اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: التقديم الالكتروني (الموحّد) للتشكيل الوزاري    مسؤول بهيئة النظافة يصدم مواطني الخرطوم    كامل إدريس وبيع "الحبال بلا بقر"    "الكنابي": تهجير المواطنين بإزالة السكن العشوائي في الجزيرة والخرطوم تطور خطير    الأسلحة الكيميائية وانهيار الجيش السوداني    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    إيران تغرق إسرائيل بالصواريخ من الشمال إلى الجنوب    إنريكي: بوتافوجو يستحق الفوز بسبب ما فعله    "كاف" يعلن عن موعد جديد لانطلاق بطولتي دوري أبطال إفريقيا وكأس الاتحاد الإفريقي    عندَما جَعلنَا الحَضَرِي (في عَدّاد المَجغُومِين)    حكومة أبو نوبة.. ولادة قاتلة ومسمار آخر في نعش "تأسيس"    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    السفير عدوي يشيد بدراسة إنشاء منطقة لوجستية على الحدود السودانية    الاهلي المصري نمر من ورق    الجمعية العمومية الانتخابية لنادي الرابطة كوستي    السجن والغرامة على متعاون مع القوات المتمردة بالأبيض    ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    الفوز بهدفين.. ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا قالت الصحف العالمية عن تعادل الهلال مع ريال مدريد؟    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    السودان والحرب    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زوجة ادوارد لينو : امال الطاهر
نشر في الراكوبة يوم 04 - 10 - 2016

تبخر اسمها مع تعريات الذاكرة .. خشيت أن أسالها عنه ثانية .. لقبها (طيارة) كانت لاعبة سلة فذة وماهرة .. تجيد تسديد الاهداف من البعد .. ضاربة الشهرة في مجتمع جوبا وقتذاك .. بها عرجة خفيفه لم تؤثر سلبا على مسيرتها الرياضة .. كثيرا ما ألتقيها في الخرطوم .. تبادرني انها لا تعرف خبرا عن نونو الفونس .. كنت ألح وألح عليها ان تبلغني ان وجدت لها دربا .. نونو الفونس توارت وذابت لم اسمع لها صيتا ثانية منذ مفارقة جوبا في 1989.. تسأل بدورها : وين بنيا تاكم تا مندوكورو تا واو .. فتبادر هي بالسؤال عن احدي الشماليات من مدينة واو كانت لاعبة سلة لا يشق لها غبار.. كان بينهما سجال مشهود في الدورات المدرسية .. لا ادري هل تقصد امال الطاهر عبد الرحيم ..أم تقصد اخري .. قلت مخاطبا كمال الطاهر عبد الرحيم : في رحلة بحثك الطويلة عن اختك .. ألم تفكر في مقابلة زوجها ادوار لينو .. الا يفيدك هذا اكثر .. الا يختصر لك مسافات الوصول للحقيقة .. لتعرف اين هي .. كنت اتحدث عن الفترة التي اعقبت اتفاقية نيفاشا حيث اصبحت الحركة الشعبية قوة سياسية بارزة ونشطة .. جاء قادتها للخرطوم زرافات زرفات .. اجابتي : لم افكر قط .. مبكرا بدأ كمال الطاهر رحلة بحثه تلك يتلمس خطي اخته المفقودة .. كان هدفه الحقيقي لم شمل الاسرة .. الاب الطاهر عبد الرحيم تزوج شمالية اولا ثم تزوج جنوبية ثانية .. بداية بحثه كانت في العام 1975 من مدينة جوبا .. ونهاية المطاف في عمق الخرطوم عام 2009م .. وهو العام الذي توفيت فيه امال الطاهر نفسها.. اي قضي 35 عاما باحثا دون كلل او ملل .. انفق اكثر من ثلث قرن تنقيبا وتفتيشا .. تذكرني حكايته ب (هوبز) المغامر الباحث عن (كنز الرجل الهولندي) .. كلاهما اجتهد وكافح من اجل الوصول لكشف الغطاء عن الحقيقة