(1) ٭ ابتكر زوجان أمريكيان طريقة خاصة لتدريس أطفالهما وقاما بذلك بطريقة عملية من خلال السفر والاستكشاف للحياة والأشياء، وبوسيلة بسيطة طافوا على المدن والصحارى والجبال والغابات وأقتربوا من البحار ونظروا للأشياء عن قرب، وتعرفوا على التفاصيل والقواعد وتفتحت أذهانهم على مشاهد حقيقية، ومع دروس منزلية في الحساب والفيزياء ، فإن الاطفال قد نبغوا في دروسهم وتجاوزوا صفوفهم الدراسية، تلك تجربة المعايشة الحقيقية والأكثر تأثيراً في الذهن وإرتباطاً في الوجدان. ٭ ابتدرت هذه المقدمة إستناداً إلى الجدل التربوي الذي يدور الآن في البرلمان وفي أروقة أخرى عن السلم التعليمي والعودة إلى السلم القديم أو تصحيح مسار السلم الحالي، وبين الطرفين بون شاسع. (2) ٭ المحامي والوزير السابق عبد الباسط سبدرات قدم مرافعة عن السلم التعليمي الجديد، وطرح سؤالاً جوهرياً، هل المشكلة في التلقين أم في التزكية؟ قبل أن يكمل إفادته حسب صحف الأمس ان المشكلة في المعلم، وذلك سبب تدني التعليم.. وربما لو كنت مكان المحامي والوزير سبدرات لأكملت الاستفسار والاستفهام السابق بآخر، يقول هل إذا استمر ذات السلم التعليمي القديم كنا سنحصل على نتيجة أفضل من الآن؟.. ان أسهل الطرق لتجاوز المشكلات هو القفز فوقها وتفاديها إلى أن تتراكم القضايا لدرجة يصعب التعامل معها كتلة واحدة دون تفكيك، ولذلك من البديهي ان نقول: هل إذا استمر ذات السلم كنا سنحصل على قدرات وملكات أفضل من الآن؟ وذلك مع استصحاب التحولات التقنية والفضاء المفتوح والانترنت وعدد الطلاب في الفصول والبنيات التحتية للمدارس، وتلك الفرضية التي ينبغي ان نؤسس عليها وليس هذا الحنين والعاطفة لكل ماهو قديم! ٭ ان المشكلة التعليمية تكمن في متغيرات تتطلب معادلات ومناهج تعليمية أكثر إقتراباً من الواقع. (3) ٭ غير خفي ان مناهجنا التعليمية نشأت وتطورت من خلال نافذة التلقين، لأن التعليم نفسه إمتداد للخلاوي في السودان، ومع أن بدايات بعض رواد التعليم مثل الشيخ بابكر بدري ذات طابع عملي ويختبر الأشياء من خلال التعلم الذاتي والاجتهاد والمثابرة، إلا أن طريقة التدريس أقتربت من الخلوة والحفظ والتلقين والتشكل، وليس حفز الاذهان للتلقي والابداع والتعلم والاكتشاف، ومع تدفق إعلامي ومعرفي جديد، فإن التلاميذ سئموا هذا المنهج وبدأوا في التعامل مع وارد التقنية الجديدة، والأكثر إثارة للشغف والاهتمام وإشباعاً للتعلم وحب الاستطلاع وكانت النتيجة هذا القلق التربوي، لأن نافذة جديدة فتحت، وأصبح التلميذ لا يجيد الحساب ولكنه يتعامل بمهارة مع الحاسوب والالعاب والمعادلات، وذلك لا يعني ابداً أن السلم التعليمي الجديد تدهور، بل أن منهج التلقي المعرفي قد أختلف.. وذلك هوالسؤال الذي يتطلب إجابة..؟ ونواصل الصحافة