من يرسم صورة الزعماء العرب وربما الافارقة معهم، كما كانت في السيتنات والسبعينات وربما الثمانينات، لن يجدوا صورة اكثر جمالاً وبهاءاً من صورة الزعيم المصري جمال عبدالناصر. كان صوت عبدالناصر ينبعث هادئاً ورزيناً: "كان الشعب المصري رائعاً كعادته، اصيلاً بطبيعته،...الخ ويتواصل غزل القائد في شعب مصر:"ان الشعب المصري العظيم لقادر علي صنع المعجزات.. الخ" من يكتب عن تلك الحقبة الفذة وابطالها الكبار محمد احمد محجوب وعبدالخالق محجوب والامير عبدالله عبدالرحمن نقدالله وحسن الطاهر زروق ومبارك زروق ومولانا محمد احمد المرضي وجوموكنياتا ومحمد ابراهيم نقد وليوبولد سنقور، وجوزيف قرنق وجون قرنق هذا علي سبيل المثال لا الحصر.. تنبعث ذكريات تلك الفترة الفذة في الصحافة والادب والسياسة والشعر وابطالها الكبار: محجوب عثمان ومحجوب محمد صالح واسماعيل العتباني وعلي حامد واحمد يوسف هاشم وامين التوم والتجاني الماحي ومحمود محمد طه والتجاني يوسف بشير الي اخر قائمة اولئك العظماء. وبالرغم ما كل ما كتب عن هؤلاء يكون التاريخ في مرحلة البدايات: الاصالة في الحضارة العربية والافريقية الحديثة. وقبل هؤلاء كانت نماذج الحضارة قليلة جداً، وبعدهم قلت هذه النماذج اكثر فاكثر. غرق الجميع في التعصب والحزبيات وضيق الافق الا من رحم ربي، غرقوا في التخلف خاصة وفي البؤس والانانية والخواء الروحي. ان المتمعن اليوم في الماضي القريب لايجد منهم من اضطر الي الهبوط في الحضيض حين كانوا يمارسون المسئولية السياسية والفكرية والعلمية، بينما نجد بين جيلين او ثلاثة وبعد ان اعطي اولئك ظهروهم وغادروا الحياة ان الانحدار في تحمل القيادة وتحمل المسئولية قد اصبح هو القاعدة، بينما كانت علي ايام من سبقهم هي الاستثناء. والسؤال الذي يطرح نفسه هو الذي يحملنا علي التفكير: لماذا تبدلت القيم والاساليب وفنون الحكم في زمان نحن فيه اشد مانحتاج الي الارتقاء الي الاعلي وليس الهبوط الي درك الجحيم، رغم النيران التي صلت الارواح والاجساد وقد تقلبت فيها.اذا كان لاسلافنا عنفوان وشمم وارتفاع في ذري النفس وهذا ما يسجله لهم التاريخ باحرف مضيئة. لقد كان اسلافنا كباراً في التحليق في عوالم ارفع حين يرتفعون في كل شئ، وكانوا كباراً اذا كبوا.. ولهذا السبب وغيره عمدوا فصلاً مهماً من تاريخنا، يكبر ويتمدد.. فماذا نقول لاجيالنا الحديثة والقادمة.. بل للتاريخ لماذا ادلهمت الظلم وتبدد الشمل، فاذا الملاء خلاء والامل ذكري. يا ايها السادة:" الوطن يحترق فتذكروا سيرة تلك الاجيال