيادة الرئيس ورغم كل ما ذكرت غن ما لحق بالسلطة القضائية فأن الكثيرين من رجالها الأوفيآء لا زالوا منتظرين متفائلين بسلطة قضائية مستقلة . أنهم يا سيادة الرئيس رجال مخلصين لهذا الوطن يجري حبه في دمائهم فلا تخيبوا أمالهم . وبدوري لا أجردكم من فضيلة العدل والرجوع الي الحق فان كسري قد عدل ذات مرة وانت أحق بالعدل من كسري أنو شروان فاعدلوا يا سيادة الرئيس ودون عدلكم استقالتي بين ايديكم فأرجو قبولها استنادا" لحكم المادة 73|2 من قانون السلطة القضائية لسنة 1406 ه .
والله من ورآء القصد وهو المستعان
محكمة الخرطوم الجزئية
عبدالقادر محمد احمد عبدالرحيم
اقاضي الدرجة الأولي
ا قال رسولنا محمد ( صلعم ) القضاة ثلاثة أثنان في النار وواحد في الجنة ، رجل عرف الحق فقضي به فهو في الجنة ،ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار ، ورجل لم يعرف الحق فقضي علي الناس علي جهل فهو في النار ) فليتبوأ كل واحد من قضاة الأنقاذ مقعده وله أن يختار بين الجنة أو النار ولا خيار ثالث له ، فليس هناك تحلل من الظلم والفساد ولا خشية من حاكم عسكري متجبر ظالم كالبشير كاد أن يقول كفرعون أنا ربكم الأعلي ، فهناك بعض قضاة الانقاذ يخذلون العدالة باخكامهم الجائرة ويهزمون الحق وينصرون الباطل ويخالفون القيم الأنسانية .
هلال زاهر الساداتي 22102015
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.