أحداث كردفان لم تكن مجرد عنف .. بل كانت إحدى الملاحم الاسطورية في التاريخ الحديث للسودان .. يجب أن تكتب ويؤرخ لها في صفحة البطولة والبسالة والتضحية .. أحد الرفاق من أبطال معركة الكرامة والحرية يحكي لي .. في تمام الساعة الرابعة صباحا بدأت الهتافات تعلو في داخلية الطلاب ((وحدة قوية طلابية ضد العسكر والفاشية )) كان حينها قد وصل مئات الطلاب من مجمع خور طقت وهم زاحفين بأرجلهم من هناك حتى الداخلية ومن يعرف مدينة الابيض يعرف ان المسافة طويلة بين خور طقت وداخلية السنتر .. فقد ظلوا يزحفون لمدة تقارب الساعتين حتى وصلو داخلية السنتر .. أقيمت مخاطبة في داخلية السنتر .. جموع الأبطال تهدر كالاسود .. متراصين كالبنيان المرصوص .. الحناجر كالخناجر .. القلوب يملأها الثبات والايمان .. تحرك جمع الأبطال في ظلمات الليل وجوههم تنير لهم الطريق ..التضحية تسبق خطاهم .. قصدوا الجامعة فدخلوها هاتفين .. تجمعوا واقاموا مخاطبة ثورية .. أتفقو أن لن يرجعوا .. جهزوا قائمتهم الانتخابية لخوض إنتخابات طلاب جامعة كردفان .. تراصوا كالبنيان المرصوص تقدموا نحو دار الاتحاد .. هناك كانت العشرات من بكاسي المليشيات في إنتظارهم .. هتفوا حتى اهتزت الجامعة من هتافهم .. بعض افراد المليشيات في الأمام تراجعوا وهربوا ليختبئوا خلف سياراتهم .. اترصت بكاسي المليشيات في خط مستقيم .. أضاءوا أنوار سياراتهم في وجوه الطلاب وكأنه عمل سينمائي من أعمال هوليوود .. واطلقوا قنابل الملتوف الحارقة .. والطلاب يتقدمون .. فقاموا بتعمير كلاشاتهم ومسدساتهم .. والطلاب يتقدمون .. أطلقوا الرصاص في الهواء .. والطلاب يتقدمون وهم يهتفون .. ويشد اذر بعضهم بعضا .. إن أركزو ياطلاب .. ويتقدمون .. وعندما أصبحت المسافة بينهم والطلاب الابطال أقل من ستة أمتار .. بدؤوا في إطلاق الرصاص الحي على الطلاب .. وابل من رصاص الحي من البنادق والمسدسات والرصاص الماطي .. سقط الكثير من الجرحي بين صفوص الطلاب .. لم يهربوا .. بل تراجعوا لاخلاء الجرحى والمصابين .. أخلوا جرحاهم ورتبوا صفوفهم ثم عادوا من جديد .. متراصين ومتماسكين ويهتفو بأعلي أصواتهم .. ومرة اخرى عندما إقتربوا من المليشيات .. أُطلق عليهم الرصاص من جديد وهذه المرة بكثافة وبتركيز .. وفي هذه المرة سقط الكثير من الجرحى وحينها إستشهد الطالب أبوبكر برصاصة مباشرة .. حينها حدثت المواجهات المفتوحة .. بين الكر والفر .. التي إستمرت لمدة ساعتين في الجامعة .. ولولا خروج الكثير من الطلاب مع المصابين وهم كثر لإسعافهم ونقلهم للمستشفى لما خرجوا من الجامعة .. ألف قصة بطولة حدثت هنا .. كانو أبطالا حتى انهم فاجأوا أنفسهم بالبطولة قبل المليشيات الغادرة .. يا الله لله دركم يابواسل .. أعدتم لنا أساطير البطولة والبسالة والثبات .. ذكرتمونا معارك اجدادنا في شيكان وكرري وام دبيكرات .. وسننتصر لامحال مادام بيننا الابطال الميامين وحنصليك يافجر الخلاص حاضر .. المجد للشهداء الشفاء العاجل للمصابين والحرية للاماجد المعتقلين .. فيسبوك