تقطع الكهرباء في الخرطوم دونما سابق إنذار،بينما يدفع الناس قيمتها مقدماً ومعها المياه وإيجار العداد،ورسوم أخري لا تفسير لها،ولو كانت عائدات الكهرباء توظف لتطوير المحطات الكهربائية واحتياجات التوليد،لما كانت هنالك أزمة تستدعي قطع الكهرباء. وفي قاموس المؤتمر الوطني لا توجد كلمة تسمي الفشل،فالفاشلون في إدارة المرافق الحكومية،هم أعضاء عصابة احترفت السرقة والنهب،لها قانونها الخاص الذي شعاره(أكل وامسح شنبك)،وعلى ذلك النهج يترقي الفاسدون في سلم الوظائف الحكومية. وقطع الكهرباء يعني قطع المياه تلقائياً عن الناس،لأن المياه لا تصل البيوت إلا بواسطة الموتور الكهربائي،وتزدهر تجارة المياه بالكارو باعتباره الحل الوحيد المتوفر،وسعر برميل الموية يصل إلي 60 جنيهاً في بعض الأحيان،وهي مياه ملونة بالطين،وتعج بالطحالب،يشربها الناس لأن مياه الشبكة مقطوعة رغم أن فاتورتها مدفوعة مقدما. ولا تقطع الكهرباء عن المنازل فقط،بل عن الدكاكين والمصانع والمخابز والصيدليات،فتسبب خسائر فادحة،وتلك مسؤولية شركات الكهرباء،بلا أدني شك. وإن عادت الكهرباء بعد ساعات طوال،فإن التيار عالي وغير ثابت،والأجهزة الكهربائية تتلف،خاصة التلاجات،وتلك مسؤولية شركات الكهرباء دون شك أيضاً. وعلى ذكر الشركات،فالكهرباء ظلت تحت إدارة هيئة واحدة منذ أن عرف الناس الكهرباء في بلادنا،ولهذا فالتنسيق محكم بين محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع،ولكن لحكمة فريدة ذات صلة بالسدنة والتنابلة تقسمت الكهرباء بين خمس شركات،فانظر كم صار الصرف الإداري والبذخي،مقابل سوء الأداء الذي يعبر عنه القطع المستمر للإمداد الكهربائي. ومن عجب أن المواطن الذي يدفع ثمن الكهرباء مقدما ولا يجدها مكتوب عليه ان يدفع ثمن العمود كيما تصله الكهرباء،وثمن العداد وأي توصيلات أخري،وكل ما اشتراه من حر ماله يعتبر تلقائياً ملكية لشركات الكهرباء،العاجبو عاجبو والما عاجبو يحلق حاجبو،فانظر للتعسف والحقارة التي يمني بها مستهلك الكهرباء من قبل هؤلاء. وليس من عجب إذا اطلعنا على موازنات الحكومة السابقة،فوجدنا أن عائدات الكهرباء خارج الميزانية،ومعني ذلك انها تذهب لجهات أخرى.ولما كان على رأس شركات الكهرباء متنفذون في المؤتمر الوطني فيمكننا أن نستنتج الجهات الأخري التي تستمتع بأموال الكهرباء. وكما يدور فيلم الكهرباء القاطعة يومياً على شاشة حكومة المؤتمر الوطني،فإن فيلم الغضب المتصاعد يدور بين الجماهير التي لن تحتمل المعاناة بعد الآن،وعندما تنفجر المظاهرات في الشوارع لن تكون المطالب عودة الكهرباء والمياه أو إطلاق سراح المعتقلين،بل كنس النظام وأعوانه،باعتبار أنه سبب كل هذه(المصايب). سخر الشعب في سالف العصر والأوان من نظام المخلوع نميري فردد (الكهرباء جات أملوا الباقات)،حتي وصلت المظاهرات القصر الجمهوري،وفي قادم الأيام يرى السدنة (ما هو ضروري) [email protected]