فحب الوطن متجذر في القلوب والوجدان تجذر الكيان والمصير ، فلاحياة كريمة ومستقرة دون الوطن ، وعندما يتعرض الوطن للمخاطر يزداد التعلق به وتزداد الحاجة إليه ولا يبقى في الأفق إلا الضرورة للدفاع عنه و عن ترابه و كرامته وعزته ليبقى شامخاً كريماً آمناً مستقراً ذو سيادة وقيم أخلاقية وبأس يهابه كل من تسول له نفسه بالمساس به . وأن للقيم الأخلاقية دور هام في بناء المجتمع ونهضته، والدفاع عنه وحمايته والحرص على وحدته الوطنية . فوروح الانتماء هي التي تجسد المعنى بأن الدفاع عن الوطن عقيدة لإن الوطن كالسفينة التي يجب على الجميع الحفاظ عليها حتى تنجو وينجو معها أهلها ، ولو ترك من يعبث فيها لهلكت السفينة وهلك كل من فيها ، فالذود عن الوطن واجب مقدس والدفاع عنه وحمايته من جميع المخاطر جزء من الدين والعقيدة ،فإذا خسر الإنسان وطنه فليس من السهل أن يلقى وطناً بدلاً عن وطنه أو أرضاً بدلاً عن أرضه أو أهلاً بدلاً عن أهله أو داراً بدلاً عن داره .... فمن سيعطيك وطناً بدلاً عن وطنك !! فالمسئولية الوطنية كبيرة بحجم الوطن بل هي قضية مصيرية وليس بوسع الإنسان الاستغناء عنها . فإن أعظم عقاب للإنسان هو أن يعيش مشرداً بلا وطن يأويه ، فحب الوطن و إحترامه هو الإحترام والتقدير للمصلحة الوطنية و طاعة و إحترام قرارات مؤسسات الدولة و عدم الطعن و التشكيك فيها وجعلها محوراً للنقاش والمغالطات التي من شأنها إنتقاص هيبة الدولة وتهوينها خاصة إن كانت تلك المغالطات مهنية وعلمية . فينبقي علينا أن ندافع علي وطننا و هيبة مؤسساته وعلمية ومنهجية إداراته وقدراته المعرفية و إحترافيته و مواكبته و تمشايه مع التغنية الحديثة رغماً عن كونه هو السابق عمن سواه في كل التقنيات المستحدثة في عالم التقانة والمعلومات . وما جعلني أسرد تلك المقدمة هو الأخ و الكاتب الصحفي (الطاهر ساتي) عندما كتب عموده الهوان بعنوان (طار شمالاً) وهو وكأنما يمثل عدواً جديداً للسودان حكومة و شعباً يستهين ويسخر من علماءنا و إدارات بحوثنا وتقاناتنا يكيل الإتهامات لها تارةً و يستهزء بها تارة أخري . فتلك العقول التي إستهونها و إستهزءت بها بغير إحترام وبلا ذرة من الوطنية ولا قيمةً معرفية يا أيها (الكاتب) لاأظنك أن تستطيع لتصل إلي ما وصلت إليه ولو بعد مائة عامٍ . فلصالح من أن كتبت مقالك هذا ؟؟ و كم كان المقابل ؟؟ فنحن عندما منعنا زراعة تلك "فسائل النخيل الفاسدة" التي إنبريت أنت و من وأمروك بالدفاع عنها كان هدفنا وطنياً بحتاً !! وثمن ذلك كان حبنا لتراب وطننا العزيز . فإلي مضابط المقال .. الذي يعلم القاصي والداني أن لكاتبه غرض ما ... ...*طار شمالاً!!* الطاهر ساتي الخميس، 30 مارس بتاريخ 20 فبراير الفائت، أي بعد انتصار مراكز القوى في (غزوة ذات الشتول)، كتبت ما يلي بالنص..( قبل أسابيع، كان لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برئيس مجلس إدارة شركة جنان محمد العتيبة، ونقاش حول مشروع الاستثمار في النخيل بمنطقة القناطر، وذلك بعد نجاح مشاريع الشركة - القمح والعلف - بمنطقة شرق العوينات).. وما قصدت بنقل خبر اللقاء إلا تنبيه السلطات العليا هنا بأن الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء، وأن المحروقات في مشروع أمطار لم تكن (شتول فاسدة)!! ثم تأكدت الحكومة خلو دولة الإمارات من فطريات البيوض، ووعدت بتشكيل لجنة تحقيق عليا لمعرفة (ما يحدث)، ولكنها لم تف بوعدها حتى (اليوم).. وشرعت لجنة الزراعة بالبرلمان – برئاسة المهندس عبد الله مسار - في التحقيق والاستدعاء والجولات الميدانية لجمع المعلومات والتقارير ذات الصلة بالقضية، ومنها تقرير الخبير السوداني أ.