نعم وداعا مصر فبدونك يطيب المأكل و المسمع و تمتد الأيدي الصديقة طفح الكيل و بلغ السيل الزُّبَى .. طال الصمت و انقطع حبل الصبر .. حان الأوان لخلع ثوب المجاملة و الطيبة .. آن الوقت لأن نستيقين أن نسل اليوم قد ورث عن جده القديم إكثار الفساد في الأرض شاهدا يمشي على قدمين ظاهراً بَيّنَاً كما يربض أبو الهول مجدوع الأنف لا تخطئه العين .. و قطعا ليس كل إنسان مصر معنيٌّ رغم أنا نعجب لصمت النخب و العلماء منهم! أنا لا يعنيني العهر الإعلامي المصري في شيئ فدوننا و دونه زر إغلاق و إغماضة عين كما لا يعنيني مقال بعض السفهاء منهم عن بلدي و شعبي في كثير فما وعيدهم بضائرنا..تلك جِبِلَّتهم .. طبعٌ رضعوه بلا انفطمام.. نضحوا بما فيهم و لن تُخْرِسَ ألسنتهم الحداد و إن ألقمتهم حجارة الأرض و حشوتها رمال الصحراء .. الذي يعنيني هو هذا الفرد السوداني المشهود له بسمو الأخلاق .. المترفع عن الصغائر .. غاظهم أننا رددنا بضاعة غير طيبة المنبت و المَسْقى .. أغضبهم أن مُدَّتْ إلينا الأيدي الصديقة .. أوغر في صدورهم أن كان ردُّنا على خطاب جهالهم قولنا سلاما .. عضّوا أنامل الغضب حين مررنا على إساءاتهم كراما .. لأننا نعلم حقا و يقينا أن من اقتفى الأدب القرءآني هيهات يناله اللئيم بل نتركه يجلد ذاته بسياط جهله و لؤمه و سيرجع خائبا من أمّل نفسه أن الحيَّات تنسى اللدغ يوما و إن لانت ملامسها. لا يعنينا كل الصخب و لا تخصنا الجلبة الإعلامية التي يحدثها بعض المصريين في النيل منا فإنهم يعرّون أنفسهم بكل حرف منطوق و يفضحون ذواتهم أمام الملأ بكل فرية مكذوبة و إذ يفعلون لا ينالون منا قلامة ظفر و لا يمسَّون فينا شعرة و هيهات نَنْجَرّ إلى معترك التنابذ و التشاتم فذاك خلق نترفع عنه و سلوك لا نعرف وِرْدَه و هذا فارق ما بيننا رضوا لأنفسهم بما رضوا و تخيّرنا لأنفسنا ما تخيّرنا ليس من طبع الكريم أن يَمُنّ بالعطية و لذلك أمسك اللسان و ليعرفُنَّ بعد حين مكانتنا حين نقطع ذلك الرِفد السَّخي و ليعلمُنّ أينا أحوج إلى الآخر فلا تزال بلادنا رغم إنقسامها تسعنا و لا نزال موعودين بخيراتها ما جرى نيل غير مدنّس و هطلت سحائب لا نشتكي كثرة في العدد و لا ضيقا في البلد بل إن الأعناق تشرئب و النفوس تطمح يوما بعد الآخر لأن تستثمر في أرض يعلمون أن إنسانها وفيٌّ و زرعها طيب غير خبيث مروية بماء عذب طهور. و ما كان لعين العالم أن تغتمض و لا لأذنها أن تمتنع عن سماع كل تلك الجلبة .. إنه مشهد رخيص أن تدق الطبول و ترفع الستار عن مشاهد غاية في الوضاعة و لكنا لا نرفع حاجب الدهشة و لا نفغر فاه التعجب و ألسنتكم تلهج شِ أن من استحى فقد قضى. نحمد الله أن لنا ذاكرة قوية فقد لُدِغْنا المرات ذوت العدد و لن تُطّيَّبَ جِرَاحَنا غدا معسولُ الكلام و لن تمتد أكفنا للمصافحة و قد قطعتها حدادُ ألسنتكم و لكننا نقولها شعبية داوية فوق الصمت الحكومي أن لكم بلد و لدينا بلاد. الآن سننام ملء جفوننا فقد كفيتمونا أن نكون وقودا لنار تستعر في من ملأ صدره بحطب الحقد .. [email protected]