تقول العرب ( ما زال الناس بخير ما تعجبوا من العجب ) ونحمد المولى فما زلنا بخير بعد تلك العقود من حكم الانقاذ وما اجترحوه من شائن القول والفعل مما يصادم ما تعارف عليه الناس من سلوك قويم ونطق سليم وما اتفق عليه الذوق العام .. إذ ما زال العجب يتملكنا من جرأة القوم على الجهر بشائن الفعال ومنكر المقال ! بل ندهش أكثر لمفارقة القول للفعل ، فنذكر هنا – عرضا – قولهم قبل ربع قرن " نأكل مما نزرع " وها نحن الآن نستورد الثوم والنبق ! رغم بشارة وزير المالية السابق بتصدير الأخير دعما لاقتصادنا المنهار ! ولا ننسى إضافته لفئة الأطباء لقائمة صادرات السودان ... عجب .. !! تداول القوم في الأسابيع السابقة بنودا في القانون تشدد عقوبة الاتجار بالعملة لتصل حد الاعدام ، ويبدو أن الزمان قد استدار كهيئته يوم حطت الانقاذ بأرضنا ، فكان ضحية قانونهم يومها مجدي وصحبه الذين رحلوا عن عالمنا ظلما .. ولكن مصادفة ، كشف اللصوص وجود عشرات الآلاف من الدولارات والعملات الأوربية بحوزة قيادي منهم كان محافظا لبنك السودان ! كيف تحصل عليها وهل اشتراها من السوق الموازي ؟ نعلم أن القانون لا يسري بأثر رجعي – بافتراض اجازته – ولكن هل ستسلط عليه الرقابة كأحد تجار العملة النشطاء ؟ لا يمكن فهو أحد ( البدريين ) ممن " لا يسألون عما كانوا يعملون " ! كغيري من أفراد الشعب لا نتابع حوار الوثبة ولا نبالي بمخرجاتها " إمساكا " عن الرجاء .. متيقنين أن لا شئ سيتغير ، ولكن يطرق سمعنا احيانا بندا في الحوار يتداوله القوم وموضوعه الهوية .. فنتساءل هل المراد اكتشافها أم تحديد مواصفاتها بقرار من اللجنة ، أم أن كل الجهد يرمي الى إطلاق اسم عليها .. يقال أن الهوية في اللغة مشتقة من الضمير هو/هي .. ويعني مواصفات الفرد ، وفي الجماعة بما يشمل القيم والعادات والثقافة والموقع .. فمكونات الهوية في الجماعة تشمل : - الموقع الجغرافي . - الذاكرة التاريخية المشتركة . - الثقافة الشعبية الموحدة ، الى حد . - الاقتصاد المشترك . - الحقوق والواجبات المشتركة . يكفي إذا استوفينا هذه الشروط أن نسمي هويتنا : الهوية السودانية ، ونعتقد أننا نستحقها إذا تجاوزنا عن النقطة الأخيرة - إذ تستحوذ العصبة الحاكمة على كل الحقوق ونرزح نحن تحت عبء الواجبات - .. وعليه لا أرى داعيا للإنزلاق في حوارات عن الافريقانية والعربية ورغبة البعض بوضع ختم الهوية العربية رغم أنف سكان هذه البلاد .. وقد خاطب أبو تمام الطائي أمثالهم ، ليصلنا قوله عبر القرون : كذبتم ، ليس يزهى من له حسب ومن له نسب عمن له أدب وإني لذو عجب منكم أردده وفي عجبي من زهوكم عجب لجاجة لي فيكم ليس يشبهها إلا لجاجتكم في أنكم عرب قرأت قبل فترة أن أهل حوطة بني تميم – يبدو أنها منطقة بالشام أو الخليج – ينطقون بعض الكلمات العربية بمثل ما تنطق به قبيلة تميم العربية العريقة ، وللغرابة تطابق نطقنا .. يقلبون الهمزة عينا في سأل ومسألة : سعل ومسعلة وأخرى ، الهمزة الى واو : أين والله أكبر : وين والله وكبر ومرات تتحول الهمزة الى صوت لين أو ياء : رأس وشؤم : راس وشوم بئر وتوضأت وقرأت : بير وتوضيت وقريت ملآن وخائف وطائر : مليان وخايف وطاير مائل : مايل ، كحالنا تماما .. لذا وإذا كان ( حتما ولابد ) فعلى رواد الهوية العربية تعديل انتمائهم ، والإنتساب الى بني تميم بدلا عن خزاعة ومضر فذلك أقرب ، وليتحججوا بما سبق .. ونضحك نحن من العجب ... وفي ذلك يقال ( أعجب من العجب ، ترك الضحك من العجب ) !! مصطفى محمد علي [email protected]