د عصام الدين محمد سعيد الذي أكد خلو الفسائل من البيوض، وأن المختبر الهولندي لم يجد الفطريات, وطالب بإعادة الاختبار، ثم تقارير أخرى تناقض المُثار إعلامياً!! ولكن بعد أسابيع من البحث، وعندما توصلت إلى نتائج أولية - غير المثارة في الرأي العام - توقفت اللجنة الزراعية عن السير - في الطريق الوعر - حتى النهاية، ثم صرفت النظر عن القضية بالقفز إلى قضية سعر القمح.. وهكذا نحن دائماً - ساسة وصحافة ومجتمعاً- بحيث لا نخرج من القضايا والأزمات إلا بالصخب والهرج والمرج، وليس بالحقائق والحلول.. فالملل من متابعة القضايا والأزمات - بالطرق عليها وسبر أوغارها - لحين حل طلاسمها وإظهار حقائقها ( آفة سودانية)، وكذلك تلجين القضايا وتجميدها بلا حلول أو محاسبة أطرافها ( آفة حكومية)!! والمهم.. بعد حرقها رغم عدم كفاية الأدلة، ماتت قضية شتول شركة أمطار بوعد حكومي بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة، ثم بصمت برلماني بعد أن كشفت تحريات لجنته الزراعية ملامح فطريات الفساد واللا مسؤولية وصراع الأجندة والمصالح الذاتية وغيرها من كوارث البلاد المخصص لها صندوق (خلوها مستورة).. هكذا ماتت القضية، ثم صرفت الشركة النظر عن مواصلة العمل في أكبر وأول مشروع مهني وعلمي لزراعة النخيل بالسودان، أو كما قالت إدارتها: (تقريباً) حين سألت: هل صرفت الشركة النظر عن المشروع؟؟ يوم الأحد الفائت، بعد أن قرأت خبراً بكل الصحف المصرية، سألت الشركة هنا عن مصير مشروع النخيل بالسودان.. فما علاقة الخبر المصري بهذا المشروع؟ فلنقرأ الخبر: (وقع وزير الدولة للإنتاج الحربي بروتوكولاً مع الرئيس التنفيذي لصندوق تحيا مصر ورئيس مجلس إدارة شركة تنمية الريف ورئيس مجلس إدارة شركة جنان الإماراتية لإنشاء مشروع لزراعة عشرين مليون نخلة، وزراعة المساحات البينية - بين النخيل - بالمحاصيل الحبوبية والزيتية المختلفة، والاستفادة من إنتاج المشروع في صناعة السكر السائل والسكر البودرة والأعلاف الحيوانية والأصباغ الطبيعية ).. هكذا طار المشروع شمالاً!! 20 فبراير، أي مباشرة بعد غزوة ذات الشتول التي قادتها مراكز القوى بالخرطوم، كان لقاء الرئيس السيسي بالشيخ العتيبة .. ولأن خير البر عاجله، كان 27 مارس موعد الشروع في تنفيذ مشروع يأتي في إطار خطة التنمية المستدامة للدولة المصرية للعام 2030.. وفرت الدولة مساحة مليون وخمسمائة ألف فدان للمشروع قبل توقيع الشركاء على البروتوكول، ولو لم يكن مشروعاً إستراتيجياً لمصر لما كان الجيش - الإنتاج الحربي - حامياً للمشروع بالشراكة.. هكذا يجلبون مشاريعهم الإستراتيجية ثم يحمونها، بحيث لا تطردها مراكز القوى الفاسدة والإعلام غير المسؤول و المجتمعات التي تصدق ( أي كوراك )!! ........... إنتهي المقال 1 / فهل تصدق يا الطاهر ساتي أن في مصر مساحة مليون ونصف فدان صالحة للزراعة ؟؟ ناهيك أن تكون صالحة و لزراعة النخيل تحديداً !!! 2 / هل تصدق أن السيسي أو أي وزير مصري آخر يمكن أن يجلس مع هذا "العتيبة" المفلس أساساً للتعاقد معه أو مشاركته في أي مشروع كان ؟؟ 3/ هل مازلت مشككاً في عقول و إمكانيات و مؤهلات وخبرة الوطنيين السودانيين في كافة المجالات التقنية الحديثة منها أو القديمة ؟؟ 4/ هل تعتقد أن سوق صناعة السكر هامل ومتاح لكل من هب ودب ليدخله أمثال هذا (العتيبة) ليصبح من كبار مصنعي السكر في العالم أو حتي من صغارهم !! .. لك الله يا رجل [email protected]