* جاء فى الانباء ان المجلس الأعلى للدعوة بولاية الخرطوم، اوقف خطيبي مسجد الخرطوم الكبير، الشيخين كمال رزق ود. إسماعيل الحكيم من مخاطبة المصلين بالمسجد، دون توضيح أسباب إيقافهما، وقال الشيخ كمال رزق إن أمر الإيقاف تم إخطارهما به بواسطة المدير التنفيذي للمسجد، د. الياس بكري، وليس مجلس الدعوة الذي كان ينبغي أن يخاطبهما رسمياً بالإيقاف، سيما أن الدوافع مجهولة على حد تعبيره، وأضاف رزق إن الأمر غير مُرضٍ لأنه لم يتم استدعائه ولم يتم إبلاغه عبر الهاتف، وأنه ظل يخطب في المسجد أكثر من 23 سنة، ولم يستبعد أن يكون سبب ايقافه هو منهج الخطبة غير المرحب به من بعض الجهات، ومن جانبه اتفق الشيخ د. إسماعيل الحكيم، مع رزق في دوافع الإيقاف، سيما أن القرار أتى فجأة وبدون أسباب، وأن لجنة المسجد هى التي أبلغته وليس مجلس الدعوة !! * رغم اختلافى مع الشيخين الكريمين فى الكثير من الأفكار والآراء المتشددة التى ظلا يدليان بهما من خلال مخاطبتهما للمصلين، إلا اننى أعترض على الطريقة التى اتبعها المجلس فى ايقافهما، فضلا عن تعارض الايقاف مع حق الانسان فى التعبير عن رأيه، وهو حق يكفله دستور السودان الانتقالى لعام 2005 ، والمواثيق الدولية التى يعتبرها الدستور السودانى جزءا لا يتجزء منه!! * تنص المادة (39 – 1 ) من الدستور على أن "لكل مواطن حق لا يقيّد فى حرية التعبير وتلقى ونشر المعلومات والمطبوعات، والوصول الى الصحافة، دون مساس بالنظام والسلامة والاخلاق العامة، وذلك وفقا لما يحدده القانون"، كما تنص المادة (27 – 3 ) على أن " تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة فى الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان والمصادق عليها من جمهورية السودان جزءً لا يتجزء من وثيقة الحقوق فى الدستور السودانى" !! * وتنص المادة (27 – 2 ) على أن " تحمى الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها"، كما تنص المادة (27 – 1 ) على أن "تكون وثيقة الحقوق عهدا بين كافة أهل السودان، وبينهم وبين حكوماتهم على كل مستوى، وإلتزاما من جانبهم بأن يحترموا حقوق الانسان والحريات الأساسية المضمنة فى الدستور، وأن يعملوا على ترقيتها، وتعتبر حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية فى السودان" !! * ورغم أن الحكومة السودانية ظلت هى المنتهك الأكبر للدستور، والكثير من القوانين التى تسنها عبر مجالسها التشريعية، إلا أن ذلك لا يمنع من القول بأن من حق الشيخين وأى انسان آخر أن يمارس حقوقه المنصوص عليها فى الدستور، وأن يدافع عنها متى ما انتهكت بكل الوسائل المشروعة التى يكفلها له الدستور والقانون، ولا يجوز للدولة أو أية جهة أخرى أن تمنعه من ممارسة هذه الحقوق أو الدفاع عنها، بل يجب عليها بنص الدستور أن تحميها وتعززها وتضمنها وتنفذها (المادة 27 – 2 )!! * لقد ظلت الحكومة، وبما عرف عنها من عدم احترام للدستور والقانون، تلجأ لوسائل غير دستورية وغير قانونية لمنع المواطنين من ممارسة حقوقهم، وعلى رأسها حق التعبير عن الرأى، بل ومن الدفاع عن هذه الحقوق، ومصادرة حريتهم بدون اى سند من القانون، وهنالك آلاف الأمثلة التى يمكن ضربها فى هذا المجال، منها مصادرة الصحف وإيقاف الصحفيين عن ممارسة العمل الصحفى، وغيرها من الأساليب القمعية والتعسفية التى لا يسندها قانون!! * إذا كان الشيخان قد إرتكبا ما يخالف القانون، فكان على الحكومة أو الجهة الحكومية المختصة أن تلجأ للقانون فى التعامل معهما، بدلا عن الطريقة التعسفية التى اتبعتها، وظلت تتبعها مع كل معارض لها فى الرأى، وتصادر حقه فى التعبير، أو حتى حريته فى كثير من الأحيان، مثل كثيرين يقبعون فى معتقلاتها الآن مثل الحقوقى المعروف وأستاذ الهندسة فى جامعة الخرطوم الدكتور (مضوى إبراهيم)، الذى ظل معتقلا منذ شهر ديسمبر الماضى بدون توجيه أية تهمة له، أو حتى السماح بزيارته، او توكيل من يدافع عنه !! * أختلف مع الشيخين فى الكثير من أفكارهما وآرائهما المتشددة، ولكن لا يمنعنى هذا بأى حال من الأحوال من المطالبة بالتعامل معهما، ومع أى مواطن آخر، وفق الدستور والقانون، وإلا فليس هنالك معنى لوجود دستور أو قانون، أو دولة!! الراكوبة الالكترونية [email protected]