المخفاة .. مات هوبز قبل ان يدرك (كنز الرجل الهولندي) .. وماتت امال الطاهر قبل ان يصل اليها كمال الطاهر .. حاولت ان انكأ الذاكرة لعلي احصل على اجابة شافية .. هل كانت امال الطاهر ضمن افواج طلبة الدورة المدرسية الذين يفدون الى منزلنا في حي نمرة 3.. لان سكناهم في مركز الشباب حي نمرة 3 مقابل بيتنا مباشرة .. كثيرا ما يأتي كل من سبت لوقوروقو ونونو الفونس لوالدتي ببعض الطلبة القادمين من مناطق الجنوب المختلفة .. والدتي تقدم لهم واجب الضيافة .. ثم تعرفنا عليهم هذا فلان ابن فلان يسكن المدينة الفلانية وهكذا.. عجزت في الحصول على اجابة شافية على السؤال الذي اثرته ..إنهَزَمت (ذاكرة السمكة) هزيمة موجعة .. لم استطع تذكر اسم امال الطاهر نهائيا هل كانت ممن يفدون الى منزلنا ام لا .. الان فرغت من قراءة رواية (ساق البامبو) لسعود السنعوسي هي التى جعلت شريط الذكريات يعود بي الى الجنوب ثانية .. رواية كاملة الدسم بما تحمل على طياتها من حبكة وسرد واثارة .. رواية تنحدر من اعلي هضابها مباديء قيمة وثرة منسوبة الى (خوسيه ريزال) البطل القومي للفلبين .. كأنما الراوي يريد ان يجعل منه نجما ساطعا يهتدي به ابناء تلك الجزر حتى بعد مماته .. في نفس الوقت لاحت ام ناظري ايضا رواية (نهر الدون الهاديء) لمخائيل شولوخوف قرأتها منذ امد بعيد .. حيث ان ميلخوف ذو الاصول الروسية القوقازية جلب معه اسيرة تركية اتخذها زوجة له وانجب ابناءا مختلطين .. عاش حياة العزلة مع زوجته التي لم تعجب أقاربه والذين سرعان ما اتهموها بممارسة السحر... رواية (نهر الدون الهاديء ) سلطت شعاع ضوء ضيق على قضية الزواج المختلط وفي جانب صغير جدا .. اما رواية (ساق البامبو) سلطت الاضواء برمتها على قضايا المولدين من ابوين مختلفين ثقافيا ودينيا وعرقيا بصورة اعمق واشمل .. حيث وصفهم المؤلف ب (ساق البامبو) .. لا يدرك مغزي الروايتان الا الذين عاشوا في الجنوب وشاهدوا الزيجات المختلطة ورأوا بام أعينهم معاناة الابناء وهم مشتتين بين الانتماء والولاء شمالا أو جنوبا .. ان (هوزيه ميندوزا) بطل الرواية ستجده في السودان في كل مكان .. في توريت وياي ومريدي واويل وراجا والناصر والبيبور .. اذا يمتت شمالا فهو ضائع الهوية في نيالا وكوستى والمجلد ودنقلا وكسلا وكادوقلي .. ستجده ماثلا يحمل جينات ابيه الشمالي وامه الجنوبية .. والعكس صحيح .. الرواية تضرب منحا جديدا تناقش قصة الابناء المولدين باحساس من ذاقوا ويلات التهميش والتلفظ من مجتمع الاباء الطارد .. بين ابناء الكويت وبنات من شرق اسيا (الفلبين) .. ولكن هنا امح الكويت وضع بدلا عنها شمال السودان .. امح الفلبين وضع بدلا عنها جنوب السودان .. هناك زاوية واحدة تربط بينهما وهي ظلم المجتمع وتعسفه .. كانت امال الطاهر مثل (ساق البامبو) ناتجة عن زيجة مختلطة .. امها جنوبية ووالدها شمالي .. جميعنا يعرف ادوارد لينو فهو سياسي ضارب الشهرة ومناضل ضليع لا تخطئه عين ولا يتجاوزه قلم .. قليل منا يعرف ان زوجته اسمها امال الطاهر عبد الرحيم.. كانت امال الطاهر مثلها مثل هوزيه او عيسي الوارد في الرواية. لكنها تحمل اسما واحدا ولا تحمل اسماءا متعددة .. لم تكن غريبة عن مجتمع جوبا .. فهي احدي البطلات المشهورات في الدورات المدرسية انذاك تفد من مدينتها واو وهي بمثابة (عطبرة الجنوب) مدينة الحديد والنار .. من منا لا يعرف ان