السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان باستورى الدولى للشعر Pastore Festival for Poetry
نشر في الراكوبة يوم 24 - 08 - 2016

تلقيت دعوة كريمة منذ اشهر من صديقي الشاعر البلجيكي أكيم وليمز
مدير مهرجان باستورى الدولي للشعر وقد كنت انتظر الموعد المحدد للافتتاح بحماس ممزوج برغبة التعرف على مكنون المهرجان وبرغبة مفعمة بالاستكشاف والتلاقح الثقافي والفكري والتوق لزيارة بلدة هولسبيك الجميلة بالضواحي والتي كان لي معها موعد سابق حيث زرتها قبل سنوات عندما كنا مدعوين لفعالية ذات طابع ثقافي عالمي وبرفقتنا طاقم قناة العراقية الفضائية وبصحبة صديقي النحات العالمي العراقي الأستاذ رائد العبيدى وهو مشاركا بالمعرض الدولي للفنون والإبداع بمنحوتات عن حضارة بابل وبلاد الرافدين وبالإضافة لوجود فنانين ونحاتين من بلاد متعددة واذكر منها البرازيل وفرنسا وهولندا والهند ونيبال وبيرو ومصر وبما ان المعرض كانت تديره صديقتي الفنانة البلجيكية اليسا واينين
Ilse Wijnen
أستاذة المسرح والفنون لم نحس بأنفسنا غرباء بحكم الضيافة والترحاب الكبير ودخلنا فى أجواء ثقافية متعددة الهويات والمسارات وبتلاحم اكبر وأعمق' وبما ان المعرض الذى أقيم بقلعة هيرست الواقعة ببلدة هلسبيك الجميلة هى قلعة عريقة ذات طراز معماري قديم فى غاية الروعة وتبدو مثل قصور تاج محل من البعد ويجرى من تحتها جدول مائي بطريقة مدهشة يظهر للعيان فى غاية العجب والإبداع المعماري كأننا فى مدينة فنيسيا الايطالية ويبدو منظر القلعة كأنها غارقة فى الماء او تم بنائها على مجرى الماء الذى تتلاطم أمواجه بجدران القلعة وتحيط بها الجداول من جميع الاتجاهات تحفها غابة صغيرة متراصة ومتناسقة الأشجار من تحتها وعلى أطرافها تتوزع الأزهار الملونة والمتهدلة بإشراق مريح للنفس حقا انه منظر الطبيعة الساحر الذى لا يقاوم ولا تخطئه عين' تلك هى تحفه خارقة الجمال ساحرة لدرجة الثمالة وقد أتحفنا يومها الشاعر البلجيكي أكيم وليمز
Akim Willems
بقصائده وصوته الشاعري الجهور وحضوره القوى المفعم بنبرات توحي عن عراقة أدبية بالمكان تلك لحظات كنت انتظرها تتكرر فى كل عام حيث موعدنا مع القراءات الشعرية والإبداع والإندياح الجمالي المدهش .
وبما اننى مدعوا من ضمن الأدباء المرشحين للمشاركة بقراءات شعرية كنت الكاتب والشاعر الافريقى الوحيد بين الشعراء والكتاب والاوروبين المشاركين بمهرجان باستورى وايضا الوحيد الناطق بالعربية علما ان قصائدي مترجمة للغة للهولندية .
لقد نظرت للسماء فى ذاك اليوم كعادة الطقس ببلجيكا يتقلب ما بين البارد والدافئ لكن كان الجو مشرقا ودافئا نوعا ما بمدينة بروكسل فأحسست بالتفاؤل كثيرا وسرعان ما تلبدت السماء بالغيوم بشكل مفاجئ وتغيرت حركة الرياح فتوجست ان رحلتي عبر القطار لبلدة هلسبيك بسهول الفلاندرين بولاية فلامس برابان بشمال شرق بروكسل قد تتعثر بسبب الإمطار' فقد انتابني القلق بما اننى ضمن الشعراء المشاركين بمهرجان باستورى الدولي للشعر والذي سيقام فى الهواء الطلق بين مدينة اريشخوت ومدينة لوفين التاريخية التى تضم اكبر الجامعات البلجيكية بل بها واحدة من أقدم الجامعات الاوروبية والتي تعتبر بامتياز مدينة للطلاب والدارسين كان لابد لي ان أكون حاضرا فى الزمان والمكان وسوف يرافقني شعراء وشاعرات ناطقين باللغة الهولندية من بلجيكا وهولندا وهم وهن أسماء هامات وقامات كبيرة فى سماء الادب الاوروبى وربما العالمي حقا انه يوم استثائى.
