هل بلغتكم أعزاءنا الكرام دعوة والي الخرطوم لمحاربة الجوع وأن لا يترك أحد يبيت جائعا؟ ، حسنا فتلك دعوة مستحسنة لا قول لنا فيها سوى أنها تأخرت كثيرا ،فالحقيقة الناصعة التي لا مراء فيها والتي لا نظن أن الوالي عبدالرحيم لا يجهلها ،بل نزعم أنه وقف عليها بنفسه وأرّقته في لحظة من لحظات الصحو والانتباه ، أن هناك الكثيرين جدا في العاصمة والولايات والأرياف لا يجدون لقمة حتى أنواع خشنة من العصيدة دعك من الرغيف أو حتى القرقوش فيمضون يومهم وقد أمضّهم الجوع ، والحقيقة التي لا مراء معها وقد يعلمها أو لا يعلمها الوالي هي أن قطعة رغيفة مع كباية شاي سادة صارت هي الوجبة الوحيدة المتاحة للفقراء والمساكين وهي غاية ما يستطيعه هؤلاء الغلابى وهم لو يعلم أو لا يعلم الوالي خلق كثير، منتهى أرب الواحد منهم عندما يصحو الصباح في الوقت الذي يتناول فيه الموسرون إفطارهم الصباحي كيفما شاءوا خفيفا أو دسما ثم يحمدون الله على نعمته ويسألونه أن يديمها عليهم ويحفظها من الزوال، يكون منتهى أرب أولئك أن يحصلوا على رغيفة وكباية شاي أحمر ( يقطع القلب ) مع الصباح أو لقيمات من أكلة ( أم بلقسات) المكونة من أرجل الدجاج وأطرافه وأحشائه، أوغيرها من أطعمة شعبية فقيرة المحتوى، ابتكرها الفقراء لإسكات قرقرة بطونهم وإبقائهم على قيد الحياة، ورغم ذلك لسانهم يلهج بالدعاء والحمد والشكر والمنة على النفس الطالع ونازل، كما لن ننسى الكثيرمن تلاميذ المدارس الذين لا يجدون حتى ( طرقة كسرة ) بايتة أو فتات خبز جاف يفطرون به ويضطرون لقضاء يومهم الدراسي عابسين حزينين وجوعانين وما فاهمين على حد تعبير الراحل محمد طه محمد احمد شهيد الصحافة ونصير الفقراء،انها والله مأساة وعار وشنار لا يليق بالانسانية وبالضرورة هو على أمة محمد غير أليق، أن يكون بيننا تلاميذ صغار يبيتون ( القوى ) وعندما يقوون على الذهاب إلى المدارس في الصباح لا يجدون ما يتقوتون به ولو سندويتش طعمية من النوع الردئ الذي يباع على الارصفة وبين الازقة وليس من محلات ( لذيذ )، فأي بؤس وأي تعاسة وأي شقاء هذا الذي يكابده هؤلاء الايفاع، وكيف لهم وهم بهذه الحالة ان يتابعوا سير الدروس دعك من ان يفهموها فأنّى لجائع ان يفهم ، وكيف له أن ينهض بواجباته الدينية والدنيوية ، أوَلا َيقولون إن الجوع كافر؟، وألم يقل سيدنا ابو ذر الغفاري (عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه)؟، وألم يقل شيخنا العبيد ود ريا (مافي دين بدون عجين) ..فماذا يا ترى نحن فاعلون، حكومة واهالي ومجتمعا، لا بد من فعل شئ حتى لا يشقق الله علينا بشقاء هؤلاء الجوعى .. حيّا الله شاعرنا محمد الحسن سالم الذي قال: عند لفة الهندي عيوشة مِنجقدي تدخل على بيتاً ستاتو متمدي ناساً بعرفوها لكن بعافوها دايرين غسيل عِدّى؟ شاكرين يا دقلوشة ويدوها عيشايى بي دمعة مرشوشة.. اخر لحظة