الرياضة في الجنوب قاطبة ليس لها نكهه وروح بدون الشعار الداوي (واو .. نار) .. حتى ذات مرة تطوع صمويل مخائيل في برامجه (دا غلط )الذي تبثه اذاعة جوبا وهو يوجه نداءا الى الجماهير العريضة يطالبهم بترك تشجيع فرق مدينة واو .. وصب جهد تشجيعهم لمدينتهم العريقة جوبا .. فهي المدينة التى انجبتهم وأوتهم ولها افضال عليهم .. واختتم حديثه ان كل من يريد تشجيع فرق واو عليه العيش في واو أولا.. كانت امال الطاهر لاعبة كرة السلة بارعة وهي تشق طريقها بين لاعبات الخصوم برشاقة غزال .. بينما لاعبتنا الجباوية (طيارة) لا تستطيع صد المسيرة الكاسحة للاعبة الطموحة .. يخيب امرنا تشق امال طريقها بين لاعبات الخصوم لتحرز هدفا .. (طيارة) تخذل مدينة جوبا باسرها وتزيقها العلقم المر.. لا احد يصغي لنصائح صمويل مخائيل الجميع يشجع بصوت هادر : واو نار .. جوبا في الجيب .. وفد حديثا الى جوبا في العام 1975م .. جاء ليعمل مدرسا .. يحمل اسم كمال الطاهر عبد الرحيم .. والداه من اقصي الشمال .. لم تكن المدينة غريبة عنه .. فاهله كثر .. معظهم هاجر واستقر بهم المطاف في الجنوب .. توزعوا على مدنه وبلداته المختلفة .. لكن جوبا اخذت الحيز الكبير في موسم هجرتهم جنوبا .. والده كان يعمل بمصلحة الاشغال بمدينة واو .. بلاد نهر الجور .. سمع بعض الحقائق الغائبة عنه في جوبا من اهله .. ان والده تزوج بجنوبية من بلدة راجا هذه (جوزافين ميندوزا) اخري .. الزيجة تمخضت عن بنت صغيرة اختار لها والدها اسم آمال اي الأمنية والطموح والرغبة.. كأن الاب يعزز امنيات كثيرة راودته يرمي لتحقيقها.. الطموح بحرب تضع اوزارها .. الرغبة بان ينعم الجنوب بسلام دائم .. لكن هناك في (ساق البامبو) يقول الراوي (اختارت والدتي هذا الاسم تيمنا بخوسيه ريزال الطبيب والروائي .. بطل الفلبين القومي الذي ما كان للشعب ان يثور لطرد المستعمر الاسباني لولاه) .. لعبت الصدفة المخضة دورا عريضا في رحل البحث التى قادها كمال الطاهر في سعيه الدؤوب من اجل لم شمل الاسرة المكونة من زوجة ابيه الجنوبية وابنتها امال .. قابل شول او كيدين او ميري نسي اسمها في غمرة الاحداث والزمن كأنما كل شعرة شيب تمحو جزءا يسيرا من الذاكرة .. لكنها من رفيقات امال الطاهر المقربات .. فالسعنوسي اطلق علي هذه العينة من الرفقاء اسم (مجانين جزيرة بوراكاي) .. ذات مرة يقود كمال الطاهر ركشة يتلقط رزقه .. استوقفته احدي الجنوبيات .. لمشوار من السوق الشعبي الى الكلاكلة .. تبادل معها الحديث هنا وهناك .. الا ان حط الكلام رحاله عند سيرة امال الطاهر .. قالت له الراكبة .. ان امال الطاهر رفيقتها وصديقتها منذ الصغر.. وانهما سويا من مدينة واو .. وذكرت له انها تزوجت من رجل يدعي ادوارد لينو .. لحظتها ادوارد لينو كان نكرة غير معلوم للعامة والكافة.. وزادت الراكبة من المفروض ان تتزوج هي ادوارد لينو.. لكن ظروف ما حالت دون ذلك .. واتجهت القسمة صوب امال الطاهر فكانت هي الزوجة .. عاد كمال الطاهر يجتر الذكريات من اضابير الذاكرة العتيقة .. ففي مدينة واو كان هناك رجلان يحملان الاسم نفسه الطاهر عبد الرحيم .. الطاهر عبد الرحيم والده يعمل بمصلحة الاشغال .. اما الطاهر عبد الرحيم الاخر يعمل مدرسا .. كان الخلط حاضرا .. دائما فعندما ترد خطابات بالبوستة .. يستلم احد الطاهرين الخطاب فيقرأه فاذا لم يجده له سلمه للاخر .. تشابه