في المشهد "ام درمان " العاصمة القديمة تزينت ورفعت الرايات الخضر بمسجد الهجرة بضاحية "ود نوباوي" ، استعداداً لمقدم الإمام الصادق المهدي بعد رحلة غياب دامت أكثر من عامين مابين باريس والقاهرة حيث غادر المهدي إلى فرنسا بعد اعتقال دام شهرا في سجن كوبر الاتحادي بالخرطوم بحري علي خلفية انتقادات وجهها إلى قوات الدعم السريع، والمهدي الذي ربط عودته للبلاد بتاريخ الغد الذي يصادف ذكري تحرير الخرطوم والذي مثل في ذاك الزمان مرحلة مهمة لطائفة الأنصار وللشعب السوداني حيث أستطاع جده الإمام الخليفة المهدي ان يحرر مدينة الخرطوم من سيطرة الاستعمار "الانجليزي – المصري" وفي ذاك الوقت كانت الخرطوم حسب روايات التاريخ مأوي للأوربيين والشوام والارمن والمماليك وآلاف الجنود المصريين مع عدد قليل من السودانيين لايتجاوز خمس السكان وكانوا مضطهدين ولا نصيب لهم في خيرات وطنهم وفي المدينة كان الغزاة يتاجرون بهم كما يتاجرون بالعاج ويعذبون بكل امتهان وقسوة من قبل الجنود الاتراك والمصريين. ومما يذكر ان الآف الاهالي(السودانيين) قد سبق ارسالهم الي مصر مقيدين ومقرنين بالسلاسل والأصفاد منذ حملات الدفتردار التي فاقت غزوات المغول والتتار،نعم يأتي الإمام وفي ذهنيته السياسية تلك الأحداث ومتغيرات الواقع السياسي الآني حيث تغيرت فيه خارطة البلاد السياسية واضحي موقف الجبهة الثورية التي يشاركها الصداقة والخندق والسلاح اضعف من ذي قبل خاصة بعد تصريحات المبعوث الأمريكي الذي وصمها بالسعي وراء مصالحها الخاصة دون النظر لمصلحة المواطنين او الوطن ليعطئ الضوء الأخضر بانتهاء مرحلتها السياسية وإن تعنتت هي!!،يأتي المهدي و"قوات الدعم السريع " صارت قوة أصيلة في منظومة القوات النظامية السودانية وصار لها دور كبير في ميادين القتال اكبر من الدور الذي كانت تقوم به إبان فترة مهاجمة السيد الصادق لها قبل مغادرته لباريس"فهل يستطيع الإمام ان يعاود الكرة بمغازلتها من جديد؟ "،يعود الصادق للخرطوم والعاصمة ليست كما تركها منذ عامين ونيف فقد تبدلت مواقف وفتحت جسور وعبرت مياه بعد ركودها وأضحت الساحة السياسية تحتاج الي لاعبين متمرسين في العمل السياسي كي يستطيعوا ان ينافحوا "الحزب الحاكم " بطاقمه القيادي الجديد وفكره الاستراتيجي الذي اختلف بنسبة "180" درجة عن سابق العهد ،وكذا حزب الامة القومي الذي مازال الصراع بداخله علي قمته من اجل البقاء والفناء بين مكوناته المتشظيه هنا وهناك،فالبعض قلبه مع الإمام وعقله مع الحزب الحاكم وظل السلطة الوريف. والمهدي الذي يعود الي الخرطوم غداً ليرسم سيناريو مغاير لسيناريو "يفلحون ويهتدون "رغم زهده في المناصب التنفيذية الا ان عينه علي كرسي "رئيس الوزراء" فهو إعتاد ان يكون في قمة الفعل السياسي اين كان ثمن ذلك ،ولكن الا ليت المهدي يتذكر بعد عودته هذه موقف الزعيم محمد احمد المحجوب عندما اشتد الصراع بينهما وطالبه بعض أفراد عائلة المهدي بالتنحي عن منصب رئيس الوزراء لصالح الصادق وذلك في عام 1966م حيث تمترس الصادق خلف قراره الظفر بالمنصب وعدم التزحزح عنه ،حينها قال له المحجوب"إنني مقتنع الآن أكثر من اي وقت مضى بأنك لا تصلح لرئاسة الوزارة" وكان المهدي حينها في عمر الثلاثين عاماً والان المهدي يعبر نحو خريف الثالثة والثمانين من العمر فهل مازالت قناعاته تلك موجودة ام لا ؟؟ الأيام القادمات ستجيب عن هذا التساؤل. ومضة أخيرة : *مابين تحرير الخرطوم علي يد المهدي الذي وحد راية الأنصار ومابين عودة حفيده الإمام الصادق الذي صار حزب الأمة في عهد زعامته مجموعة من الأحزاب فاقدة البوصلة السياسية، ماذا سيقدم المهدي من مبادرات وفعل سياسي يضيف إلي الحراك في الملعب السياسي . *غداً نكتب عن مصر ..أخت بلادي ياشقيقة [email protected]