كلاكيت مرة تانية.... إنتقد البشير إلغاء الجلد بالمدارس معللا بأنه ضروري للعملية التربوية فكيف يجلد أولياء الأمور بنظام حكمه ويستثنى الصغار من الجلد في المدارس... فما أنتم قائلون ... هل" لكم اللحم و لينا العضم" تصلح لهذا العصر و لمن لا يعرف فهي قولة اشتهرت في سالف العصر والأوان لا بد وأن سمع بها الكثير من تلاميذ الخمسينات وأواخر الستينات والسبعينات كحالتنا وكانت كنوع من التهديد يطلقها والد التلميذ غالبا أمام ناظر المدرسة وفي أول يوم من المدرسة وفي حضور التلميذ حتي يعلم التلميذ إنه منذ الآن سيكون تحت عهدة هذا الناظر يفعل به ما يريد عند تقاعسه عن التعليم والتعلم، ولكن ما كان ملاحظا في ذلك الزمان أيضا ان الأب دائما ما يكون "صحابي" أي عريض المنكبين طويل ذو شنبات كبيرة ووجه صافي من آثار رغد العيش عليه في ذلك الزمن ولحم أكتافه من طيب اللحوم و اللبن والعسل و السمن. ترعرع في بيئة نظيفة لم تعرف برومات البوتاسيوم واللحم الكيري والمعلبات الفاسدة ودائما ما يكون الولد الذي يجره خلفه سمين محشورا داخل الجلابية الضيقة من فرط ما أهتمت به حبوبته التي كانت تأكله من خلف أمه بأطايب الطعام وترعاه وتمسحه بزيت السمسم في الليل وتزوده من محفضتها بعدد من التعاريف والقروش كل صباح ليشتري الدوم والقنقليز و قراصة النبق فأين الحبوبات الآن.... لم يعد هناك حبوبات في هذا العصر يمسكون الأطفال عن طيب خاطر ببساطة لأن الزمن تغير فصار بعض الحبوبات هم أيضا من القوي العاملة ولا وقت لديهم ولا صبر. لم تكن تحذيرات الوالد ونظرات الناظر المتقدة مهددا كبيرا لنا وقتها.... لأننا جبلنا على الأهتمام بكراساتنا وكتبنا وتحصيلنا وملبسنا وقل ما نحوج الناظر إلي استخدام تفويضه. وإن إستخدمه فإن معظم تلاميذ ذلك الزمن كانوا قادرين وبصحة جيدة لم تنهش أجسادهم الملاريا وسوء التغذية كما الحال الآن حيث ترى الآن تلاميذ لا يقوون علي أي شئ تراهم "لايصين" داخل ارديتهم الواسعة ويريد الرئيس أن يقنن الضرب فيما تبقى من أجسادهم النحيلة لينفث الأساتذة عن كدرهم من قلة مرتباتهم وظلمهم الاجتماعي في أطفالنا. ألا يكفي ضرب أولي الأمور في معاشهم والتفنن في تصعيب الحياة لهم... رفع دعم عن كل شئ إن كان هناك دعما... جبايات، رسوم النفايات، العوائد، الضرائب، الجمرة الخبيثة للكهرباء والمياه، هامش الجدية، الزكاة، رسوم الأوراق الثبوثية الباهظة والتظليل... و غيره. لم أعرف في جميع بقاع المعمورة نظاما جعل الشعب عدوا له، نظام جل همه جلد أولياء الأمور وتسييرهم على العجين دون لخبطته، مع أنه يفرض علينا الأتاوات من كل صوب ليصرف منها علي منسوبي المحليات والمعتمديات وجيوش الوزراء وغيره من مؤسساته المترهلة. نظام أطاح بالكثيرين من المواطنين تحت مظلة الصالح العام وأفقر الكثير من المواطنين وجعل الوجبات في كثير من المنازل غير منتظمة وأختفت منها الكثير من الأصناف وصارت وجبة واحدة أو اثنين والتي لا تقوم مواطنا ناهيك عن أطفاله. ففي ذلك حكي لي أحدهم بأنهم صاروا يتأخرون في المجئ الي المنزل وغالبا ما تدمج وجبتي الغداء والعشاء لتصير "غدشا" يتناولون تلك الغدشا في المغربية وخلاص الي الصباح. فما الذي يزهج الرئيس من أطفالنا و يوعز الي ولاية الخرطوم بتجويز الضرب في المدارس، فليسأل الرئيس وهل كان ممنوعا فما حكاوي الطلاب لذويهم ببعيدة.... لم يخلو يوما من جلد شي بالمسطرة وشئ بي خرطوش الموية..... فلو كان هناك عقل راشد لدى متخذي قرار جلد التلاميذ في الولاية لأجاز جلد الذين افرغوا المدارس من معانيها حتى أضحت جدرانا بائسة وعرشا آيلا للانهيار. و كان الله في عون تلاميذنا. .................... عزت ميرغني فيسبوك