لا يوجد فى هذه الدنيا ماهو أكثر إيلاماً من المؤتمرات والندوات والإجتماعات واللجان ( وما ينبثق منها)، ثم ما يتبعها ويتخللها من كلماتٍ ومقترحاتٍ وتوصيات. هذه التجمعات بمسمياتها المختلفة لا يمكن أن يتأتى منها عملٌ نافعٌ ، ولايمكن بضرورة الحال أن يُدرها ويشارك فيها أى مبدعٍ. فهى كفيلة بوأد أى همةٍ وكفاءةٍ ذهنيةٍ، كما أنه دائماً ما يتم من خلالها رفعُ مقامِ من لا مكانةَ له أصلاً، وأغلب الظنِ أن يخرج بعض المتحدثين فيها بكسب عظيم ،كلقب ( دكتور) ! بالإضافة إلى ذلك فإننى لم أسمع من قبل أن مؤتمراً أو ندوةً أو لجنةً أو إجتماعاً أسفروا عن نجاحٍ للأمر الذى من أجله نصبوا خيام ذلك المَوَلِد. ظللت على الدوام - ماوسعنى ذلك - أتحاشى حضور أيَاً من التجمعات عاليه، لقناعتى التامة بأننى لن أجنى منها سوى حرق الدم وتلف الأعصاب، وذنب أجنيه جرَّاء الشتائم السِّرية التى ألقي بها فى جوفى بسبب لقاء ومقابلة بعض الثقلاء والمتنطعين والمدعين،الذين لايملكون شيئاً غير بطاقات عمل يدونون عليها عناوين مكاتبهم الوهمية وأرقام هواتفهم وبريدهم الإلكترونى، يوزعونها بسرعة فائقة، ربما أسرع من ردِّهم، أن ( وعليكم السلام) على من يمنحونها لهم ! أمثال هؤلاء يكرسون حياتهم لكل لقاء جماهيرى، عسى ولعل أن يمن الله عليهم بعدها بلقب خرافى ، أمثال تلك الألقاب التى يتم إطلاقها بكل يُسرٍ وسهولة ، تماماً كعمليتى الشهيق والزفير( العلاَّمة- الجهبذ- الأريب- الفُطحُل- الضليع- المناضل-القامة....الخ). حتى المبدعين فى كل الضروب، ما أن تنادى جماعةٌ بتكريمهم حتى تجدن ( معظم) من يتصدى لعملية التكريم هذه من الذين ينتمون إلى الفئة المشار إليها عاليه، يبدأون عملية التكريم بالدعوة إلى إجتماعات ليُكوِّنوا بعدها لجان، ثم تعقد كل لجنةٍ منفردةٍ إجتماعها ، ثم ترفع توصياتها ، فتجتمع اللجنة الأصيلة لتناقش أمر تلك التوصيات ،ثم تدعوا لمؤتمرٍ عام ، فيقترح من يقترح ويرفض من يرفض ويثنى من يثنى. وعادةً ما يعترض سخيفٌ على سخيف، ولَزِجٌ على لَزِج، ليُسفِّه رأي أخيه ومقترحاته ، ليس من أجل الوصول إلى ما يفيد ويدعم الهدف الأساسى، بل حتى يثبت أحدهما للآخر أنه أولى بتاج السخافة ومملكتها منه .فهى ماتجمعهما ، وعليها يشتجران، وبسببها يفترقان ! هذا يا مواطن فى شأن تكريم المبدعين ، فما قولك إن كان المؤتمرُ واللجنة والإجتماع فى شأن سياسىٍّ ؟ ولنأخذ مثالاً حيِّاً ، هب أن هذه الحكومة قد بلغ بها كرهها للشعب أن قررت بث وقائع جلسات البرلمان على شاشات التلفاز ومحطات الإذاعة ، فياترى كم سيكون حجم إقبال المواطنين على أخصائىِّ المسالك البولية والباطنية والطب النفسى؟ وكم سيكون مقدار أدوية معالجة الإمساك التى سيتم إستيرادها من الخارج؟ وكم ستبلغ نسبة الطلاق والإنتحار والإدمان ؟ فيا كل إبن إنثى ، إن أردت طُولَ عُمرٍ وسلامةً بدنيةً وعقلية، إحرص على إجتناب اللجان والمؤتمرات والندوات ، و فِر من حضور إجتماعاتها ومشاهدتها أو حتى سماعها كما يفر الظَبىُّ من الليثِ الغضنفر، تعش فى سعادة وهناء ، ولا حوجة لك أبداً بعدها إلى إستخدام ( مُليِّنات) . محمود ،،،،، [email protected]