قبل أن نعرض ما تبقى من كتاب ( شارب ) لابد أن نحيي شباب هذا الوطن العظيم ، هؤلاء الأنقياء الذين أنزلوا شعار العصيان المدني الى أرض الواقع ، فسجلوا نجاحاً لا يقاس بكل ما فعلته المجموعات السياسية طوال حكم الاستبداد .. لقد اختاروا بفطرتهم السليمة وخطابهم البسيط المباشر وفي التوقيت المناسب وسيلتهم الناجعة فكانت الإستجابة من الشعب ، فبهت النظام وأعجب العالم بتحركهم المتحضر .. هذه بداية لها ما بعدها ، فقد خبر الشعب هذا السلاح وأدرك مضاءه وسيشهره مرة أخرى بقوة أكبر يخترق بها جسم النظام ، ولن تفلح دروعه في صد السهام ، فالعصيان المدني ميدان آخر لا تصلح فيه الاسلحة النارية والذخائر .. ولن تفلح مليشيات حميدتي في انتزاع الناس من بيوتهم وسوقهم للعمل قسرا .! لقد استخدم الشباب وصولا الى إنفاذ العصيان المدني كثيراً من الوسائل التي أوردها ( شارب ) في كتابه وذلك بفطرتهم السليمة وحسهم الوطني رغم أنهم قد لا يكونون قد اطلعوا على كتابه .. سنعرض في إيجاز بعض ما أورده شارب في كتابه كمخطط عام لاسقاط النظام الشمولي وقد فصّله في أربع وجوه : الاستراتيجية الشاملة : وبها تتحدد الغايات النهائية التي نهدف للوصول اليها من خلال ( المقاومة بغير عنف ) : 1 – اسقاط النظام الشمولي واقامة نظام ديمقراطي . 2 – خلق مجتمع ديمقراطي حر بعد سقوط الاستبداد ، وهذا يتخلق من خلال المقاومة بمشاركة عامة الناس في عملية انتزاع حريتهم - كلٌ بقدرته وبما يليه من وسيلة - بذا يتخلق الانسان الديمقراطي الحر وفي ذلك ضمانة ألا يرتد النظام الديمقراطي المأمول الى دكتاتورية بثوب جديد ، عكس ما قد يحدث إذا تم التغيير بعمل انقلابي أو تدخل اجنبي أو تمرد مسلح .. 3 - ترسيخ مبدأ السلام واللاعنف في المجتمع الديمقراطي المقبل ، وهي سمة ( المقاومة بغير عنف ) التي تمتزج بوجدان الشعب خلال المقاومة ويحملها معه الى المستقبل .. استراتيجيات متعددة ( استراتيجيات مقاومة ) : أهداف متحركة وعديدة تستهدف نقاط القوة السياسية لدى النظام الشمولي ( السلطة " وتعني القبول والطاعة والتعاون " - الموارد المادية - الموارد البشرية - العوامل غير المرئية " عقائدية ونفسية " – والعنصر العقابي ) .. المقصود هنا إضعاف تلك العناصر بتكتيكات متعددة ووسائل قد نستنبطها خلال عملية المقاومة .. التكتيكات : وتعني افتراع مواجهات محدودة ومعارك قد تكون صغيرة ولفترات قصيرة في مواقع يحددها المقاومون ، تخدم في مجملها الاستراتيجية الفرعية الهادفة الى تفتيت عناصر قوة النظام .. الوسائل : أورد شارب قرابة المائتي وسيلة ( للمقاومة بغير عنف ) ، قد يصلح بعضها في مجتمع ولا يصلح في غيره ، ولا يجد الفرد العادي صعوبة في انفاذ بعضها ، وقد تتداخل الوسائل فتخدم أكثر من وجه من وجوه المقاومة .. وأهمها ما يهز العنصر الأساسي للقوة السياسية وهي السلطة بتعريفها ( قبول الناس وطاعتهم واستعدادهم للتعاون ) .. : o العصيان المدني .. وله وجوهه ووسائله المتعددة في التهيئة والإقناع والتنفيذ : * الاضراب عن العمل * التوقف عن أداء العمل لمن أُجبر على الحضور * الاعتصام في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة * رفع شعارات رمزية للمقاومة * توزيع نشرات للتوعية * الكتابة في الصحف إن تيسر * توزيع بيانات * التضامن مع جهة تقاوم سلميا * الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي * نشر فيديوهات في نفس الوسائط تحوي اغاني أو أشعار أو أحاديث * رسومات كاريكتورية * حمل أو رفع أعلام تشير الى المقاومة بغير عنف * رفع صور ترمز للمقاومة ، كصور الشهداء * اصدار بيانات من هيئات موازية لتنظيمات النظام الشمولي * ترديد اناشيد * ارتداء قميص أو غيره بلون محدد تختاره المقاومة كرمز ، ومن الضروري ألا يكون شائعا ، كالأصفر أو البرتقالي .. * طابور صامت حاملا شعاراً أو مرتدياً لون المقاومة * ليالي تأبين للضحايا o المقاومة الاقتصادية * مقاطعة الهيئات والمؤسسات المرتبطة بالشمولية * مقاطعة سلع ومنتجات المؤسسات التجارية التي ترتبط بالشمولية ما أمكن * عدم دفع الرسوم والأتوات ما أمكن ، أو المماطلة في دفعها o المقاومة النفسية * كشف أعوان النظام ونشر اسمائهم * مقاطعة المتعاونين * عزلهم في التجمعات الاجتماعية ، كالأندية الثقافية والاجتماعية والرياضية * اقامة جمعيات اجتماعية وثقافية موازية o المقاومة السياسية * مقاطعة مؤسسات النظام السياسية * مقاطعة أي هيئة ترتبط بالنظام الشمولي أو الحد من التعامل معها * عدم المشاركة في أي نشاط سياسي للنظام ( ندوة أو اجتماع أو احتفال ) * تنظيم وقفات رمزية في أماكن مختارة وفي مناسبات معينة * تنظيم حملة جلوس – للنساء أو أسر الشهداء – أمام هيئة عدلية أو مقر الأمن * مخاطبات في الأحياء وأماكن السكن * مخاطبات في اماكن التجمعات كمواقف المواصلات * عرقلة وسائل الاتصالات الحكومية والدخول في الشبكة لشل مواقعها هذا قليل من كثير قد نكون قد مارسنا بعضه ، وقد نبتدع وسائل أخرى خلال مسيرتنا الهادفة لاسقاط الشمولية ، نفِتُ من قوتها الزائفة ونهز من اركانها وصولا للحظة الحسم ، عندها لن تملك من عناصر القوة السياسية ما يؤهلها للبقاء والحكم ، وسينهار البناء على رؤوس صانعيه ..!! مصطفى محمد علي [email protected]