ان عادت بي الازمان للوراء لتمنيت ان اعود طفلا ابرطع بين ربوع اهلي وعشيرتي وأكمل لعب وشقاوة لم اشبع منها وارتع في بيتنا الكبير داك والذي كان يسعنا رقم عدديتنا اعندنا وزيادة في الحب والهنا وبسطة في الرعاية من ام فاضلة كان ابوها سر تجار القرية لقب بود جبيرة ولا تسالوني عن سبب هذاالاسم وهو على فكرة لا ينطق جٓبيرة بتاعت الكسر لكن أمكن كان جدي احمد العجيب ده جبار كسور معنويا..ولكن وحسب ماسمعت انه كان رجل قصير القامة وذو صوت عالي يسمع في كل القرية، طبعا ده زمان ايام كانت البيوت بسيطة وما فيها حتى حيشان والنفوس بدون حواجز.. اذكر اني كنت قد كتبت في واحدة من مقالات سابقة شوية ملامح من حياة اهلنا فيي قرية عديد البشاقرة تلك القرية الحبيبة للنفس والتي ترقد في وسط مزارع القطن والذرة والفول والقليل جدا من البهارات والخضروات والعنكوليب (بالمناسبة من أين أتى هذا الاسم وماهو موطنه)..اما سيدنا القطن الذي من أجله انشأ الاستعمارالانجليزي مشروع الجزيرة وكان بحق مشروعا عملاقا بل ويعد احد اكبرالمشاريع المروية لزراعة القطن طويل التيلة اضافة للذرة والفول السوداني وأخيرا القمح. كان المستعمرالانجليزي والذي سيطر على السودان ومعظم بلاد افريقيا والكثير من بلاد العالم ايام ان كانت شمسه لا تغيب دخل في حرب اقتصادية مع امريكا وكانت الهند وأمريكا طرفا فيها وكادت هذه المشكلة ان تعصف بمصانع يوكشير، وبحمرة عين، فقد تكسب منه هذا الغاشم وكذلك اهلنا حتى ان الواحد منهم كان يجمع فلوسه في جوال نعم في جوال وهكذا قال لي والدي ذات يوم وأضاف انه مره اضطر ان يتنازل عن جزء من ارباحه للخواجة بتاع الحسابات، كده كان الشبع ولا بلاش.. عوده لتلك القرية الجميلة فقد كانت تضج بخليط من الناس يجمعهم حب العمل الجماعي والعام ولها في ذلك سمعة يعرفها من زارها او جاورها او تعامل مع اَهلها، تعاشر الناس بدون تكلف ويستأنس فيها كل الناس وقعت الواطة في قرية عديد (تصغير عد وشوف ليك حقارة ناس) واحسب اني ولدت في النصف الثاني من الخمسينات (تقدير عمر وتسنين) وكنت الخامس بين سته اخوة وثلاث اخوات اتينا لهذه الدنيا لأسرة متوسطة الدخل مثلنا مثل معظم أهل ذاك الزمان.. وذات يوم من ايام أكتوبر وهو موعد بداية العام الدراسي حضر الي بيتنا عمي علي يوسف شقيق الوالد وهو رجل كثير الكلام وحليفة الطلاق عنده عاده اما هيأته فقد كان قصير القامة طويل الأنف نحيف البنية اذا رايته لحسبت انك لو قلت له اف فسيقع من طوله ولكنه كان طيبا ووناس تحدث العم علي للوالدة الحاجة ام مريوم بت احمد ذاكرا لها ان اللجنة وهي لجنة القبول للمدرسة الأولية اليوم والولد ده (صاحبكم انا) لابد ان يذهب معه للقبول وحاولت أمي عليها رحمات الله ان تتحجج بان ابي غائب وإني مازلت صغيرا على المدرسة اضافة لاني مصاب ببرجم وتحت إلحاح عّم علي ادخلت في الطشت داك الماخمج وكنت ملطخ بطين الترعة الأسود واشبه البعاتي وبي ماتبقي من حمى البرجم ويافنيك جاك زول. كان ذلك هو علاج البرجم او الجدري الكاذب واظن علاج الطين الأسود مازال موجودا في بعض المناطق الريفية.. لا اذكر تفاصيل ماكان يجول في خاطري في ذاك اليوم العصيب ولكن وبكل تاكيد حا اكون مضطربا وخائفا جدا وممكن جدا اكون بمزاج ممزوج بالفرح والرهبة وكل الذي أتذكره الان ان عمي علي ويلقب بعلي فارس وكان والده يحمل هذا اللقب وقد حكي لنا بعض الأهل ان جدي ود خليل كان حاد الطباع وكان مشهورا باشارة بأصبعيه ويصيح شوف انا دينار انا قلب الفاشر بالله شوف الرجل ده فبالرغم من انه كان غريب أهل بل لم تكن اصول سودانية فقد حضر مع الجيش التركي، الا انه كان معجبا جدا بالسلطان علي دينار والوحيد الذي حمل عنه هذا اللقب عمي علي ولم يكن يعرف الا بعلي فارس وان حدثتكم عنه فسوف احتاج لكلام كتير فقد كان غلباوي شديد ومحجاج مما ساعده على إقناع لجنة القبول بقبولي وهذه اللجنة، والتي من عجب انها تضم العمدة الخضر وشقيقه الفكي وعدد اخر من من اهل القرية والاهم ان العمدة خال الوالد واحد المقربين اليه وهذا يعني ان قبولي مضمون وفعلا قبلت تلميذا بتلك المدرسة الاولية العريقة والتي خرجت عمالقة من المتعلمين كانت لهم العديد من الإسهامات في كل مناحي الحياة وبعدها عدت الى البيت تتملكني نزعتي الرهبة والرغبة والخوف كمان والاولى قد تكون لسبب اني كنت يافع صغير السن وكان في العملية التعليمية رهبة وتخويف جبل عليه جيل المعلمين في ذلك الوقت وكان المعلم مخيفا ومعاي الشخصية وكنا نسمع من الكبار حكاوي الجلد وشد الجلابية مما ادخل في قلوبنا الخوف وانا شخصيا كنت مسكينا وكان بيني وبين الشقاوة خصام وعداوة مما يعني ان عتاولة الحلة والحلال المجاورة اندادي ومن هم اكبر سنا وبسطة في الجسم لم يجدوا عندي صديق او حتى مشجع انما احتفظت بطبعي الهادي منذ وجدت في هذه الدنيا الى يوم الله هذا كان ولا اذكر ابدا اني دخلت في عراك او شكلة في حياتي الا قليلا وفِي القرى توجد مساندة أبناء العمومة وانا لا أبناء عمومة لي في القرية يسندوني ويدافعوا عني وهذا احد أسباب عزوفي عن الشكل والمداوسة وحكاية طالعني الخلا ديك والتي كانت عبارة عن نوع من التحرش والمثل الشعبي يقول (الحراش ما بشاكل) اضافة الى حكاية (المديدة حرقتني) ولو ما طالعت الخلا فأنت مرعه اها مرعه مرعه شن قولكم نقيف هنا ونواصل في مقال اخر مع حبي ومودتي والسلام على اهل قريتي وأحبتي أحياءا وأموات.. عثمان يوسف خليل المملكة المتحدة o_ [email protected]