النظام المصرى والأثيوبيا وقناة الجزيرة تأمروا على السودان! قصدت أن اسمى الأشياء بأسمائها فلا أتهم مصر أو أثيوبيا أو قطر على نحو "عام" حتى لا يشمل إتهامى شرفاء فى تلك الدول حتى لو كان عددهم لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة، إضافة الى ذلك فهذه القضية التى اثرت على تاريخ السودان الحديث فى جوانب عديدة لابد من التعامل معها على قدر عال من الأمانة، لأن المتورطين فيها ومن صمتوا عليهم من مسئولين كانوا فاقدين لأدنى درجة من الأمانة حيث عاقبوا الشعب السودانى كله بدلا من معاقبة أولئك المجرمين كما تقتضى أدنى درجات تحقيق العدالة. تخيل لو كان المتهمون فى تلك القضية شخصيات سودانية "عادية" ماذا يتوقع مصيرهم وهل كانت مصر وأثيوبيا سوف يصمتان على عدم تسليمهم ومحاكمتهم؟ كتب الإعلامى أحمد منصور في هشتاق له نقل الى هذا الموقع تعليقا جاء فيه: "من أراد أن يفهم أسباب فشل الإخوان فى مصر فعليه بمتابعة شهادة حسن الترابى على العصر". وكتب: "الأخطاء التى يكشفها الدكتور حسن الترابى فى شهادته التاريخية على العصر فى ممارسة الحركة الإسلامية فى السودان هى نفس الأخطاء التى وقع فيها الإخوان المسلمون فى مصر وملخصها فساد فى القيادات واختيارها وغياب للمحاسبة والمراجعة لها وعزل الفاسدين، ومحاسبة المخطئين. وأخطاء فى مناهج التربية والإعداد، والتصعيد، والترفيع، وغياب لرؤية الدولة، ومفهوم الحكم، وغياب للشورى وإلزامها، وتقديم المحاسيب، وأهل الولاء والطاعة العمياء، على أهل الخبرة والمعرفة والطاعة المبصرة". فى حقيقة الأمر حديث أحمد منصور قولة حق يراد بها باطل وهو يمثل شكل من اشكال الجهل أو هروب من الواقع ومن الإعتراف الصريح بعدم ملاءمة "المنهج" المستند على فروع القرآن "شريعة القرن السابع" لإنسانية العصر الحديث كما ابان الشهيد الأستاذ محمود محمد طه فى شجاعة ووضوح رؤية مع تقديم البديل الأمثل من الإسلام نفسه ومن قرآنه ذاته، بالرجوع للعمل بأصول القرآن أى بالآيات "المكية" التى تناسب ثقافة العصر وإنسانيته بدلا من الإصرار على "الفرع" وعلى "منهج" أبن تيمية وسيد قطب الذى لا يمكن أن يقدم للإنسانية غير المهووسين والمتطرفين والإرهابيين والدواعش، الذين يعذبون ويقتلون ويذبحون ويحرقون، مستندين على نصوص وأحاديث ذكرناها كثيرا بل وصل الأمر الى ابعد من ذلك والى قصف المسجد النبوى! وإتباع الحق والعمل الجاد للإيجاد حل والخروج من المآزق ليس بالغريب فى الإسلام فقد قام من قبل الخليفة " عمر بن الخطاب" بالإجتهاد فى نص قرآنى واضح وقطعى وصريح هو الذى منع عن "المؤلفة قلوبهم" حقهم فى مال الزكاة، فلماذا يرفض إجتهاد يوفر حلا لأكبر مشكلات العصر التى تتمثل فى التطرف والإرهاب والقتل على الهوية والسبى وقتل الاسرى ووصف بنى آدميين بأنهم "عبيد" و"إيماء" بل يوفرمخارجة من فهم يضع (عتق رقبة) ضمن "الكفارات" وليتها كانت عتق رقبة فقط، فى الحقيقة هى رقبة "مؤمنة" رجلا كان أو إمراة، لا أدرى ما هى مبررات بقاء "مؤمن" كعبد ورقيق يطلق سراحه من أجل التكفير عن ذنوب؟ ثم الدليل على عدم ملاءمة ذلك المنهج أن الإخوانى أحمد منصور نفسه رغم الإقرار بتميزه المهنى و"جرجرته" للترابى كى يقدم إعترافات مهمة، الا أنه قد تورط فى المشاركة مع مجموعة من الأخوان المسلمين بينهم قاض "رفيع" فى تعذيب عدد من المصريين خلال ايام ثورة 25 يناير أى بعد أن اجرى ذلك الحوار مع الترابى بعام كامل والذى انقذه من الترحيل لمصر ومن محاكمته بعقوبة قد تصل للإعدام هو عدم تمتع النظام المصرى الحالى بتأييد ودعم قوى من المجتمع الدولى الذى يظن – جهلا- أن "الأخوان المسلمين" من حقهم الإستمرار فى السلطة طالما وصلوا اليها عن طريق صناديق الإنتخابات متناسين أن "النازى" هتلر الذى إنتحر وحوكم بالسجن المؤبد عدد من أعوانه كان قد وصل الى حكم المانيا عن طريق الديمقراطية وصناديق الإنتخابات. ثم من خلال ما قدم حتى الآن يتضح جليا أن "قناة الجزيره" قد شاركت فى التآمر مع إثيوبيا ومصر على السودان وشعبه طيلة هذه السنوات، لأن القناة أمسكت عن بث ذلك الحوار كما هو واضح دعما لنظام "عمر البشير" وخوفا عليه من السقوط وقتها ومن تعرض أبرز قادته للمساءلة والمحاكمة حتى قامت ببثه أخيرا بعد أن أمتنع نظام البشير خوفا على نفسه من دعم الإخوان المسلمبن المصريين كما كان متوقعا وبعد إنضمامه على نحو صريح للمعسكر السعودى الذى يعد أكبر داعم للنظام المصرى الحالى، مما يعنى أن نظام البشير أصبح كذلك دعم لنظام السيسى، بصورة غير مباشرة. أما تآمر النظامين المصرى – خلال فترة مبارك – والإثيوبى الذى لا زال هو نظام "ملس زيناوى" فهو لا يحتاج الى دليل فهذه المعلومات كلها كانت متاحة للنظامين منذ عام 1995، فلماذا لم تتقدم أى دولة منهما بطلب جاد لمحاكمة النظام السودانى أو على الأقل الشخصيات القيادية التى شاركت فى التخطيط وقدمت الدعم بجميع اشكاله لتنفيذ تلك العملية الإرهابية بل بذل النظام وبمشاركة مؤكدة من الترابى والبشير غاية الجهد لتهريب المنفذين للعملية التى فشلت من السودان الى دولة ثالثه "أفغانستان" عبر إيران؟ بدلا عن ذلك كان اؤلئك المجرمان على عثمان ونافع يدخلان الى البلدين "مصر وإثيوبيا" ويخرجان منهما دون أن يمسسهما سوء، بينما عانى الشعب السودانى الشريف الأمرين فى مصر وإثيوبيا ولا زال يعانى حتى اليوم. على الدولتين الجارتين الإعتذار الصريح للشعب السودانى عن كل ما عانى منه خلال تلك الفترة والمضى قدما فى فتح ملف هذه القضية فورا والمطالبة بتقديم من شاركوا فى تلك العملية للمحاكمة فى اى مكان بدلا من الإستمرار فى التكتم عليها والمواصلة فى الإستفادة منها بالتعدى على الحدود السودانية وإحتلالها وإستغلال نظام ضعيف ومهتر لا يمتلك الشجاعة الا فى مواجهة شعبه وجلد حرائره بسبب إرتداء بنطال أو لعدم إرتداء طرحه! تاج السر حسين – [email protected]