العنوان الذي يحمله نص المادة التالية راودتني قبله امنيات كثر أولها أن يحمل أسم الشيخ بديلاً عن العجوز ثم خاب ظني .. لأن كلمة الشيخ إذا اطلقتها ستحمل ضمنياً معاني الإحترام والتقدير وكلمة العجوز دلالة على فترة زمنية من عمر الأفراد فكان أن اخترت الثانية ليس تقليلاً أو انتقاصاً من حق المسنين بل للإحالة على الحالة المراد الحديث عنها .. وهي قصة رجل عجوز نأتي على ذكر تفاصيلها لاحقاً.. وكان اختيار المسمى للمقارنة بين تطلعات الرجل وتطلعات جيل كامل وعصر بداء يتكون منذ بداية الألفية الجديدة . لنسمح لأنفسنا بالدخول لعقل العجوز ونلج دهاليزه لنرى كيف يفكر ومن هم انداده ؟، وسنعطى وصفاً لحالته الكاملة وسأبداء من حيث الزيارة الأخيرة التي سجلتها له في داره .. جاء لمقابلتي بعد جلوسي في منزله المتواضع بالنسبة لطبقة متوسطة الحال أو برجوازية صغيرة .. رأيته ينزل درجات السلم رويداً رويداً وبعد السلام لزم الصمت فهو تائه ولا يعرف ماذا يقول وعن أى مواضيع طلبني . الرجل يا سادتي بتزعمه لمعارضة يسارية الهوى في بلاد تتشوق للحرية والإنفتاح على العالم ظن إنه نداً لرأس الدولة الفعلي .. ذاك الرجل الذي نطالع اخباره يزور منشآت البلاد والقابض على مفاصلها، ونحن هنا لسنا في الموضع الذي نعيب فيه على الرجل أن يحلم بالحكم بل لنذكره بأمره وأن المعارضة اليسارية تقابلها أخرى إسلامية ووالله إنها لأقوى وأشد تماسكاً في النهج مما سواها .. وها نحن سمعنا الرجل المقصود بالذكر يخطب فينا وتملاء تصريحاته أوراق الصحف وما نجد فيها غير خواء وحديث مبهم غير ما كنا نرجوه من برامج اصلاحية أو رؤية تحدد لنا ملامح المستقبل القريب . انه والله الشيطان حين يوسوس في قلوب الناس ويسور لهم احلام فوق طاقتهم . لنعد ونرى ما كان من أمر الزيارة التي استغرقت قرابة الساعتين .. كانت زيارة صامتة لا حديث فيها وانى لم أرى في صورة الرجل إلا خيال يصارع في البقاء على سدة معارضة ترسمها خيالاته.. وبعدها حشد قواه وافاقت كل خلاياه النائمة ليراقب كاتبة المقال (مروة التجاني) فكان حرسه وعسسه وجواسيسه يحومون حولى دون هدف باحثين عن مرتجى أو فريسة وقعت في الفخاخ الكثيرة التي نصبوها، هكذا كان أمر معارضة في بلاد حرة .. يا للأسف .. واحسرتاه على عقول وهنت قبل اجسادها. لأشهر طويلة كان الرجل واشباحه يطالعون تقارير خاوية ويتسلون بمراقبة شؤون النساء الخاصة والعامة ضاربين بحقوق الأنسان عرض الحائط .. وكنا لأشهر طويلة نتمسك ب(جورج ارويل وروايته 1984) ، فكنا في حرب بيضاء منتصرين بعقولنا ووالله لسنا من الذين يمدون اياديهم بيضاء وعقولهم خاوية ولا اسلحة يتسلحون بها .. فهذه الأقلام لا يتجاوز سعرها الجنية أو الجنيهين ونحن جندها في ساحة الصراع والنزال الحقيقي.. لم تنتهي هذه الحرب الطويلة فالرقابة وأن أمتد اجلها فنحن نرفع في وجه العجوز أوجه شهدائنا من المشرق للمغرب .. من ناجي العلي إلى آخر الضحايا المدنيين في ثورات الربيع العربي .. ونرفع اصواتنا داخل عقولنا بصوت فيروز وفرق المدن السرية واضوائها .. فأين المهرب ؟؟ لا طاقة لنا في الإطالة .. فهذا مقال صغير يذكرنا ويقارن بين عجوز همنجواي ذاك الذي صارع الطبيعة والرياح والصواعق وحيداً فكان إنتصار الإرادة الحرة و العقل الحر وبين عجوز يقارع الفراغ ويصاحب الأشباح في مرحلة مصيرية من تاريخ البلاد الكبيرة .. الحرة .. الحتطلع شمسها بكرة وأن طال الميعاد. ختاماً سيظل القلم والبارود اسلحة لا غنى لنا عنها .. وإنها لمرحلة الأختيار الذاتي لرؤوس كبرى .. [email protected]