الاسماء خلق بين الطاهرين صداقة ومحبة .. خوسيه ريزال يقول ( ان الذي لا يستطيع النظر الى المكان الذي جاء منه .. سوف لن يصل الى وجهته ابدا ) .. كان امال الطاهر تنظر دوما الى الخلف الى منبعها في الجنوب .. سخرت نفسها للعمل من اجل بناء مستقبل باهر لمواطنيها ليعشون في دعة ورفاهية ومساواة فها هو شاهد عيان يقول (كانت تسافر غير مبالية بخطورة عملها فى بلد فيه أعلى نسبة وفيات أطفال فى العالم.. تفتك فيه الأمراض بالناس كما لم تفتك بهم الحروب.. ) كما ان انعام عبد الحفيظ تدون (حزنت جدا لهذا الخبر فآمال الطاهر تمثل الحيوية والنشاط وجمال الروح .. كانت مؤمنة بقضيتها حد الايمان تدافع عنها بكل قوة وتأتيك بالحجة بدون تعصب .. سهلة التعامل بسيطة نقية الدواخل محبة للمرح والحياة .. لكن هذه هي حالة الدنيا تأخذ دوماً اخيار البشر ..) سالت كمال الطاهر : ماذا حدث بعد ان التقيت راكبة الركشة رفيقة امال الطاهر .. - الراكبة اوضحت لي ان والد امال الطاهر كان يعمل مدرسا في واو اعتطني عنوان والدها الحقيقي.. يعمل حاليا بدكان في سوق الشجرة .. في اللحظة التى تلفظ وتطرد اسرة راشد الطاروف ابنهم هوزيه منيدوزا .. فهو في نظرهم عار جاء من زيجة مختلطة مثل ابناء القوزاقي ميلخوف .. على النقيض من ذلك يشد كمال الطاهر الرحال صوب سوق الشجرة يرنو للم اسرة والده .. باحثا عن اخته المفقودة .. هناك التقي الطاهر عبد الرحيم المعلم سابقا بمدينة واو.. عرفه بنفسه .. تبادلا الحديث الشجي والذكريات الشيقه .. فحكي له الطاهر انه عندما انجب صبيا اطلق عليه اسم كمال تيمنا به .. فصار هناك كمال الطاهر عبد الرحيم اخر .. اكد له ان امال ابنته من زوجة جنوبية من واو .. وان لا صلة رحم تربطه بها .. هنا وضع كمال الطاهر عصا البحث .. وصل اخيرا الي وجهته التى ابتغاها .. اخيرا ازال العتمة .. اذن امال الطاهر ليست اخته انما تشابه اسماء .. امضي 35 عاما ليدرك ان امال الطاهر ليست اخته .. كان الجد ميندوزا يخاطب حفيده هوزيه (اتمنى ان لو تنبت لك ألف عين لتتمكن من رؤية الاشياء بوضوح ) .. دون الحاجة لألف عين رأت امال الطاهر المعاناة تسكن جموع شعبها النازح في مدن وبلدات الشمال ومخيمات اللجوء في دول الجوار .. رأت المعاناة وشظف العيش والقسوة في بيوتات القش والخيش التى اتخذها ابناء الجنوب سكنا لهم .. كانت ناشطة اجتماعية تدب فيها روح مساعدة الاخرين .. يكتب هاشم بدر الدين الاتي (الناس بين مُصدقٍ ومُكذب. فالموت فى بلادنا زائر مقيم، يختطفُ من الناس خيارهم ويترك شرارهم. عاشت بيننا حياة الزائر الخفيف المؤقن بيوم الرحيل، تفرح لأفراح الآخرين وتحزن لأحزانهم، فما عاشت يوماً لنفسها. كان دأبها الترحال فى الأراضى المحررة عاملة مع المنظمات الخيرية فى محاربة الأمراض وإغاثة الجوعى والنازحين ). ماتت امال الطاهر نقية حيث يقول خوسيه ريزال ( يجب ان يكون الضحية نقيا كي تقبل التضحية ) إصابتها حمى السحائى فى واراب ووريت الثرى فى مدينة واو .. فإنطفأت شعلة كانت متقدة بالنشاط والحيوية .. وفقد رفيق دربها ادوارد لينو زوجة مخلصة ووفية .. لم يعاصر هوزيه ميندوزا قدوته محرر الفلبين (خوسيه ريزال) .. لكن امال الطاهر عاصرت بطل الجنوب القومي جون قرنق وكانت هناك في نيفاشا تزرع (آمال) عراض في الوصول الى اتفاق ينهي الحرب الاهلية القائمة حينها .. وتزرع الحب والوئام .. وننظر ما كتبت عفاف ابو كشوة احدي رفيقات امال الطاهر (كان خبر رحيلك المفاجئ .. يا آمال فاجعا وموجعا.. ونزل علينا كما الصاعقه .. تلقيت الخبر من الصديقة الصحفيه
