لاينكر احد إن الحمير فى سالف الايام كان لها (شنة ورنة) ظلت ردحا من العصور تستحوذ على تلك المكانة المرموقة التى لعبها السيد ( الحمار) ردحا من الزمن ولم يخطر فى بال قبيلة بنى حمير انذاك ما سوف يؤول اليه الحال على قبائل بنى حمار من اذلال, وحتما لم يخطر على بال اى حمار بأن ( الشغلة) ( جايب ليها ) ذبح وأن لحومها سوف تباع داخل السندويتشات ( تيك اوى) ..... قبل أن تصبح السيارات بموديلاتها وصناعاتها المتبايتة من فولجا وصولا للفخامة و الرفاهية وسيارة الهمرامبراطورة الطريق اليوم بدون منافس فى الزمن الجميل لاشك أن الدواب كانت هى الاميرة المدللة وصاحبة القدح المعلى فى نفوس انسان تلك الحقب. حمار جدى ذلك الابيض المتباهى بما حباه الله من تكوين مميز, على ظهره كان الحاج عبد المجيد يرحمه الله يتربع يوميا على سرجه المصنوع من الجلد وجلبابه الفضفاض الابيض وعمامته الملفوفة بكل عناية وخبرة واناقة. كم كنا وقتها نتمنى أن نمنح الفرصة فى التشرف بالركوب على ظهر ذلك الحمار ( الفخم) حتى اعمامى كانوا يتنافسون فى بلوغ تلك القمة العالية نعم كان مجرد حمار ولكن ليس كأى حمار وكانما استشعر اهميته بين بنى الحمير (فاستحمر) علي بنى جلدته. ولا انسى يوم أن ضاع الحمار او سرق ربما من مربطه فقامت الدنيا ولم تقعد فاستنفر جدى كل افراد العائلة والجيران والاقارب والاصحاب محفزا الجميع بأن من يجد الحمار فله هدية . كانت المفاجأة الكبرى أن حضر حمار جدى الى البيت بدون مرشد لنجده فى صباح اليوم التالى يقف أمام باب البيت ليدخل معززا مكرما الى مربطه . مرت السنوات وكما هى الايام تأكل بعضها بعضا وتنقص الاعمار من اطرافها وجدى لا يتخلى عن حماره الابيض الفارع رغم كبر سنيهما فان الحمار يشد جدى الى ايام شبابه المتوهج وقوة شخصيته وتدفق الحياة فى شراينه باختصار كان الحمار يعنى لجدى العزيمة والتحدى . اراد اعمامى وقتها ان يقنعوا جدى ليترك ركوب الحماربعد أن كبر سنه ورق عظمه على أن يشتركوا معا لشراء سيارة له ويلتزموا بتعين سائق خاص للحاج عبد المجيد فاذا بجدى يهب فيهم غاضبا ويقابل ذلك بالرفض التام فكيف يريدوه أن يترك ركوب حماره فيجلس مغلوب على أمره فى كرسى على سيارة لاتشعره بطعم العنفوان وإنطلاقة الحياة فالله المستعان. [email protected]