(السودان يحقق ثاني أكبر مشاركة دولية في معرض إثيوبيا التجاري الدولي.. افتتاح معرض إثيوبيا التجاري الدولي الدورة التاسعة.. وقد نظمت شركة يارا للخدمات والمعارض جناح السودان بحضور وزير التجارة الإثيوبي.. وقد شارك السودان بعدد 13 شركة منها مجموعة جياد الصناعية بعدد 9 شركات وشركة الجزيرة للأجهزة المنزلية وولاية الخرطوم ومركز علوية للتجميل وشركة تارقيت. وتعد مشاركة السودان من أكبر المشاركات بعد الهند وذلك بإشادات وزير التجارة الإثيوبي وقد شرف الافتتاح وفد رفيع من السفارة السودانية بأديس أبابا). بالطبع لم يلفت نظري أن السودان قد شارك في معرض إثيوبيا التجاري.. بل بالعكس تبدو المشاركة بائسة مقارنة بقدرات السودان وإمكاناته.. فماذا تعني 13 شركة مقارنة بعدد هائل من الشركات.. لبعضها وجود فعلى في إثيوبيا؟.. ثم إن كان الحديث عن ولاية الخرطوم فقد كان أوقع أن يكون للولايات الحدودية وجود في هذا المعرض.. وعلى ذلك قس.. لكن الذي لفت نظري حقا.. هو أن الجارة إثيوبيا قد تجاوزت أزمتها السياسية.. التي بدت في لحظة ما وكأنها تعصف بتلك الدولة الناهضة.. والمنطلقة بقوة.. ولعل اللافت للنظر أن الحراك المناهض الذي شهدته إثيوبيا مؤخرا لم يكن محض تظاهرات سياسية.. وتحت شعارات منهجية بمطالب مشروعة.. ولكن الذي حدث وأذهل المراقب.. قبل السلطات الإثيوبية نفسها.. هو ذلك العنف الذي صاحب ذلك الحراك.. وحتى بافتراض أن ثمة مشروعية في المطالب التي أججت المشهد الإثيوبي.. فقد كان استخدام المتظاهرين للعنف المفرط لافتا للنظر.. حتى شكك البعض.. بل رجح بعض هذا البعض أن ثمة أيادي خفية تقف خلف ذلك الحراك.. وربط هؤلاء ذلك الحراك بمواقف البعض من مشروع سد النهضة.. وأيضا.. وبغض النظر عن صحة تلك الاستنتاجات من عدمها.. فقد كان العنف مما يشي بمثل تلك الافتراضات..! مصادر مطلعة تؤكد أن مسألة حيازات الأراضي.. والتقاطع بين المواطن والدولة كانت سببا رئيسا.. معلنا.. خلف تلك الأزمة.. وتفاقمت الأزمة حين تطور ذلك التقاطع حين تطور.. في لحظة ما.. وفي موقع ما.. حين أصبح تقاطعا بين الدولة من جهة.. وبين قوميات بحالها من جهة أخرى.. الحكومة في إثيوبيا.. والتي رأينا جهودها في التنمية رأي العين.. تقول إنها لكي تنجز مشروعات تنموية طموحة.. مثل المجمعات السكنية والسكك الحديدية والمترو وشوارع الأسفلت.. وقد أنجزت بالفعل.. فقد كانت ولا تزال في حاجة لمساحات من الأرض.. وهي لا تملك هذه الأرض.. وبالتالي فهي مضطرة للحصول على مساحات شاسعة من الأرض.. وحين تكون هذه الأرض تحت سيطرة المواطن.. فالحكومة لا خيار أمامها غير التفاوض مع هذا المواطن لتعويضه عن تلك الأرض.. ثم تنفيذ المشاريع الخدمية التي تعود فوائدها أيضا.. لذات المواطن..! يبدو المشهد مقاربا لما يحدث في السودان.. وإن اختلفت أساليب الاحتجاج من المواطن.. ووسائل الاستجابة من الحكومة.. ولن نفصل.. ومسئولون إثيوبيون.. يعتقدون.. أن ثمة عناصر تؤثر على مواقف المتضررين.. لتفاجأ الحكومة بأن مجموعات تم الاتفاق معها سلفا.. تتراجع فجأة.. ثم تفجر ردود أفعال حادة تقود المشهد كله إلى ما شهدنا الأشهر الماضية.. وعودا على بدء فإن انعقاد المعرض التجاري جاء كعنوان عريض لعودة الاستقرار لتلك الدولة التي تجتهد في خدمة مواطنها بأفضل ما تستطيع.. ولأن إثيوبيا دولة ذات ثقل في الإقليم.. وفي القارة.. ولها دورها الذي نعرف.. فالمراقب يسعد أن يعود إليها الاستقرار.. سيما وأن الدستور الذي تواضعت عليه الشعوب الإثيوبة قبل نحو ربع قرن.. ما يزال محل احترام الجميع اليوم التالي