شرعن الأخوان والقرضاوي الخروج على الحاكم باعتباره جهادا. فعندما خرج على حكمهم الشعب المصري عدوه تمردا. منافقون. بقلم: حمد ماجد الحمادي في سنة 20 للهجرة النبوية افتتح الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه مصر. وفي سنة 564ه حرر السلطان صلاح الدين الأيوبي مصر من حكم الدولة الرافضية الفاطمية، بعد أن استمر حكمهم فيها 268 سنة، وأزال حكم بني عبيد عن مصر، وقد كانوا أرادوا تحويلها إلى دولة رافضية، فأنقذ الله بلاد مصر من الدولة الرافضية على يدي صلاح الدين الأيوبي، وأعادها إلى الدولة الإسلامية. وفي تاريخ 30 يونيو 2012 استولت الحركة الممولة من قبل الماسونية العالمية، الإخوان المسلمون، على حكم مصر. حكمها محمد مرسي كأول رئيس، وسعى لأخونة الدولة المصرية، وأطلق سجناء تنظيم القاعدة، وكوّن المليشيات الإخوانية المسلحة في سيناء، تابعة لإدارة الحركة الإخوانية، وتواصل مع دولة الرفض في إيران، فأدخل في عام واحد مليون سائح إيراني إلى مصر، وفتح 10 حسينيات للروافض، ومدرسة إيرانية جعفرية تدرس الرفض وتنشر التشيع في مصر، حتى استبشر الروافض بعودة الدولة الفاطمية إلى أرض الكنانة، وأنشدوا في ذلك الأناشيد والتغريدات. ولكن الله تعالى لطف بأهل مصر. ففي تاريخ 3 يوليو 2013، وبعد أن عمت الفوضى البلاد، وانقسم الشعب إلى قسمين، قام القائد عبدالفتاح السيسي بالقضاء على الدولة الإخوانية، وعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عن حكم البلاد. وقد استبشرت شعوب العالم الإسلامي والعربي خيرا بانتهاء حكم الدولة الإخوانية، وعودة مصر إلى حواضر العالم العربي، لتمارس دورها كدولة عربية رائدة تعنى بالاهتمام بالشؤون العربية وقضايا الوطن العربي، وممن استبشر خيرا بزوال دولة الإخوان المسلمين، دول مجلس التعاون الخليجي، فقدموا الدعم السخي والكبير للدولة الجديدة، رجاء أن تنهض دولة مصر من كبوتها في فترة الحكم الإخواني، وتحقق الرقي والتقدم والنهضة والتنمية لشعب مصر. وقد شرق بهذا الدعم الخليجي للحكم الجديد في مصر منظمات الإخوان المسلمين، وقاموا بالتشنيع على الخطوة الخليجية المباركة التي قام بها الفريق عبدالفتاح السيسي، وصوروا هذه الخطوة على أنها انقلاب على الشرعية، وأن هذا محرم لا يجوز شرعا ولا قانونا. وفي حديث يعبر عن مدى الألم الذي أصاب أعضاء التنظيم الإخواني كتب بعض أفراد التنظيم الإخواني رسالة إلى علماء السعودية على وجه الخصوص، وهي لأهل الخليج عامة، مفادها التباكي على الحكم الإخواني، والعتب على الدول الخليجية في استبشارها بالحكم الجديد، بل ومعاونة هذا الانقلاب بزعمه، كيف وعلماء الخليج ينكرون الخروج على الحكام وينكرون الانقلابات، ويرون طاعة الحكام والأمراء... إلى غير ذلك من التباكي. والجواب عن هذه الرسالة. أن لزوم طاعة الحكام وتحريم الخروج عليهم وتحريم سياسة الانقلابات والاغتيالات حكم شرعي ثابت، لا يختص بعلماء الخليج أو السعودية، بل هو حكم إسلامي يعتقده عموم أهل الإسلام في المشرق والمغرب. فكل المسلمين على هذه العقيدة وكلامهم هذا مسطر في جميع كتب العقائد، صغيرها وكبيرها إلا فرقة الخوارج الضالين، فإنهم يرون جواز الخروج عن طاعة الحكام، ثم تبعهم على هذه العقائد الفاسدة جماعة الإخوان المسلمين. وفي أحداث "الخريف العربي"، حين تزعم تيار الإخوان المسلمين هذه الظاهرة أنكر عليهم