فقد افتتح المهرجان فى الهواء الطلق بموعده بعدما احتاط المنظمون للمطر وحالة الطقس ونصبت خيمة وسرداق فى الهواء الطلق لتفادى المطر المفاجئ وكانت الافتتاحية بترحاب حار ورائع .
Akim Willems
حيث قدم الشاعر البلجيكي أكيم وليمز
قصائده بروعة لوحة إبداعية فى غاية الجمال والتألق وبدأت القراءات تتدفق وتتموسق مثل شلال من ذهب يتمرجح ويتماوج فى رحلة سبر أغوار الذات وغسل الأرواح بأنشودة الأشواق وعبق الأحلام ونبض المطر وهمس المكان بحفاوة الترحاب وأبهة الحضور وفخامة المكان المزين بالقصائد وإيقاعات الكونسيرت المصاحبة للفرقة الموسيقية التى شرفت الافتتاحية كانت هى لون جمالي أخر بكل مقومات الإبداع والفن الراقي.
Menno Wigman
حيث تحسس خطواته فيما بعد الشاعر الهولندي مينو ويخمان
بقصائده الجميلة ونصوصها المتألقة يفتون عالي وسحر جمالي فى غاية الروعة والرهف والجاذبية والإدهاش فهى مليئة بالجرس الموسيقى واستحضار الحدس ونقل المستمعين لعالم فى غاية التفرد والحضور الداخلي للذات الانسانىة العميقة والتجلي الروحي بكل عناصره فكانت حالة أدبية شفيقة وذات طعم ونكهة كاملة الدسامة الأدبية والكتابية ومعالجة راقية لمضامين الحرف الأبجدي وتراكيبه وابتكار واثق ذو قيمة كبيرة شاعرية المحتوى هى مساحة للحرية والفرح والانتعاش والتأملات دون قيود.
Lize Spit ثم تلته وتناوبت بعده الشاعرة البلجيكية ليز اسبت
وجاءت قصائدها دافقة ونابضة ومليئة بالتواصل مع الأخر وهى علاقة وجدانية لعوالم الكتابة الشعرية الناضجة وخلق السعادة وسحب الفرح من حالة العدم لحيوية الوجود والتواصل مع الحلم الجميل وتتمظهر بمزيج من الروعة والفرح المشرق المتفائل والتأملآت العميقة ومخاطبة الذات البعيدة والقريبة عند الاخر والانا فهى شكل متكامل من أشكال الادب التعبيري الثر والحواري الراقي واستقراء بقاء الفرح كقيمة تتغذى منها الروح بنبض منتعش وعطاء بلا حدود بكل عناصره الباسقة النبل والبوح الانسانى الطوباوى بحنايا ومتون القصيدة ومفرداتها ونصوع فكرتها الثاقبة بفتوتها الأدبية الكبيرة ونفحاتها العبقة فيض استرسالي عند الاستماع والتعاطي مع نصوصها وذروة تألقها بسلاسة وجزالة تلك هى فرصة ذهبية واعدة للاستكشاف والتكامل الادبى والمعرفي والأبستمولوجى الحقيقى لمكنونات القصيدة بتفريعات تكوينها ومحددات لونها وجنسها الثقافي والادبى الرائع.
Charlotte van Den Broeck
وتوالت القراءة الممتعة مع الشاعرة البلجيكية شارلوت فان دين بيروك
