في كثير من الاحيان تختزن ذاكرة الطفولة تربية ثقافية مفاهيمية محددة ، مكتسبة من البيئة المحيطة ومن (ملاسنات) الاهل . ففي سن الخامسة ، كانت ابنة –خالي- وابن –خالها- كثيري اللعب والتجوال معا ،وكانت هذه (الحوامة) والتجوال سبب سخط الاهل عليهما ، مما يشئ برفض مبطن بعلاقة البنت والولد منذ براءة الطفولة في بيئة الجعليين المتشددة ، وكان نتيجة هذا السخط بان لقب الصبي ب (دودو) والبنت (حميرا) بكسر الحاء . دون ان نعرف وقتها من هم دودو وحميرا . في حال انضممت للمجموعة (انا) يتحول اسم الصبي الي (تالتن) وكلها محاولات اتت باكرا لتاطير العلاقة بين البنت والولد . لاحقا تكشف ان (دودو) هذا هو صبي فنانه ذائعة الصيت في مناطق الجعليين تسمي (حميرا) وتقريبا كان هو ضارب الايقاع عندها (دق الدلوكة) ويسير معها اينما ذهبت ، فاصبح كل (جوز) ملتصق ذهابا وايابا يصدق عليه الوصف، او ينعم عليه بالاسم . وكل بنتين وولد كذلك يصبح هو (تالتن) ، واعتقد ان (تالتن) وصف غير مستحب يقع في باب الشتيمة الواضحة . الفكرة اعلاه تبادرت الي ذهني عند الاعلان عن مسرحية (تالتن ومخالتن) والتي تعرض هذه الايام علي خشبة المسرح القومي ، لكن اي فكره تجسدها المسرحية ، هل تحكي عن (تالتن) وفق تعريفه في الثقافة السودانية ، ام هو مسمي لجذب الجمهور .؟ المسرح في الاونه غاص في العمق الاجتماعي ،مصورا نموذج يشبه (تالتن) كشخصية حاضرة في معظم النصوص ، بهدف الاضحاك وهي شخصية متاثرة بالنساء من خلال الملازمة او الاختلاط حتي ظهر ذلك من خلال السلوك – المشي الحديث – وغيرها من الصفات . وربما متعة النظر لمثل هذه الشخصيات جعلت من كثير من المخرجين يزجون بها في النصوص ان كانت تحتملها ام لا ،فقط بهدف امتاع الجمهور ضحكا . مسرحية (تالتن ومخالتن) التي تعرض علي خشبة المسرح القومي والتي كتبها سيد عبدالله صوصل تتناول ظاهرة اجتماعية الزوجة الثانية او (الضرات) ، وربما لاغراض لفت النظر والدعاية حملت هذا الاسم حمال الاوجه . وهي في حقيقة امرها بعيده كل البعد عن تاطير الشخصية المتشبه بالنساء وانما شخصية رجل قرر التعايش مع الزوجتين ، اي هي مسرحية اجتماعية كوميدية ساخرة الا انها اتخذت من الاسم وسيلة للوصول من خلال لفت النظر والدهشة ثم الفضول لمحاولة اكتشاف مايهدف اليه الاسم . ومن هذه الناحية فقد حقق الاسم لوحده دعاية سريعة الانتشار قد تسهم في طول اجل المسرحية مقارنة بالعروض المسرحية الاخري ، من ناحية اخري قد يتبادر للذهن ان المسرح كذلك انزلق الي خانة مسرحيات علي شاكلة (تالتن) بالتعريف المعروف وهو تفكير يقود الي لحق المسرح بركب الهابط حتي في المواضيع ، لكن نحمد لصوصل هذه الخدعة التي شكلت قمة التشويق لمشاهدة المسرحية . [email protected]