اعترى الكثيرون مؤخرا اثر وفاة الترابي، ما يشبه الانفعال الغامض الذي لايمكن توصيفه او تحديد معانيه.. وفي الحقيقة رغم مشاعر الندم التي حاول هذا الغموض اخفاءها، الا انها تظل محسوسة وهي تختبيء حيية خلف عبارات مثل: (اللهم لا شماتة)، و (لا شماتة في الموت).. هؤلاء الذين سودوا الصفحات، يدركون ان غالبية ما سردوه لا يتعدى حدود الكتابة المجانية، عندما تقودهم اقلامهم للكتابة عن ماثر كان الرجل خلوا منها. فالرجل رغم تمتعه بذكاء كبير، الا انه كان ذكاء سلبيا وشريرا واجراميا، اثمر مشروعا مدمرا نال من الجغرافيا وانسانها، وعاد بالسودان الى منطقة مظلمة من التاريخ، لم تكن يوما جزء من سياق تاريخه!! والفتاوى التي شغل بها الرجل الناس، مظانها محض استلهام لعهود الانحطاط الاسلامي، بصراعاته التي انشغلت بمثل (هل يبطل الوضوء الدخول من فم البقرة والخروج من دبرها!!) وهي عهود لم يكن مسار الحضارات السودانية جزء من خبالها وعبثها!!.. الرجل كان سياسيا متامرا، ضد وحدة وطنه ورفاهيته وسلامه الاجتماعي وتعايشه وقبول مواطنيه ببعضهم البعض،على اختلاف سحناتهم وعقائدهم وثقافاتهم، فكيف لا شماتة في انكسار (مرق) بيت الغول؟ كيف لا شماتة وقد مثل الرجل محور تماسك اتباعه و(امينة) بيت الاسلام السياسي و(جبارتو)؟؟.. اللهم شماتة ثم شماتة!! ورغم ادعاء جماعته بوحي افكاره، انها لن تسلم السلطة الا عند قيام الساعة، هاهو يمضي دون اساطير اعتادوا صناعتها.. فلا رائحة مسك، ولا رؤى حور يرفل بينهن، ولا يحزنون.. ولا ملائكة باغتوا اطباء رويال كير وحملوه باجنحتهم الخضر الى سدرة المنتهى، ثم اعادوه الى سريره الابيض ليرقد رقدته الاخيرة، بريئا حالما كطفل وديع!! لا اساطير البتة، مضى الرجل كاي شخص من غمار الناس، فمن هول الصدمة لم يفق اتباعه لتاليف القصص والحكايا الخارقة! كل ما كتب بعيد وفاة الرجل من قبل اعداء مشروعه، لا يتجاوز في ظني حدود الكتابة في مقام الندم على الفشل في محاكمة الرجل حيا على ما ارتكب من جرائم فادحة، سيظل السودان يدفع ثمنها الباهظ لعشرات الاجيال القادمة! وبما اننا فشلنا جميعا في محاكمته حيا، فلنكن جادين في النجاح في محاكمة اتباعه ومشروعه الذي لا يزال حيا يمشي على قدمين النظام الحاكم ودعاوى المنظومة الخالفة وقوى المستقبل المزعومة، الى اخر البؤس الذي ينبغي ان توضع له نهاية. اللهم شماتة! [email protected]