واستمرت حالة الاندياح الشيق والتدفق الشعري بحيوية الشاعرة المتمكنة من أدوات الكتابة الرصينة وترويض الحروف بنبض موسيقى متوازن عالي الرتم الروحي والعزف المتنوع من حيث فكرة النص المركزية بجماله او دلالات خطابه كقصيدة شاملة وكحالة فرحية تتخطى جدلية الحزن الرمادي وتتراوح على سقف أحلام القصائد الكلاسيكية فى الادب العالمي بروحها النمطية او توصيفات فروعها المذهبية النماذج ' تظهر لنا شارلوت فان دين بيروك نوع كتابي حيوي وراقي ولطيف ومريح للبال وللذهنية المتلقية والقارئة من تجديد متقدم وتنوع رائع فى الإيحاءات وتماسك المفردات والمعاني والتواصل بين اختيار خامة اللغة الشاعرية من جنس أدبى متقدم بشكل لافت وجاذب دون غموض او خفوت إضاءة بمستويات عمق متن النصوص وإطلالات بريق الدهشة الشعرية ببراعة ومعالجة ناضجة لكل مادة مكونة للقصيدة وتكنيك ممتاز يعبر عن مهارة كتابية وشاعرية واعية وفى كل مرة تزهر حالة القصيدة عندها وتثمر وتتابع عملية إعادة بناء شفاف للتركيب المعنوي بحرفية الأديبة المثقفة وهى أجمل وأروع حالات التفرد وإنارة حكيمة وواعية خاصة وان اختيار المفردات لم تكن صدفة غائبة من اللاوعي الادبى لقد كانت شارلوت فان دين بيروك حاضرة الذهن والوعي بمخاض القصيدة وانبثاقها الحساس وهى تقرأ برصانة وبعناية فائقة وببراعة المتمكن من مهنة الاحتراف الادبى التى ظهرت بوضوح واشراقات جلية لتكون سفيرة لنوع من أنواع الكتابة المدركة للوقائع والخيال بكل تراتيب تموجاته وأجنحته والوصول دون عناء لقلب الأخر وعلقه الحاضر وباطنه' وتتواصل طاقة القصيدة عندها لتشريح النصوص والتعاطي معها كصورة فكرية وحراك وجداني مشبع بالقيم الجميلة الخالدة والمكتسبة بحنكة المورث الثقافي العريق وفطرة البدايات بلا منازع وذاك هو حضور فكرى جيد وتفتح وجداني متناسق لا يقبل التقسيم والغياب وحالة اللاوعي والغموض العدمى فهى كاتبة بمعيار كتلة متنوعة وموزايك تمازجى وتحفيزى ثر مكونة بذلك جوهرة أدبية ومركزية لوحة إبداعية ذات مخزون ثقافي كبير وقلم شفاف وانبثاق مشرق يضيء قاع النصوص التى جاءت متواترة ومتلاحقة الأداء ولعل تمكن الشاعرة من تطويع الحروف وابتكارها للمعاني واختراع روح للكلمات عندها لتبدو ذات روح ونفس متحرك كحقيقة وخيال كوني وفضائي وبها أنفاس جريئة ودينامكية فى غاية الحيوية ومكيانيزميات دفع لفضاء أخر غاية الدهشة والتواصل مع الأخر.
Ruth Lasters
بهذه الإبداعات والتفرد نقلتنا المبدعة الفيمنيست الشاعرة البلجيكية روس لايسترس
لتبدأ عملية التجلي الكبيرة بدقة عالية فأصبحت هى ماهرة المكان راسمة مشعل الحقيقة لظل الشاعرة الحذقة داخل كتاباتها لتبدو القصيدة عندها بحر عظيم مفعم بالحياة وعالم متجانس ومتلاصق ومتكامل هكذا هى الصورة التى انتقلت بنا لحالة النمو والتشويق المنعش بفخامة لا نظير لها وبما ان الكلمات لم تظل حبيسه فى مطبات انحسار عاطفى او خطاب فكرى عند روس لايسترس بل أصبحت كل مساحات القصيدة عوالم نابضة بالحيوية والاضاءات والانسكاب اللامتناهى للقيم النبيلة وهذا هو فى حد ذاته انتقال واعي جدا ومهما فككنا وشرحنا بنائيات النصوص مع استصحاب جرسها ودلالاتها لن نوفى هذه القراءات حجمها الكبير وحظها التوصيفى او سبر أغوار منحنيات النص ومكنونات الرغبة والتشويق والتلوين عند جداريه اللوحة لدى الشاعرة روس لايسترس باختصار كبير.
