أغريبٌ إن تعلمي .. لي ديارٌ ولي بلدُ .. لي بدنيايا مثلما لهمُ .. لي ماضيٍ وحاضرٌ وغدُ . فهنئنا لروحك وهي ترفرف في حدائق الجنان العُلا بإذن الله الكريم .. شاعرنا الكبير الطيب العباسي قائل تلك الأبيات معتزا بأصله في وجه من أنكرت عليه بلغة التعالي العنصري وهو الغريب في بلادها حتى براءة قبلته التي رفت كفراشِ ملون قريبا من أنف تكبرها ! هل تدري يا شاعرنا الغائب عنا جسداً و الحاضر فينا أبداً .. أننا أيضا صرنا غرباْ مضطهدين ولكن داخل وطننا وقد حرق لصوص هذا الزمان خيمة ماضينا مثلما سرقوا ظلال حاضرنا ورموا في بئر المجهول طوبة مستقبلنا ! ولكن أسواء ما نعانيه في زمانهم .. هي تلك الجهالة التي ضربت أطنابها في كل زاوية من هذا التراب الذي بات مستباحا لهم ولغيرهم في ظل تغييب من يأخذ له بثأره منهم وقد خدروا شعبه بمشاغل الحياة التي أقعدته بعيدا عن التفكر في ماضيه التليد .. وهدته برهق حاضره التعيس .. وسلبته المقدرة على التفكير في غده الثقيل الخُطى! لقد بات يسهد ليلنا الطويل الحالك نقيق أولئك الذين إحتلوا بركة حياتنا التي كانت زلالا حلالا فسمموها ..ولم تعد صالحة ولو لسقيا الأنعام .. وليتهم كفوا عن ذلك الهرُاء الذي صار يقض مضاجعنا ويثقب مسامعنا ! عاد نافع من بياته السلطوي ليتحدث بلغة المن والآذى عن كهرباء عهدهم الدامس وهو أحد الذين إنطفأت على أصابعه الآثمة الكثير من اضواء العيون التي أغمضت في ظلام بيوت أشباحه سيئة الذكر ..! وبينما ترقد فاطمة أحمد ابراهيم في سني ضعفها ضيفة معززة مكرمة عند الإنجليز ... وهي التي إنحنى لها العالم كأول نائبة برلمانية سودانية .. يتم تكريم سعاد الفاتح في أخريات خرفها السياسي و خطرفة وهذيان هوسها وهي أول من دقَ مسمارا في نعش تلك الحياة النيابية .. فكتاب التاريخ لا يكذاب ابدا! وهاهي واحدة من نوائب هذا العهد تسمى عائشة محمد صالح نائبة رئيس برلمان النظام تنحني داخل قبته المثقوبة لتقبل يد سيدها الذي وصفته بسليل الدوحة الشريفة وقد تكرم بزيارة وطنه الثاني بعد غياب مدفوع مقدما من دم من تدعي بأنهم إنتخبوها .. ولو أن حذاء السيد المزعوم القداسة لم يتأفف من كراهة أنفاسها لآكملت دورة الإنحاء وقبلته هو الآخر ..! ولكم أعلت فاطمة في زمان العفة البرلمانية .. كرسي النيابة عن مؤخرة كل وضيع ! ياترى ونحن لا زلنا نسد الأنوف في أروقة ذلك المبنى الكئيب ..إن كانت عفاف تاور لا زالت تفكر في تفجير نفسها لقتل عرمان والحلو وعقار .. البعيدين عن متناول إنتحارها الذي حدث بالفعل منذ أن تركت أهلها وأطفالهم في هيبان نهبا لبراثن ولي نعمتها وهو قاتلهم الحقيقي .. فلعلها تغير رايها ووجهتها في لحظة صحوة ضميرها المستحيلة لتفجر ولو كرات غضبهم اللاهبة فيه وهو القريب منها ! وما أدراك ما الطيب مصطفى الذي ينعى على عثمان ميرغني ..تغزله في عدالة اسرائيل لكونها من وجهة نظر صاحب الثور الأسود تفتك بالفلسطينين .. وقد نسى في عتمة عنصريته أنه كم تغنى في ذبح أهل الجنوب الذين أثروا البعد على البلاد أم سعد .. فيما بات أهل غزة من الفلسطنيين يتمنون نعيم الإحتلال الإسرائيلي ..إن هم وجدوا فرصة للإنعتاق من جحيم سجن حماس لهم وقد أذاقتهم ذلا ليس له مثيل إلا ذل الإنقاذ لبني وطني الطيبين ! أما فلكمال عمر حكاية تطول فصولها في التقلب على جمر نفاقه الشاوي للسانه الكذوب .. فهو يرفض حكومة التكنوقراط الإنتقالية.. لانه ببساطة لن يساوي لحظتها حجم قيراط من الروث وسيسقط من ثقب الغربال الدقيق الى مزبلة النسيان .. حينما يتم إختيار رجالها ونسائها الذين يمثلون درر الكفاءات التي يحتار ميزان تلك المرحلة وهو يقف حيال ثِقل نفائسهم ! هي سادة القراء .. مجرد حروف دامية من حكة الدمامل التي إنتشرت في جسد هذا الوطن .. وقد خفت فيه صوت الخطاب الرصين .. حينما تعالى الضجيج في زريبة الهوامل المسماه مشروع الإنقاذ الإنكساري .. تبا له من زمان . وعفوا لإنكسار جدول الدمع الأنثوي الذي أبكيته بطعنات القلم المغبون . [email protected]