توقفت كثيراً أمام البيان الذي أصدره السيد الصادق المهدي بعد لقائه بالوسيط ثابو أمبيكي، وفي ظني أنه يطرح أسئلة جديدة أكثر ما يقدم من إجابات. لكن دعونا نلخص البيان أولا: يقول البيان أن السيد الصادق وضع جملة مطلوبات أمام أمبيكي للتوقيع على خارطة الطريق أجملها في أن يكون اللقاء التحضيري المقترح شاملاً، وتمثل فيه الحكومة للالتزام بالتنفيذ، وألا تعتبر عملية الحوار مجرد امتداد للحوار الوطني الحالي وإنما يتفق في اللقاء التحضيري على استحقاقات الحوار الوطني، وضرورة توفير ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار، وأن يجرى الحوار بالداخل بعد تنفيذ إجراءات بناء الثقة، وأن تكون رئاسته بتوافق متبادل. هناك نقطتان مهمتان الأولى أن الحوار جرى بطلب من السيد الصادق الذي سافر لجوهانسبيرج للقاء أمبيكي، وثانيها أن رد أمبيكي على المطلوبات التي طرحها السيد الصادق هو أنه سيبحث هذه المقترحات مع أعضاء الآلية، أي أنه لم يقدم أية ردود أو وعود. إلى هنا يبدو سير اللقاء عادياً وطبيعياً ويقود للاستنتاج أنه لم يحقق شيئاً جديداً. لكن الجديد هو اقتراح السيد الصادق أن تقوم مجموعة "نداء السودان" بإرسال خطاب للجنة أمبيكي، ثم يقوم أمبيكي بالاجتماع معهم، وتطوع السيد الصادق بكتابة صيغة الخطاب وأرسله لمجموعة نداء السودان للتوقيع عليه وإرساله لأمبيكي. هذه الخطوة بمثابة ورطة للجميع إن لم يكن السيد الصادق قد اتفق عليها مسبقاً مع شركاء نداء السودان. لو كان أمبيكي قد اقتنع بطلب السيد الصادق لكن من الأفضل أن يوجه الدعوة باسم الآلية لنداء السودان، ويبدي الرغبة في لقائهم، لكن اقتراح السيد الصادق يطلب من مجموعة نداء السودان أن تكون هي المبادرة بطلب اللقاء، رغم أن ليس لهذه المجموعة موقف جديد من الذي سبق وأعلنته. ولو رفضت مجموعة نداء السودان صيغة الخطاب أو مخاطبة أمبيكي سيكون السيد الصادق قد وضعها في موقف محرج لأنها ستبدو وكأنها ترفض كل جهود السلام. التطور الطبيعي سيكون بعد ذلك أن يبتعد السيد الصادق وحزب الأمة عن نداء السودان ويأخذ موقفاً منفرداً أياً كان شكله، ولكن ربما يكون التوقيع على خارطة الطريق. لهذا أسميت هذا المقترح بأنه ورطة سيقع فيها الجميع، لجنة أمبيكي وحزب الأمة ومجموعة نداء السودان بتكويناتها المختلفة، يضاف إليها الجانب الحكومي وآلية 7+7 ، وسيخلط الأوراق بشكل يربك كل الساحة السياسية. كان على الحزب والسيد الصادق أن يدرسوا هذه الخطوة بشكل جيد قبل الإقدام عليها، وأن يدرسوا النتائج المتوقعة المترتبة عليها. حزب الأمة حزب كبير ومؤثر، وله الحق باتخاذ أية مواقف يراها، وأن يغير مواقفه إن رأى ذلك بحسب تطورات الأحداث السياسية، وبالتالي لم يكن يحتاج لخطوة مثل هذه بكل تعقيداتها. هذه عموماً قراءة استباقية قبل أن تعلن قوى نداء السودان موقفها، والله يكضب الشينة. التيار