تعوَّدنا أن نقرأ أن نسمع أو نقرأ أن بعض الأنظمة الدكتاتورية في دولنا العربية وبعض الدول الأفريقية تفتعل إنقلابات عسكرية وتفبرك لها للتخلُّص من بعض الخصوم أو بعض القيادات العسكرية أو السياسية التي قد تشَكِّل خطورة علي الرئيس الدكتاتور.. في بعض الأحيان يكَلَّف الدكتاتور أن الضُبَّاط الذي يثق فيه للتحرُك إلى مجموعة من الضُبَّاط الذين يشُك في ولائهم له أو لنظامه وتشجيعهم للتحرِّك لقَلب النظام , ويقوم برصد تحرّكاتهم ورصد الأشخاص الذين يتفاعلون مع هذه الدعوة , ويتم الإنقضاض عليهم وإعتقالهم قبل التحرك لتنفيذ الإنقلاب . وبهذا يزرع عدم الثِقة بين قيادات الجيش وكذلك السياسيين. ولكن ما حدث في تُركيا تجاوز هذا بكثير , ووصل إلى حد تحريك القُوات العسكرية والطائرات وإحتلال بعض المطارات والمقرَّات الحكومية الرئيسية والتلفزيون الرسمي والسيطرة على جسور رئيسية . فما الذي جعل الإنقلاب يفشل بشكل دراماتيكي سريع , ودون مقاومة كبيرة من قِبَل الإنقلابيين ؟؟؟؟ مصدر شكوكي كيفية إستسلام العسكريين المدججين بالسلاح الثقيل لمدنيين عُزَّل لا يحملون أيِّ نوع من السلاح وهم يدركون أن إستسلامهم سيعني موتهم أو السجن المؤبَّد . وفي بعض الحالات رأينا بأُم أعيننا في شاشات التلفاز جنوداً ينزلون من دباباتهم ويتركون أسلحتهم ويسلمون أنفسهم الذين يتسلَّحون بمسدسات فقط ويتأبَّطونهم ويتحرَّكون معهم وكأنهم أصدقاء !!! البيان العسكري المقتضب الذي تلته مذيعة القناة التُركية الخالي من برنامج حكومة الإنقلاب وإسم قائد الإنقلاب. ومن المظاهر التي تُقَوِّي الشكوك في جِدِيّ' الإنقلاب الغارة التي قامت بها إحدى طائرات الهلكوبتر على الفندق الذي كان يأوي الرئيس أردوغان بإستخدام رشاشة الطائرة والتي لم تستهدف الفندق مطلقاَ وإنَّما إستهدفت شارعاَ خاياً بجوار الفُندق برغم أن الطائرة كان تقصف من عُلوٍ منخفض جداً ودون مقاومة تُذكرة. حتَّى محاولة الإنقلابيين إقتحام الفُندق كانت تبدو وكأنَّها عملية تدريبة أكثر من أنها عملية قتالية . عملية قصف مقر المخابرات , ومظهر ضبَاط وعناصر المخابرات يقومون بإطلاق رصاصاتهم من مسدسات على الطائرات الغائرة وكأنَّهم يصطادون العصافير !!!! الطائرتان المقاتلان التابعتان لقوَّات الإنقلاب المزعوم رافقتا طائرة الرئيس أردوغان دون التصدَي لها حتى هبوط طائرة أردوغان بسلام في مطار أتاتورك. الغارتان الحقيقيتان كانتا الغارة على مقَر الشرطة الخاصة , ومبنى البرلمان .. وما الغرض من قصف مبنى البرلمان الخالي من أعضاءه إلا تأجيج المشاعر ضد الإنقلاب ؟!! ما الداعي لإستخدام طائرات التزَوُّد بالوقود في الجَو , لطائرات لا تحتاج للتزَوُّد بالوقود في الجو, لِقِصَر مسافات الطيران داخل تُركيا .. في إعتقادي كان هذا التَصَرَّف لجَس نبض الأمريكان وموقفهم من أيَّ ضد حكومة أردوغان . سنسمع في الأيام القادمة إطلاق سراح جُنود غُرِّر بهم وضبَّاط كُبار سيتم تبرءتهم لعدم وجود أدلَّة كافية تُثبت تورطهم ( هؤلاء الذين كانوا الطُعم للعملية الإنقلابية الفاشلة ) .. ومحاكمة الآخرين الذين بَلَعوا الطُعم . وأهم من هذا تطهير الجيش وتفكيكه وإحلال جيش حزب أردوغان أو جيش حميدتي التُركي . وفصل غير الموالين لأردوغان من الخدمة المدنية بحجة الولاء للتنظيم الموازي . التمكين على الطريقة التُركية الأردوغانيةز فووي صالح وهبي [email protected]