ظللنا نؤكد على حق للسيد الصادق المهدى، الذى لا ننكره عليه مهما أختلفنا مع رؤاه وسياساته ومواقفه وتصريحاته. كان بمقدوره أن يحقق من خلال المطالبة فى إصرار بذلك الحق، الكثير من النفع لشعبه ولوطنه. ذلك الحق هو أنه آخر رئيس وزراء أنتخب ديمقراطيا بواسطة الشعب السودانى، فى آخر إنتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة. لما لا يفعل ذلك إذا كان العديد من أبناء الملوك والأباطرة السابقين، على سبيل المثال ولى عهد العرش "الإيرانى". لا يزالون يصرون على أنهم ملوك بلدانهم، وقد سقطت عروشهم من خلال "ثورات" لا "إنقلابات". لو تمسك السيد الصادق المهدى بذلك الحق دون إضافة أو أى طموحات أخرى، لقدم للشعب السودانى ولوطنه خدمة عظيمة لا تقدر بثمن. ولأصبحت مطالبته تلك أكبر داعم للثورة السودانية التى لم تخمد ولم تمت منذ صبيحة 30 يونيو 1989 المشئوم، رغم عنف النظام وإرهابه وإغراءاته وتبينه للأرزقية والمأجورين. وحينما لم يتحقق له ما أراد أتجه الى دعم وتبنى اربع مليشيات إضافة الى المليشيا الأولى "الدفاع الشعبى". بدلا عن ذلك وعن التضييق على "الإخوان المسلمين" هذا التنظيم الإرهابى الدموى ، والمطالبة بعودة "سلطته" الديمقراطية. رحل السيد الصادق المهدى بعيدا عن أرض الوطن وللمرة الثانية. وكان أكبر همه "مصالحة" نظام ثورة 30 يونيو المصرية الشعبية مع "الإخوان المسلمين"!! وكأنه لا يعترف بأنهم تنظيم إرهابى، شمولى، ديكتاورى وقمعى. أو كأنه يريد أن تكن لهم "قوة" فى مصر تدعم "ضعفهم" فى السودان وتجعلهم أكثر قوة وهيمنة. ويعنى ذلك أنه لا يرفض سلطتهم المغتصبة من سيادته فى السودان. لو تشبثوا بها لوحدهم أو بمشاركة "صورية" مع الآخرين. مع أنهم مثل الطفل "الشرفان" الذى لا يقبل مشاركة أخوانه له على قطعة "بسكويت". بل أن السيد الصادق المهدى يذهب أبعد من ذلك، حيث طالب قبل عودته، برفع العقوبات المفروضة على النظام وبإعفاء الديون، التى أهدرها النظام فى الفساد وفى العسكرة والأمن وشراء السلاح. وكأن الشعب السودانى سوف يستفيد من رفع تلك العقوبات ومن إعفاء الديون، لا أن يمارس عليه النظام بعد أن يرتاح، المزيد من القهر والطغيان. للأسف الشعب السودانى فى واد والسيد الصادق المهدى فى واد آخر. لقد راينا ورأى معنا السيد الصادق، كيف تعاملوا مع إخوانهم "الشعبيين" من قبل بل كيف تعاملوا مع شيخهم "الأكبر" الذى أتى بهم لكى يقيموا "محرقة" للشعب السودانى. ولكى يقتلوه ويبيدوه ويحرموه "النفس". سبحان الهو لا زال كثير من "المهووسين" والسطحيين والسذج، وبينهم "شناقيط" و"....." يعتبرون الرجل مفكرا وذكيا!! قال العارفون أن "الفكر" الذى يثمر ذكاء تعريفه "التقاء الذاكرة بالخيال". فإذا سلمنا بأن الترابى كان يدرك ما جرى فى الماضى "الذاكرة" ويعيش "الواقع" السودانى "عمليا" خلال تلك الفترة فى يونيو 1989والمتمثلة، فى أهم أمر، هو غير مقتنع به! أعنى تحقيق سلام شامل وحقيقى فى الجنوب وبأى ثمن وبتقديم كآفة التنازلات. فهل كان "للترابى" خيال يقرأ به "المستقبل" حينما وضع السلطة فى يد إنسان جاهل وحاقد ومريض نفسى، اشتكى أقرب الناس اليه من عنفه بهم؟ فكيف نحكم على إنسان بذلك الحال على أنه "مفكر" و"ذكى"، حتى لو سلمنا بأنه متعلم وحاصل على شهادة دكتوراة، لم يسبقه أحد على نيل مثلها؟ هنا استحضر بعض النقاط "المؤذية" التى جاءت فى حوار السيد الصادق المهدى المنشور على موقع "الراكوبة"، الملئ بالمغالطات والترضيات والمهادنات و"المطبات" و"الفتن"، ما ظهر منها وما بطن. وهو يستعد لعودة، سوف تضر الشعب السودانى وثورته. لأن التنازلات بدأت من قبل أن تطأ قدماه أرض الوطن. من ضمن المهادنات والترضيات، وصفه "لعمر البشير" بأن افضل صفاته كما قال عنه. " أنه اصيل وإبن بلد"؟ مثل هذا الكلام "الإنطباعى" المزاجى غير الحقيقى وغير المؤسس على رؤية علمية صحيحة والصادق المهدى يعد من ضمن السياسيين "المفكرين" السودانيين، محبط ومحزن. فكون "البشير"إبن بلد" وهذه عبارة يمكن أن يطلقها "عوام" الناس. تعنى بالضرورة وجود سودانيين يعرفهم الصادق المهدى "ليسوا اولاد بلد"، فمن هم أولئك؟ هل يعنى اطفال "ملجأ المايقوما" الذين لا ذنب لهم فيما حدث؟ ثم كيف يكون "أصيلا" من قتل 28 ضابطا سودانيا شريفا، من رفاقه ومعهم 150 جنديا خلال يوم واحد بل ساعات؟ وماذا يفعل الإنسان، إذا لم يكن اصيلا؟ لا داعى أن اعيد وأكرر واسرد الصف الطويل من أفعال "عمر البشير" الإجرامية الخائبة، التى مللنا من تكرارها. الشهداء مجدى وجرجس وأركنجلو .. شهداء جنوب السودان .. شهداء دارفور والبجا والمناصير. شهداء سبمتمبر 2013. إغتيال كل من شارك معهم فى محاولة إغتيال مبارك. إنفصال الجنوب. طريقة معاملته لأهل جنوب السودان وحتى اليوم. حرمان الجنوبى ، حتى الذى له أم أو أب ؤجنوبى من الجنسية السودانية، التى يحظى بها، المصرى والسورى والعراقى، دعك من حملة الجنسيات الأمريكية أو الأوربية. ثم حديث "البشير" عن الصادق المهدى "شخصيا"، وفى وجود إبنه "عبد الرحمن" وهو يتبوأ منصب "مساعد رئيس جمهورية". بعد تأسيس مجموعة "نداء السودان" فى باريس. هل يمكن أن يقول "إبن بلد" وسودانى "اصيل"، مثل ذلك الكلام عن اب فى وجود إبنه، قبل أن ينحيه أو يستاذنه فى عدم الحضور؟ لكى "يتفسح". يا سيد الصادق هذا إنسان بدون أخلاق أو حس أو شعور. لا استطيع أن أفكك حوار السيد الصادق المهدى المنشور على هذا الموقع بكامله والا لأحتجت لأكثر من مقال. لذلك سوف أنتقى بعض النقاط، التى ذكرت انها تمثل مهادنات ومغالطات وفتن. تحدث الصادق المهدى عن القائد التاريخى الراحل المقيم الدكتور/ جون قرنق، حديثا لا يليق بأحد اعظم المفكرين السودانيين. الظاهر إنه الهجوم على الدكتور / جون قرنق، بدون منطق اصبح "موضة" هذه الأيام. وهذا هو قد "الكبار" أن يساء اليهم ويهاجموا وهم فى قبورهم. الدكتور/ جون قرنق، هو أول مفكر سودانى يضع اسس حقيقية لوسيلة حكم ترضى جميع السودانيين. كان ذلك فى بساطة يتمثل فى دعوته لدولة "المواطنة". وفى تعريفه الصادق الأمين "للهوية" السودانية، التى لخصها فى "السودانوية". فكيف يفكر الدكتور جون قرنق – رحمه الله – وأن كره الإخوان والوهابية، فى تصفية الصادق المهدى جسديا. والترابى الذى قتل 2 مليون جنوبيا، تحدث وحاضر داخل جامعة جوبا وعاد الى مكانه دون أن يمسسه اذى؟ وجاء من بعد رحيله "عمر البشير" متحدثا فى يوم إستقلال الجنوب، دون أن يعتقل ويسلم للمحكمة الجنائية الدولية التى كانت تطالب بإعتقاله؟ على السيد الصادق المهدى أن يعترف فى شجاعة بأنه كان السبب فى إجهاض، أتفاقية "الميرغنى/ قرنق"، الاتى كانت سوف تحل مشاكل "السودانين" بصورة مختلفة عن الذى حدث الآن. واضح حديث الصادق فى هذا الجانب القصد منه، "الفتنة" فى خبث ومكر ودهاء لا يحسد عليهم. حيث لم يكتف بالهجوم غير الأمين على الدكتور /جون قرنق، بل اضاف الى ذلك الدكتور "منصور خالد". وهو يدرك مكانته فى قلب أغلب السودانيين، خاصة منسوبى الحركة الشعبية مهما أنتقده البعض فى الجهات الأخرى. ومن كان منكم بلا خطئة فليرمه بحجر. لا أزيد قولا فى حق منصور خالد أكثر من أن السودانيين غير محظوظين. فيا للأسف هو "الرئيس" الذى لم يحكم السودان ولن يحكمه!! وظلم ما بعده ظلم أن يشبهه السيد/ الصادق ، بالسيد/ مبارك الفاضل. والآخير اقرب الي الصادق المهدى من أى شخصية أخرى فى تقلباته وتناقضاته، عند شبابه وبعد أن تقدم فى