سألني صديقي راشد عبد القادر عن ما هو الوطن الذي اقصده في بوست كتبته سابقاً عن حب الوطن ، وكم ادهشني السؤال واستعصي علي ، ولكن علي أي حال اقدم له اجابتي عن الوطن الذي اعرفه وأحبه . الوطن يا راشد هو شجاعة عبد الفضيل الماظ علي مدفعه ، ومحنة علي عبد اللطيف في مصحته ، وموت عبيد حاج الامين في سجنه ، الوطن يا راشد هو استاذ الرياضيات الذي اصبح زعيماً وأيقونة للأمة في التحرر والاستقلال ، الوطن يا راشد هو الزعيم اسماعيل الازهري ببدلته الانيقة وهو يرفع علم الوطن ورغم اناقة بدلته ، ظللت اسال نفسي لماذا لم يلبس في يوم عرس السودان جلابيته البيضاء وسرواله الطويل ، الوطن يا راشد هو حسن الترابي بكل القه ودهشته وجسارته وانكساره وعجزه وعبقريته وإبداعه وخجله وورعه وتقواه وكرمه ومشروعه الناجح ومشروعه الفاشل ، الوطن يا راشد هو عبد الخالق محجوب بشجاعته التي لن تجدها حتي في شاشات الافلام القديمة وهو يذهب الي مقصلة الاعدام في كامل هندامه ويضع سيجارته علي فمه كأنه في جلسة للبرلمان وليس امام محكمة عسكرية ، ما فعله عبد الخالق في اربعين عجز عنه شيوخ في الثمانين ولن تعجزك الاجابة عن ماذا فعل عبد الخالق في الاربعين ، الوطن يا راشد هو الامام الهادي المهدي اخر الرجال المحترمين ولا ازيد ، الوطن يا راشد هو الدكتور جون قرنق و لولا صراعات الرفاق والإخوان تجد فيه كل ملامح جومو كينياتا وباتريس لومومبا ونكروما و رموز الستينات من قادة التحرر والاستقلال . الوطن يا راشد هو محمد وردي ، نحن ابنائك في الفرح الجميل نحن ابنائك في الحزن النبيل ، ويا طير يا طاير ، ولو بهمسة قول احبك ، وعصافير الخريف في موسم الشوق الحلو ، ومستحيل الهدية ، انا عارف وأنت عارف لو بيدي كان هديتك يا المسير وماك مخير انت عند الله جزاك ، وبعد ايه جيت تصالحني انت ما بتعرف صليحك من عدوك ، والوطن يا راشد هو عثمان حسين انا والنجم والمساء ضمنا الوجد والحنين ، والوكر المهجور والقبلة السكري وشجن وقصتنا وكل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الاهل حملته اشواقي الدفيقة ، الوطن يا راشد هو الابنوسي رمضان زايد بأناقته ولونه الاسمر وهو يهديك ليتني زهر في خدك الزاهي ، الوطن يا راشد هو احمد المصطفي يا عظيم ، وأنا امدرمان ، وبنت النيل وفارق لا تلم ، الوطن يا راشد هو الكابلي وهو يقول وحات عيني سكر سكر سكر سكر . الوطن يا راشد هو وفاء السيدة نعمات مالك والأستاذة فاطمة احمد ابراهيم وهن في عمر الزهور لأزواج رحلوا وهم في ريعان الشباب ، الوطن يا راشد هو شجاعة سعاد الفاتح البدوي وجسارة لبابة الفضل وشاعرية روضة الحاج ، الوطن يا راشد هو البلابل وهن يتراقصن بقطار الشوق وعشة صغيرة نفرشها ليك بحرير ايدينا ، ولون المنقة يا الشايل المنقة ، و رجعنالك وكيف نرفض رجوع القمرة لوطن القماري . الوطن يا راشد هو صلاح احمد ابراهيم وهو يغالب دموعه وحزنه في نحن والردى والطير المهاجر تلقى الحبيبة بتشتغل منديل حرير لحبيب بعيد تقيف لديها وتبوس إيديها ، الوطن يا راشد هو الفيتوري لحظة من