العلوم والمتافيزيقيا ابتعدت العلوم في مسيرة تطورها في أوروبا عن المتافيزيقيا بسبب ارتباط الثانية بالكنيسة التي حاولت قهر العقل ومنع تطور العلوم. تقف العلوم موقف الشك والحساسية عند قضايا المتافيزيقيا، رافضة مناقشتها أو حتى النظر إليها؛ لظن الكثير من العلماء أن ما توصل إليه العلم في مسائل الوجود هو أمر حاسم ونهائي، وهو عندهم وجود فيزيائي بحت! نحن اليوم في حاجة إلى تفكير منهجي علمي في مجال الإلهيات يناقش المتافيزيقيا بصورة جادة وعلمية وكواقع محتمل. نحن هنا ندعوا للتفكير المنهجي والتحليل المنطقي بقدر الإمكان وبحسب طبيعة كل مجال ومعطياته وأدوات معرفته. فعلم المعقول الروحي يجب أن تكون له مناهجه ونواميسه التي تحكمه مثله مثل علم المعقول الطبيعي. نحن مطالبون بالكشف عن تلك النواميس. المتافيزيقيا هي نظرة كلية تتكون عناصرها من كل التجربة البشرية في العلوم والدين والفنون والأخلاق. إن فلسفة العلوم ستقود في النهاية إلى ربط الفيزيقي مع المتافيزيقي والذي ربما يكون هو فيزيقي ولكن في بعد آخر. وهذا باختصار منهجية لعالمية أو كوكبية أو كونية. يقول محمد ابو القاسم حاج حمد: "مهمة العالمية الثانية أن تسري في مختلف الأنساق الحضارية وأن تتفاعل – بمنطق الإستيعاب والتجاوز مع كل المناهج المعرفية مستهدفة الترقي بقيم الإنسان العقلية والأخلاقية باتجاه الكونية"، بما في ذلك الروحانية العلمية من جهة، وتطورات الكشوفات العلمية خصوصاً في علم الفيزياء من جهة أخرى. لقد ذُهل بعض العلماء عندما اكتشفوا أسرار الذرة والطاقة الكامنة فيها وتحيروا من الإمكانيات الهائلة لهذا الاكتشاف. هذا الذهول وتلك الحيرة ما هي إلا حالة متافيزيقية أصابتهم وهم يواجهون عالماً جديداً. ولا شك أن هذه الدهشة وهذه المعارف ستمهد الطريق لظهور فلسفة جديدة تقف على قاعدة الكشوفات العلمية الحديثة. [email protected].com