العمر. تأمل معى تناقضات السيد الصادق المهدى فى هذا الحوار، والهدف منها أن يدخل الى السودان آمنا. كما فعل فى ذكاء شديد، يوم أن قبض عليه النظام بعد الإنقلاب بعدة ايام. فوجدوا خطابا "مقصود"، خاطب فيه "الإنقلابيين" وقال لهم فيه. "معكم السلطة" ومعنا "الشرعية". يعنى تعالوا نتفق أو تعالوا الى كلمة سواء وكانه متفق معهم مسبقا على "السيناريو" والإخراج. مثل ذلك الخطاب يمكن أن يكتبه أى إنسان يتوقع أن تعتقله "سلطة". فيجعلها تغير موقفها من العنف به أو قتله، إذا كانت مقررة ذلك. الى معاملة أكثر لطفا ولينا. و"نحنا رأسنا ما فيهو قنبور"! من تناقضات السيد الصادق، انه حذر حركات "المقاومة" المتحالفة معه - كما هو مفترض - من اللجوء للعنف والتصفيات والإغتيالات وهو يعرف جيدا درجة إنضباطها. وأن النظام هو الذى مارس العنف بصورة غير مسبوقة وأنه أغتال خصومه السياسيين بغرس المسامير داخل رؤوسهم. رحم الله الدكتور الشهيد على فضل. ورحم الله العديد من الشهداء طلاب الجامعات الدارفوريين. بل أغتال "النظام" اقرب من كانوا معه فكريا ومنهجيا وهم ضباط "الأمن" الشعبيين، بل وغير الشعبيين! اى فعل كما تفعل "العقارب" التى تأكل صغارها! السيد الصادق ينفى الإرهاب عن "النظام" ويمنحه "صكا" مجانيا. وهو نظام إرهابى بكل المعايير، فمنهجه معروف ومفكره "سيد قطب". ثم يتحدث الصادق المهدى "مفاخرا" بأنه وقف ضد إعتقال عمر البشير، وتسليمه للمحكمة الجنائية. لأن مثل ذلك الفعل – كما قال - لو حدث أو لو تحققت الإطاحة "المفاجئة" به، سوف يؤدى الى فوضى؟ فمن هو الإرهابى إذا يا سيد الصادق؟ لماذا حينما اطيح بك وبنظام النميرى من قبلك وعبود من قبله، لم تحدث تلك الفوضى؟ الحقيقة التى يجب ان تقال ومهما كلف الأمر. هى أن إعتقال "عمر البشير" الذى لا تستطيع أن تحاكمه الجهات العدلية السودانية، سوف "يفتح" عين من يليه. والعكس من ذلك هو الصحيح. سوف يواصل الذى يليه فى ذات الطريق الإجرامى الشرير، على مبدأ من "أمن العقوبة اساء الأدب". يا سيد الصادق "الوجع" كثير فى حوارك "الإنبطاحى" الذى تعمدت فيه خلق فتنة لا أخالها تتحقق بين مجموعة حركات المقاومة، التى أنت حليفها كما هو مفترض. مثلا .. أنت تقول بأنك سوف تعود ببعضهم الى الداخل!! بدلا من أن تنصحهم على إتفاق بينهم، لا يفرق أو يشتت. وعليك أن تعلم بأن الشعب السودانى وفى مقدمته الشباب الثائر الذى فجر ثورة "العصيان". اصبح ليس لديهم ما يخشون عليه، ومعلومات الفساد تنهمر على الصحف ومواقع التواصل الإجتماعى فى كل يوم. والدين وصل "الركب"، صينى وروسى وغيره. والممارسات الفاسدة داخل "المترو" وغيرها من صور خليعة، تبث لحظة وقوعها. وإذا عرفنا أنهم يستخدمون "التحلل" للتخلص من الفساد المالى. فإن النفى والتكذيب هما وسيلتيهما للتخلص من الفساد الأخلاقى. حتى لو وردت المعلومات فى صحف لا تعرف الكذب. يا سيد الصادق ، الشباب الواعى حتى داخل حزبك ، بدلا من اللجوء للمخدرات التى اصبحت تدخل البلد "بالحاويات". ولا يقبض من استجلبوها، بل يتم تهريب هرب من يقبض عليهم. وبدلا من الإنتحار أو الإلتحاق بالتطرف الداعشى. أختار شباب السودان الواعى الحر العصيان والإعتصام، والأيام القادمة حبلى بالكثير. بخلاف ذلك "النضال" وسقوط النظام. فهذا زمن اصبحت تناسبه "ياليتنى كنت ترابا". أى أن باطن الرض اصبح أفضل من ظاهرها. وبدلا من أن تخيف شعب السودان وشبابه. عليك أن تكلف سعادة اللواء/ عبد الرحمن الصادق، أن يحذر وينذر "رئيسه" مما هو قادم؟ وأن ينصحه "بالرحيل" الذى فيه حل لجميع المشاكل والأزمات السودانية. الديمقراطية هى الحل .. دولة المواطنة هى الحل. وعاش "الواتساب". تاج السر حسين - [email protected]