هنادي عثمان من الخرطوم.. حزنت وترددت .. ثم اتصلت بالصديقه عفاف عطا المنان بنيروبي .. وكان عشمي ان تنفي عفاف الخبر..ولكنها اكدته .. ووجدتها حزينه .. حزينه . وحزنت وتألمت مثلها كيف لا ؟؟ واجتريت شريط الذكريات .... عندما تعرفت عليك يا امال.. لاول مره مع صديقتك عفاف عطا المنان بنيفاشا.. اثناء مراسم توقيع اتفاق تقاسم الثروة.. تذكرت وجهك الصبوح ..وضحكتك الرنانه.. وحيويتك كأجمل ما تكون فتاة في العشرين..تذكرت يا امال .. ترحابك بالضيوف في داركم العامرة.. وكرمك الفياض ..تذكرت ياامال.. انك زوجة رجل مناضل .. يحمل راسه علي كتفيه.. وانتى تحملين عنه عبء تربية الاولاد وتعليمهم في المنعطفات الحاده والحرجه.. تذكرتك يا امال.. فرحتك يوم توقيع اتفاق السلام باستاد نيروبي .. والدموع تنهمر من مقلتيك فرحا نبيلا بالسلام.. تذكرت ياامال .. احلامك الصغيرة والكبيرة .. بسودان جديد.. يتساوى فيه الجميع في كل شئ .. وتنال المراة السودانيه حقوقها كامله ).. واضافت (كانت الرفيقة رمزا للنضال النسوي الذي يجبن رجال كثير في بلدنا ان يحذون حذوها فهي اقرت حقيقة اساسية في بناء الحياة السعيدة لزوجها و اهلها .. فهي مثال للتقوي ووحدة الاصل البشري .. و منذ نعومة شبابها وهي احدي بطلات الدورة المدرسية حينما تبرعت لنا طلاب النيل الابيض بادواتها الرياضية .. فكانت الرفاقية في دمها و التجرد من الانانية و الوان التميز بسبب الجنس و اللون و العرق الذي اخذ من يؤصل له و يجذر له جهلاء بلادي القدامى و الجدد و الله لم تنزع لها نفسها و لو مرة .. وهي في ذاك الزمان امال الانسان .. طهارة الروح فالي جنان الخلد و اليوم نعلنه حدادا اسريا في بيتنا) .. حينما علم كمال الطاهر بالوفاة .. توجه نحو حي الشجرة .. حيثم اقام والدها الطاهر عبد الرحيم سرادق العزاء .. فتأكد حينها ان رحلة البحث الطويلة التى انفقها تمخضت ان ما يبحث عنها ليست اخته انما تشابه اسماء .. وتأكد لوالد امال الطاهر عندما اطلق اسم كمال على ابنه تيمنا بكمال (الباحث عن اخته) انه انشد اسما يحمله رجلا نبيلا ظل يبحث عن اخته المحتملة الى ان كتب الله لها النهاية .. لاعبة كرة السلة (طيارة) التقيها باستمرار لم تعد الى الجنوب بعد الانفصال ظلت هنا في الشمال حيث طاب لها المقام والمنزل .. ما زلت اشتم عبق الجنوب عند مقابلتها ..استاد السلة .. ار ان سي .. نيكولا الحاوي .. شجرة اللالوب قبالة بيت محجوب الحسين .. حجار اندرو البيضاء .. الصيدلاني مورس وهو يشق ميدان سليقة قاصدا صيدلية طيفور .. السنى محمد خير القاضي المناوب لسطان اندريا .. قمبا حيث نزح اللوفيت هناك .. جوبا نباري .. جبل كجور .. جبل بيلينانق ..بنات المنداري لابسات الجبوندا .. بنات الفوجولو ذوات القوام الممشوق .. عندما اقابلها اسألها كالعادة : وين بنيا تا نمرة 3 .. وين نونو الفونس .. ستجيبني : انا ما شوفو .. يا تا ساقا انا كان شوفو بودي لي اتا خبر .. ثم تسأل : وين بنيا تا موندوكور تا واو .. سلام ثم وداع وانا اللاحظ العرجلة الخفيفة التى لم تؤثر سلبا على مسيرتها الرياضية .. او مسيرتها في الحياة ..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.