وقائع واحداث: قبل أيام خلت استدعي جهاز الأمن كافة قادة الصحافة السودانية تلك التي تسبح بحمده وتمتهن الزيف ، وتلك التي تناصر الحريات وتقف الي جانب شرف الكلمة وطلاقة التعبير وان كلفها ذلك خسائر مادية وحجب بعض الأقلام النبيلة ... كان هدف الاستدعاء هو تبليغ رسالة تهديد للصحافة الحرة مفاده أن جهاز الأمن بالمرصاد لكل من يتخطى الخطوط الحمراء وان مصير الصحف التي تتخطى هذه الخطوط المصادرة والتضييق.. في العام 2016 تم إيقاف اثني عشرة صحيفة بواسطة جهاز الأمن وإيقاف ثلاثة صحف لأجل غير مسمى هي صحف ( إيلاف- المستقلة- الوطن) بواسطة الزراع الآخر للجهاز المدعو مجلس الصحافة والمطبوعات... في احتفالية جهاز الأمن بنجمة الإنجاز ،ذكر مديره العام ان البعض يريد أن يتحايل لتقليص صلاحيات الجهاز قاصدا بذلك مخرجات الحوار الوطني المتوفي.. أطلق جهاز الأمن عدد من التصريحات التي ترسل رسائل مفادها أنه جهاز أمن سياسي في المقام الأول ، ومن ضمن هذه الرسائل الحديث عن تشكيل حكومة الوفاق المزعومة.. لا يوجد جهاز أمن في الكورة الأرضية يحشر نفسه في تقاطعات الحراك السياسي وفي العلن مثلما يفعل جهاز الأمن السوداني ، والمقارنة هنا ليست مع الدول الديمقراطية الحقة ، بل المقارنة مع رصفاءه من أجهزة القمع في أنظمة الشمولية والتسلط ، حتي هذه لا تجهر بحشر انفها في الشأن السياسي علي الملا ... وبهذه المعطيات تحول الجهاز الي سلطة موازية وسلطة ومؤسسات داخل مؤسسات الدولة ، فهو جيش داخل القوات المسلحة يمتلك المدرعات والأسلحة الفتاكة بأوامر وترتيب خارج قبة القوات المسلحة ، وهو أعلام داخل الإعلام ، له مؤسساته الإعلامية انطلاقا من المركز السوداني للخدمات الصحفية الذي يقوم علي رأسه ضباط معروفين انتهاءا الي بعض الصحف الناقطة باسمه الحائزة علي صلاحيات الإعلان... وهو أيضا مؤسسة تجارة واستثمار ضخم تتخطى شركاته المرئية ما يربو علي المئتين شركة ، هذا غير شراكاته عبر البحار مع بعض معارضي الظاهر أولياء الباطن..وهو ناطق باسم السلطة يعلن عن موعد تشكيل الحكومات ويتحدث نيابة عن القوات المسلحة عن نهاية التمرد وحسم المعارك..من الطبيعي وسط كل هذا الزخم من التشابك وتعدد المهام إلا يجد الجهاز الوقت لخدمة الوطن ، فهو مشغول بالقتال والتجارة والسياسة وكتم الأنفاس... ومن الغباء أيضا أن يتطلع الراكضون نحو بوابة المشاركة في حكومة الجهاز القادمة الي أحداث تغير في ظل هذا التجذر للدولة ذات العمق المتباين ،حيث توجد ثلاثة سلطات في دولة واحدة، حكومة جهاز الأمن ، حكومة أصحاب المصالح والمستفيدين من بقاء الأوضاع وحكومة المليشيات أو بالأحرى حكومةو حميدتي..نظام بهذا العمق علي أنصار المشاركة أن يقبلوا بالحريات مساحيقا للتجميل ويتصالحوا مع الفساد وذبح الحريات في محراب حكومة الوفاق النافقة.... [email protected]