وسن تغسل عني حزني تحملني ترجعني الي عيون وطني ، الوطن يا راشد هو مصطفي سند البحر القديم ، ولا تساوم لم يَعُد في الأرض إلا وجُهك المنحوتُ من صخرِ الهزائمْ قُلْ لمن خانوك في عُرس المزادات وفي ليل المناحات القديمة لا اساوم ، الوطن يا راشد هو ود المكي ، الله يا خلاسيه يا حانةٌ مفروشةٌ بالرمل يا مكحولة العينين يا مجدولة من شعر أغنية ، ومدينتك الهدي يا رسول الله ، الوطن يا راشد هو محمد سعد دياب عيناك والجرح القديم أُحِبُّكِ ما كانَ عندى خِيار وهل عندَ عينيكِ أَلقَى خِيَارا ، الوطن يا راشد هو حاج الماحي بخمره وسكره وهو ينشد القبة اليلوح قنديلها ، الوطن يا راشد هو ود الفراش وهو ينتزع منك الاهات والوجع ، لي قلبي السقيم فد نظرة منك شافية شوقي عليك ذي شوق المريض للعافية ، الوطن يا راشد هو شبرين والصلحي وهما يرسمان كل اشواقنا وأوجاعنا وأفراحنا ، الوطن يا راشد هو هيثم مصطفي بابداعته وفيصل العجب بمراوغاته . الوطن هو علي عبد الفتاح بفصاحته وشجاعته وكبريائه ، الوطن يا صديقي هو المعز عبادي بصبره وجلده وصدقه ، الوطن يا راشد هو رجل طيب وصالح اسمه الطيب صالح تجده في موسم الهجرة الي الشمال والزين ودومة ود حامد ومنسي ومن اين جاء هؤلاء ، الوطن يا راشد هو اسحق فضل الله بخياله الواسع وقبحه الظاهر ودمعته القريبة ، الوطن يا راشد هو حسين خوجلي يراقص الكلمات والتعابير علي الفالس كأنه في كونسير فتوار دكتور جيفاكو ، الوطن يا راشد هو محجوب محمد صالح بحكمته ورزانته وشجاعته ، الوطن يا راشد هو ابو عركي البخيت يا قلب أنا كنت قايلك تبت من تعب السفر ومن مخاواة القماري ومن شراب موية المطر، الوطن يا راشد هو عقد الجلاد حاجة امنة اتصبري عارف الوجع في الجوف شديد ، و ولداً متين بقي للسفر و الدردرة ، الوطن يا راشد هو انور شيبة بزهده وذكائه وحبه المبذول لإخوانه ، الوطن يا راشد هو عثمان فقيري بوقاره ووجه الصبوح ومنور . الوطن يا راشد يتجلى في ازمة المواصلات وأنت تضع رجل علي حافة الحافلة ورجل اخري علي حافة الهاوية وتضحك حتي تبين نواجذك في سعادة وفرح كأنك فارس اسبارطي ، الوطن يا راشد ان تدخل الي زقاقات الخرطوم السفلي تبحث عن عصير ليمون في كشك صغير تتذوقه وكأنك تحتسي كأساً في شوارع باريس ، الوطن يا راشد ان تجلس مع ست الشاي تحتسي شاي بالنعناع و تتبادل الضحكات والبسمات وتحلف علي الباقي ، الوطن يا راشد هو الذكريات الجميلة ويومها نفتش انصاص الليالي وبكره رمضان علي مطعم فلا نجد إلا مطعماً في ارقي مناطق الخرطوم وجيوبنا خاوية كما بطوننا وننظر اليك تعبث بأوراق **** عندك ولكن يومها كانت عظيمة عندنا ، الوطن يا راشد هو فلانة التي تورمت قدماها من المشي من جامعة النيلين الي جريدة الصحافة ولا تشتكي من طول المسافة والطريق وأنت تشغلها بضحكاتك الغياظة وتارة اخري بحديثك وأفكارك خارج السياق ، الوطن هو الوطن يا راشد لا يحتاج الي خارطة طريق للوصول اليه ولا يحتاج الي اوصاف وصفات للتعرف عليه في متاهات هذا الزمن اللعين . علي عثمان علي سليمان [email protected]