علينا التوقف كثيرا فيما ذهب اليه د. الترابي من قول في شهادته المثيرة في برنامج شاهد على العصر عندما أقر بثبات مدهش أن تنظيمهم الاسلامي قد أقام بيوت أشباح للمعتقلين السياسين و المعارضين لنظامهم ومارس كل صنوف التعذيب على معتقليهم للدرجة التي ترقى فيها تسمية ذلك بجرائم ضد البشرية... هذا الاعتراف الصريح ينبغي أن تترتب عليه مطالبات قانونية على منسوبي الاجهزة الأمنية كأفراد ومسؤولية قانونية و أخلاقية على تنظيم المؤتمر الوطني... إن التبرير الذي ساقه د. الترابي في ممارسة جهازهم الأمني لهذه الجرائم الشنيعة يطعن و يقدح في مصداقية الدولة الدينية بل و يؤكد ان سلوك أي دولة دينية لن يكن أفضل مما قاموا به مؤكدا أن تاريخ الدولة الاسلامية تاريخا أسودا مليء بالذبح و القتل و التعذيب و الدولة الأموية و العباسية تقفان نموذجا و شاهدا واقعيا لما ذهب اليه... هذا التبرير الخجول يعطي الترابي ومن معه شرعية التشريد و التعذيب و القتل باسم الدين... و يمنح كل متنطع ومتعطش للدم حجة لإقامة المجازر البشرية كما يمنحه شرعية دينية لاقامة حكم الله على الأرض وفقا لرؤيته الشيطانية... إن افادات الترابي فيما يتعلق بسياسة التمكين و اقراره بتقلد غير المؤهلين للوظائف العليا الحساسة على حساب المواطن المؤهل تقضي تماما على مصداقية الاسلاميين وعلى ما سمي بالمشروع الحضاري و شعارات الله أكبر الخاوية و أصبح الاسلامي بافادات الترابي ( وما خفي أعظم) أخا لابليس و ينافس ابليس و اخوانه في أعمال الشر... و ينبغي على كل الاسلاميين ان يلبسوا الخمار و النقاب و يوقرن في البيوت خجلا من أنفسهم وأن لا يخرجن لأن في خروجهم فتنة... و ينبغي عليهم الخروج من السلطة لأن فاحشتهم الظاهرة جدا بصم عليها شيخهم الكبير و أكد عليها بما لا يدع مجالا للشك... ويتضح مما سبق أن الدولة الحديثة تبني مؤسساتها عبر الوسائل السلمية فهى أفضل و أمثل الطرق للحكم.. ان الديمقراطية منهاج علمي و اجتماعي و سلوك ينبغي أن تتعلمه الشعوب لأن الحكم فيها يقوم على التمثيل النيابي الصحيح و السلطة يتم تدوالها سلميا و الحريات فيها مشرعة و سيادة القانون و استقلالية القضاء يصينهما الدستور و أن المؤسسات و من عليها تخضع للمساءلة و المحاسبة و إن الحاكمية فيها للشعب و للمؤسسات و الدستور فيها يقوم على المواطنه و الحقوق و الواجبات. بينما الدولة المتسلطة التي تؤمن بالتدوال غير السلمي للسلطة هي الدولة الانقلابية ، الدولة الدينية التي تؤمن بأن الحاكمية لله و ليست للشعب و المؤسسات و تربط مصيرها بحق إلهي و نصوص دينيه ينجرها الحاكم و ومجلسه الديني الذي لا يتورع من تطويع النصوص القرآنية و الأحاديث النبوية لخدمة مصالحه وتجعل حروبها مقدسة وقتلاها شهداء تقام لهم الأعراس و توزع لهم عطور الجنه و الحور العين.. و فوق كل ذلك مؤسساتها و أفرادها لا يخضعون للمساءلة و المحاسبة فمن يسرق و ينهب منهم و يعيث في الدنيا فسادا محروس بفقه السترة و فقه التحلل و فقه الهجره إلى الله... ما زلنا ننتظر إفادات د. الترابي فيما ما تبقى من شهادته على العصر الذي أنطقه الله رغم أنفه ليكشف دجل وهطل الأسلاميين ويدق آخر مسمار في نعش التوجه الحضاري و المسرحية الهزلية "هي لله هي لله لا للسلطة و لا للجاه" المستمرة 27 عام.. أ. غازي محي الدين عبد الله سلطنة عمان [email protected]