للأسف بعد أكثر من 13 عاماً من الحرب في دارفور ننساق وراء مقولة (الأوضاع آمنة في دارفور)، بينما الواقع يَعكس شكوى النازحين المُستمرة من الأزمة الإنسانية الأمنية بسبب الاعتداءات المُستمرة عليهم من قبل المُتفلتين والمليشيات، حتى عواصم ولايات دارفور لم تسلم من الترويع للمدنيين ونهب الممتلكات. لماذا نُروِّج للرأي العام بضاعة تحسُّن الأوضاع الإنسانية؟ وآلاف النازحين والنازحات يعانون من أزمة الغذاء والمياه والصحة والتعليم. للأسف كصحفيين وصحفيات مازال بعضنا يتناول المشهد في دارفور من منظور سياسي، حقيقة سعى النظام في حصر الإعلام السوداني في زواية التباين في نقل المعلومة ما بين تصريحات الحكومة وقادة الحركات المُسلّحة بالتركيز على أبعاد سياسية وتسويات بين الطرفين لا علاقة لها بالأبعاد الإنسانية. قطعاً الاهتمام الإعلامي بالجانب السياسي منذ اندلاع الحرب ساهم في إبعاد المجتمع السوداني عن الحقائق في دارفور، فكان تفاعل الوجداني السوداني ضَعيفاً ولا يكاد يُرى ومحصوراً في الصفوة والناشطين والحُقُوقيين، في مُقابل تضامن إنساني عالمي عكسه الإعلام العالمي الذي وضع قضية دارفور الإنسانية في العناوين الرئيسة لوكلات الأنباء والقنوات الإخبارية وتحليلات الصحف العالمية الكُبرى، كما لفتت انتباه إعلاميين دوليين كُثر لسبر غور دارفور ونجحوا تقديم مادة إعلامية عكست حجم المأساة وقساوة القتل والإبادة ، والتشريد ،والاغتصاب. بعد أكثر 13 عاماً من الحرب، علينا أن نُسخِّر من أنفسنا كصحَفيين وصَحفيات وقادة رأي ونجلد الذات، لأنّ بعضنا مسؤول من التقاط الصحافة للطعم الحكومي الذي جعل البُعد السياسي يَصطاد أغلب الصحف السودانية فكانت عناوين الأخبار عن دارفور وأعمدة الرأي ومقالات التحليل السياسي تتّجه مؤشراتها سياسياً إلاّ من رحم ربي، ولا نسمع أنين النازحين واستهداف المدنيين بمناطق الحروب في صفحات الصحف إلاّ نادراً. أخبارنا لم تَخلُ من الفشل في عرض المعلومة أو الحقيقة كما هي على الواقع، والشاهد على ذلك أننا نرد مقولة "الحرب في دارفور انتهت بنهاية قضاء قوات الدعم السريع على الحركات المسلحة وانحسار نشاطها العسكري باستثناء حركة عبد الواحد محمد نور في الجبل". الحركات المسلحة انتهت، أو مازالت موجودة الأمر لا يهمنا. قضيتنا الإنسانية قبل السياسية، المدنيين العُزّل ليسوا آمنين، ومازالت شكواهم من عدم القدرة على الاحتطاب، وجمع القش، والاعتداء عليهم ونهب مُمتلكاتهم، مازالت تُدمي القلوب دعونا نتجه نحو دارفور إنسانياً هناك مُعاناة ووجيع..! التيار [email protected]