Jessica Bakker
ولم تتوقف إيقاعات المطر وسيمفونيات المتعة مع الشاعرة الهولندية جيسكا باكير
هى شاعرة محترفة ومتمكنة جدا وذات لون سحري أدبى متقدم وفعال وجاذبية شيقة فى غاية الجمال وابتكار وتخطيط شكل القصيدة البنائى الداخلي والخارجي وعندها نجد سلاسة الأسلوب واريحية الانسياب الشعري' لذا الأحلام والواقع عند الشاعرة جيسكا باكير لم تكن مجرد قراءة عادية وتحليلات وتخيلات هوائية او استنطاق عاطفي او تمرد خجول او انحياز لشكل الكتابة التقليدية ونمط الأداء وإنما نجد منهج الكتابة الإبداعية المتمرسة موجود لدى الشاعرة بكثافة الصورة الحية والتلوين البارع والاختيار الدقيق للتراكيب ورسم المعنى واختيار المدرسة التعبيرية وتوظيف البعد الثقافي او الموروث الاجتماعي او المحيط البيئي بلا عناء' تلك هى حالة سعيدة لمخاطبة الوجدان والانا العليا العميقة فى ان واحد وبفلسفة الحب والفرح والحيوية واستكشاف أغوار الذات ومخاطبة ماورائيات الواقع ليصير الحلم هو حالة مخاض واستولاد ناضج بكل دلاته من حيث التجويد للمعاني والاختيار اللفظي او الاشارى بروحه الإيحائية والرمزية لدى البعيد والقريب واختراق حاجز العتمة بإشراق متلاحق ومستمر وتلك هى قمة التوهج والجذب الرائع فالشاعرة جيسكا باكير بانحداراتها الدراماتيكية الحلوة والبذخ الاسطورى وتلوين القصيدة بنسق يكون اقرب للسريالية التجريدية هى تعطى مجموعة من النفحات والألوان المبدعة بمستوى تخطى سقف المحلية لشعور كوني وانتماء للفرح بغض النظر عن جنسه ونوعه وهكذا تكون مفاتيح الدخول لعالم القصيدة دون حواجز او تعقيدات محكيات او سردية للتتويه ' إذ ان بنائية القصيدة عندها لم تتوقف بل هى قيمة متجددة وتلاحم فى غاية الانسجام وعناق الأخر بشكلها الدلالي ونمط بوحها بمكنونها القيمى والصور اللفظية بفطنة والإحساس بالتنوع بيقظة وبكيان النص وترابطه الكبير بعمق الفكرة الشعورية للقصيدة والإحساس بكامل تفاصيل وجزيئات التراكيب والمعاني التظليلية الواقعية والتخيلية وخطاب الأخر بفكرة الشعور ومبدأ شراكة الفرح او الحزن او السعادة بسلسلة من المعرفة المعنوية والتطبيق المادي والشعور الحقيقى والنبض التخيلي المتناسق والجميل .
Heidi Koren
كلما أشرقت قصيدة نجد اخرى فإذا بالشاعرة الهولندية هايدى كورين
تنبض قصائدها مثل فراشة بين حقول التوليب وزهرات الورد الجورى تتموسق بغاية الجمال مع روح البيئة والجاذبية الأدبية فهى قمة جمالية بمكنونها المعرفي والشعري الوافي كل مكوناتها من حيث الروعة والأداء والإبداع النبيل والحيوية الإنسانية الحاضرة فقصائدها فى غاية الرهف والجمال ومساكنة الروح وليست مجرد حاضنة للحرف الأبجدي فقد أظهرت الشاعرة الهولندية هايدى كورين منهج ثقافة الفرح وبكاء الفرح ونبض الفرح وجدلية الفرح كل شيئ عندها ينقلب فى عالمها لوحة ممتازة الرسم بأفق ثقافي عميق لدى الشاعرة او المتلقي إذ ان الشاعرة تسكن بفؤاد القصيدة والقصيدة معها تسكن بروح المتلقي فالقصيدة عندها هى كائن حى نشط لها روح وملامح لا تقبل الذبول بل تنمو وتتطور بتطور المعنى والأداء والتمدد وذات طعم ورائحة وان النصوص عندها لم تكن هو نصوص رمادية او برتقالية اى بمعنى التوسط او التضبيب والغموض إنما هى نصوص شفافة بلون الماء بسرعة البرق بشكل واضح نصوص عنيدة ومتمردة عالية الجودة ومسالمة فى نفس الوقت تقبل كل الاحتمالات بلون الفرح والتفسيرات بلغة الادب المتعدد المسارات لم تنحصر فى ركن قصي بعناصر الوجودية او العدمية فيها فهى سرعان ما تتحول بأجنحة المعاني لكوكب ابداعى شفاف تتماسك فيه كل الألهاميات والتجلي الفريد للنصوص بكل حيثياتها حقا أنها بانوراما تلوين رومانسي وتجريدى لا يحمل لون متحيز سوى للفرح وسكب الدهشة بأفق عالي النبض والحس وتلك هى حالة جديدة تلوح لنا لتكون نقاط مفصلية ومسبار لقياس حالة الاستشعار الرئيسية لمحور النصوص المحكية بلغة الذاكرة والتذكر والاستشعار فكل مدخل لمفردات القصيدة عندها هو تأسيس شامل وغير منقوص العطاء الراقي بملامح شاعرية وبأبتدائيات ونهائيات هى تقاطعات للحياة والحلم الجميل والسعادة من حيث الفكرة او من حيث الحضور الشعوري لدى المتلقي او الغائب المتخيل والخاص والعام مع الأخر . فالشاعرة هايدى كورين هنا تتصرف بحرفيتها واحترافيتها الناضجة التجربة الكتابية استجلاب كل عناصر إمتاع المتلقي والتشويق وسرد القصيدة بانسيابية قمة الأداء الجميل وإدخاله فى عمق النص بصورة هى حوارية مكتملة الأطراف ونضوج تام لحد النبل.
