(رواية) (الحب في زمن الكوليرا) من أبدع ما كتب الاديب والكاتب الكولومبي جابريل جارسيا ما ركيث، وقد نشرت عام 1982 وحققت نجاحاً باهراً وتدور احداثها عن قصة حب رجل وامرأة منذ المراهقة، وحتى ما بعد بلوغهما السبعين، وتصف الرواية ما تغير حولهما وما دار من حروب أهليه في منطقة(الكاريبي) وحتى تغيرات التكنولوجيا وتأثيراتها على نهر (مجدولينا) في الفترة من أواخر القرن التاسع عشر حتى العقود الأولى من القرن العشرين كما أنها ترصد بدقة الأحوال في هذه المنطقة من العالم من حيث الأحوال الاقتصادية والأدبية والديموغرافية دون التأثير على انتظام الأحداث وسيرها الدقيق مما يضعنا أمام كاتب يمسك بأدواته على احسن ما يكون. بعد مضي (34) عاما.. يحدث الآن ..بحاضرة ولاية الجزيرة بالسودان قصة واقعية يمكن أن تصلح (رواية) تحمل اسما مشابها للكولمبي ماركيث (الرقص والطرب في زمن الكوليرا) وهي تجسد واقعا مريرا لأهلنا بحاضرة ولاية الجزيرة المغلوب على امرهم، فمستشفى ودمدني ظل يستقبل العشرات من مصابي وباء (الكوليرا) خلال الأيام الماضية والمسئولين يصرون الحاحا -كما قال عادل امام- على انها اسهالات مائية، وراح من راح ضحية لهذا الوباء ولازالت حكومة (الهوان) تتستر على هذه الكارثة الإنسانية في الوقت الذي تصرف فيه مليارات الجنيهات لاحتفالات ومهرجانات التشوه الإنساني و(الترام). فبمثل ما رصدت رواية ماركيث أحوال المنطقة من حيث الأحوال الاقتصادية دون التأثير على انتظام الأحداث، فان حكومة ايلا لم تؤثر فيها الحالة المزرية التي يمر بها مستشفى ودمدني وما يعانيه أهلنا المغلوب على امرهم من تردي في كافة الخدمات الصحية والمقومات الأساسية للبيئة السليمة وآهات الموبؤين بالكوليرا، في الوقت الذي ظلت فيه حاضرة الولاية وإستاد مدني مرتعا لفناني العاصمة وفرقها الموسيقية وفناني الولاية ورواد الطرب و(الجبجبة والهجيج) يرقصون على أنغام البرود السياسي وعلى بعد أقل من ثلاثة كيلو مترات يعيش العشرات من الموبوئين آلام الوباء القاتل بمستشفى مدني التعليمي المتهالك صحيا. لو كنت واليا لولاية الجزيرة لأمرت فورا بإيقاف هذه المهازل وحولت ميزانيتها المليارية إلى العناية بهؤلاء الضحايا، ولأعلنت رسميا أن ودمدني موبوءة بالكوليرا، ولكم سادتي في هاييتي الفقيرة مثالا وعبرة والتي حذرت فرقها الطبية مؤخرا من تفشي حالات الكوليرا، بعد الأضرار التي خلفها إعصار ماثيو على إمدادات المياه في البلاد قبل شهور قليلة، وتصريحات مسئوليها بأنهم يتحضرون للزيادة في أعداد حالات الكوليرا بسبب الأضرار التي أحدثها الإعصار في إمدادات المياه وأنظمة الصرف الصحي، وما بين تحضير وتحضير (هجيج وخمج). [email protected]