لا يجب أن يأسى المناضل الجسور والمفكر الكبير الأستاذ الشفيع خضر من فصله من الحزب الشيوعي السوداني فمثله مثل آخرين محترمين فصلوا في أحزاباً سودانية أخرى أدمنت الفشل والقصور والتخلف والعقم الفكري والسياسي من أقصى اليمين الى أقصى اليسار منها ماهو حاكم كالحركة الاسلامية أو المعارضة مثل حزب الأمة والحزب الاتحادي (اللاديمقراطي) واحزاب البعث والحركة الشعبية والحركات المسلحة التي أصابتها جميعا امراض الشيخوخة والعقم وعدم القدرة على التطور وتقديم مصالح الوطن على مصالحها الشخصية والحزبية فكان هذا الواقع السياسي والاقتصادي المرير والجدب الفكري والثقافي. كنت أتوقع من الحزب الشيوعي السوداني بحكم أن كل قياداته وقواعده من المتعلمين والمثقفين وذوي الخبرات المهنية والسياسية العريقة أن يكون حزبا ديمقراطيا يحترم حرية الفكر واختلاف وتنوع الآراء ويستفيد من تجربة الاتحاد السوفياتي الذي سقط سقوطا مدويا ولما تمضي عليه ثمانون عاما وكل ذلك بسبب منهجه في السلطة التي قامت على الاحتكار الفكري والسياسي وغياب الحريات والممارسة الديمقراطية وعلى عدم قدرته على التكيف مع الأفكار الجديدة وتطورات الحياة. لقد ظلت أحزابنا العقائدية مثل الحزب الشيوعي السوداني والحركة الاسلامية السودانية والأحزاب اليسارية الأخرى كالقوميين تترك بصمات واضحة في الحياة السياسية السودانية خاصة بعد ثورة اكتوبر 1964 ثم انتفاضة أبريل 1985 وكانت سببا أساسيا في عدم الاستقرار السياسي بسبب التعصب الفكرى والصراعات السياسية العنيفة والإقصاء المتبادل وادخال قوى اقليمية ودولية على الساحة السياسية السودانية وعدم القدرة على إحداث مراجعات فكرية وسياسية خاصة بعد تجاربهما المريرة فى اتخاذ المنهج الانقلابي العسكري بديلا للصبر على الديمقراطية والعمل السلمي السياسي فكان نهج الانقلابات وبالا عليهم جميعا كما اتضح لاحقا. كان الأفضل لهم ان يقبلوا بحرية الرأي والرأي الآخر سواء داخل مؤسساتهما او حتى خارجها اما أن يصروا على النهج الإقصائي ويظنون أن أى فكر أو رأى حر هو مؤامرة وخيانة للمبادئ أو مثل ما جاء في حيثيات اللجنة المركزية في فصل الأستاذ الشفيع خضر بالقول (إصراره على مناقشة قضايا الحزب خارج قنواته) هو أمر شبيه بما كانت تقوله قيادات الحركة الإسلامية لمن يجهر بالنصيحة فحدث لها ما حدث من تشققات وصراعات وأخيرا اعترافات بجرائم خطيرة على لسان زعيمها د. الترابي لقناة الجزيرة، فذلك امر يدعو الى الشفقة من أحزاب قامت أساسا على الفكر وليس على الطائفية والقبلية والجهوية المنغلقة، اللهم الا أن تكون هذه التنظيمات اليسارية والاسلامية قد صارت منظمات أشبه بمنظمات المافيا وليست تنظيمات ترتكز على المتعلمين والمثقفين وعلى الآفكار والفلسفات التي أساسها الحرية والشفافية والصدقية فى القول والفعل.. إن لجوء مثل هذه الأحزاب الفكرية لفصل المخالفين أو الناصحين او المفكرين لهو امر يدعو الى نهايات غير سعيدة لهذه الأحزاب التي تدعي انها البديل المناسب الذى يقود البلاد وهي لا تتحمل الرأي والرأي الآخر من عضويتها، وأي عضوية انها عضوية لعبت أدوارا هامة وكبيرة في مسيرتهما خاصة في الظروف السياسية بالغة التعقيد والصعوبات فكيف ستتحمل آراء الملايين من ابناء الشعب اذا حكموا اللهم الا ان يحكموا المواطنين بالقوة و بالنهج الستاليني السلطوي أو الإكراه كما رأينا عقب كل انقلاب يساريا كان أو إسلاميا.. الجريدة ______