Geert Viaene
وتستمر اشراقات العطاء الجميل مع الشاعر البلجيكى خيرت فينا
وتستمر رحلة التلاحم والاندماج بروح المكان عند الشاعر والمستمع فى لوحة هى غاية الدهشة ببريقها وبعمق فكرتها تلك الجاذبية التى مكنت القصيدة من ان تكون سقف للجميع من حيث حضور الشاعر وتناسق الأفكار ودقة المعاني وتعدد أوجه جذورها التكوينية ليصير النص فى حقيقته فسيفساء متماسكة ومتحدة بفضل براعة الشاعر خيرت فينا
الذى أسس ومكن الحرف ان يتحرك بطلاقة وحرية دون ان يفقد المعنى وخصوصية المكان او الزمان فهو فى رحلة دائرية لا تنتهي عجلة دورانها ومحور توقفها فالفكرة ناضجة لديه والمفردات عنده خاطبت مضامين الحلم والواقع وشكل الأشياء بمسمياتها وترتيبها.
وقد شمل مهرجان باستورى الدولي للشعر عدد من الأنشطة والألوان الإبداعية مابين الشعر والموسيقى والترنيمات وفرقة الكونسيرت التى انتظمت وتجلت بأجواء جميلة وممتعة وأداء راقي وقد يطول شرح الكتابات التى كانت حاضرة والأدباء والشعراء المشاركين وألوان إنتاجهم وإبداعاتهم إلا انه من خلال النصوص المقدمة والقراءات بشكلها المتنوع والمتعدد ما بين الطريقة الأدائية الإيقاعية على نسق إسلام بوتري الخفيفة او الرومانسية الحالمة او الإلقاء الكلاسيكي الترنيمى والتأملي او الطريقة التمثيلية وأنماط مختلفة المدارس بين الحالمة والواقعية والتجريدية والسريالية والوجودية والتجديدية والرمزية وأشكال مختلفة تمازجية الأداء والدلالات والأشكال البنائية' جاءت قراءات الشعراء والشاعرات بلغة هولندية مشبعة بالجرس والروح السجعية نوعا ما ليتواتر اللفظ والحس من إطار المقروء للإطار السمعي ذو النبرة الموسيقية والمخاطبة المتجذرة والواعدة بالرصانة والتمدد الحرفي خاصة وان تفكيك النصوص او تشريحها لا يحتاج لأدوات كثيرة فالنصوص مختلفة بها النص المباشر لكنه لا يخلو من صور خلفية وظلال هى غاية الروعة تعطيه نكهة وصيغة اكثر تطور وديناميكية واتساقا والتصاقا بفضائه اللغوي وحاضنته الثقافية بلونها المحافظ وثقلها فى نسق يكاد يكون أشبه بالسرد الغنائي او التهدل القصصي ومنها نصوص جاءت بروح ومزاج الأنشودة والتبريحة العصرية خاصة والشجن والعصف الذهني وقد برزت بمهرجان باستورى الدولي للشعر اندياحات أدبية جميلة ونصوص كبيرة وراقية وبعض منها متحور ويتحول بمسارات شيقة وجميلة لتكون اقرب للخاطرة والسرد وتحسس أعمدة السرد المحكي والتقفى بلون حديث وملهم برغبة أفقية النظرة بحيث ان الميزة المهمة للقصيدة مازالت هى الملمح الاساسى فى الاستجلاء والنظر الى ما وراء الأشياء والتعاطي معها بشفافية وبصدق وتجرد للتجربة الإبداعية رغم عاطفية بعض المفردات المتوهجة ومهما كانت المحاولة لتغطية شاملة لكل القراءات يكون هنالك قصور وحلقات مفقودة بالتوصيف والتصنيف والنقد العميق وتفكيك وتحليل النصوص والاستقراء والاستجلاء والمواكبة والتجلي الكامل لكن هذا جزء من إضاءة سريعة سوف تؤسس لدراسة قادمة لكل أديب وشاعرة بمساحة بحثية منفردة قد نتعرف ونتطرق على الجوانب المخفية من زوايا الكتابة والتجربة الكاملة للشعراء والأدباء وإنتاجهم بعمق وقراءة متأنية وواعدة وتتكرر الصور لكن بشكل ليست تقليد للأخر بقدر ما انها حالة تأثير وتأثر بكتابات موجودة أساسا بالأدب الاوروبى وخاصة الثقافة الجرمانية وترحل الكلمات والمفردات فى رحلة سياحة ادبية واستكشاف جميل ومفيد قد يقابله لون اخرى بالأدب المقارن.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.