علماء الإسلام، فحكموا بحرمة المظاهرات، وحرمة الخروج عن طاعة الحاكم، وأنكروا مظاهر التسلح والمنازعة، وأن الفوضى لا يقبلها عقل ولا دين، ويترتب عليها شر عظيم؛ سفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وانتزاع الحقوق. لكن القرضاوي وأفراخه لم يصيخوا لهذا القول أبدا، بل أخذوا يتندرون على حكم علماء المسلمين من خلال منبرهم الموتور، قناة الجزيرة، وصاروا يعلمون الناس دين الخوارج، ويشرعنون للناس "المظاهرات" بدعوى أنها سلمية، والخروج على الحكام بدعوى أنه أحد أنواع التعبير عن الرأي في النظم المعاصرة. وقد استوعبت الجماهير من الشعب المصري هذا الدرس من الشيخ القرضاوي، فعملوا بمقتضى تلك التوصيات والتوجيهات، فمارسوا تلك الحقوق التي شرعنها لهم تنظيم الإخوان المسلمين. مارسوا حق المظاهرات السلمية وما تفضي إليه، ومارسوا حق التعبير عن الرأي، حتى جمعوا في ميدان التحرير أكثر من 30 مليون مصري، كلهم يطبق التوجيهات الإخوانية، ويهتف بأعلى صوته: "ارحل يا مرسي"! كان المفترض من الإخوان المسلمين والشيخ يوسف القرضاوي أن يباركوا هذه الحشود التي استطاعت أن تطبق الدرس جيدا، وتنفذ توجيهات الإخوان المسلمين. ولكن موقف الإخوان المسلمين للأسف كان مغايرا جدا، فلقد كان موقفهم شاذ المسلك، فقد تغيرت الفتوى، وتغيرت التعاليم مباشرة، فبعد أن كان الهتاف ب "ارحل" في جموع ميدان التحرير لإسقاط الرئيس المصري محمد حسني مبارك يعد نوعا من أنواع الجهاد، صار الهتاف ب "ارحل" لإسقاط مرسي نوعا من أنواع الفساد في الأرض! هكذا أفتى القرضاوي، وهكذا التيار الإسلامي الإخواني، قالوا: ارحل الأولى جهاد، والثانية فساد! ولكن الشعب المصري أجاب على القرضاوي: "العب غيرها"، فالشعب المصري عاقل، لا يمكن التلاعب به، أو خداعه بالسهولة. أرأيت رجلا دفع لامرأة ألف درهم على أن يقضي منها الفاحشة، فلما قضى غرضه منها، قال: ردي علي الدراهم، فإن عقد المعاوضة على الزنا حرام! إن مثل هذا الاعتذار لا يقبل، وهو دين الأمة الغضبية التي قال الله تعالى لها: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. [البقرة 84_85] ولهؤلاء الإخوان المسلمين يقال لهم المثل العربي الشهير: يداك أَوْكَتا، وفُوكَ نفخ، ويقال لهم المثل الخليجي: خبز خبزتيه، كليه وحدك! فالخروج على الحاكم وانتزاع الرئيس الإخواني محمد مرسي حصل بتشريع الإخوان أنفسهم، وذلك في المليونيات التي شهدتها مصر، والتي جمعت تواقيع أكثر من 30 مليون مصري، فالشعب هو الذي خرج على الرئيس المصري، وليس القائد عبدالفتاح السيسي، فإذا كان من لوم فمرده على الشعب، الذي إذا صح أن يلومه جميع أهل الأرض، فإن الإخوان المسلمين لا يحق لهم أن يلوموه أبدا، لأنه نفذ تعليماتهم وتوجيهاتهم. فصنيع القائد السيسي إذا ليس خروجا عن السلطة، وإنما هو إصلاح بين طائفتين مختلفتين من الشعب المصري، بعد الانقسام الذي حصل بين الشعب والرئاسة، والله تعالى يقول في كتابه: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله" فأمر الله تعالى بالإصلاح، ولم يأمر الجيش المصري بأن يقاتل الشعب، ومن طرق الإصلاح التنازل عن الحكم، ودرء أدنى المفسدتين بارتكاب أخفهما. وإذا كانت الحكومة المصرية قد اكتسبت مشروعيتها - في وقت من الأوقات - من تأييد الشعب المصري، فليس من العقل ولا من الإصلاح وقوف الجيش مع الحكومة في الوقت الذي رفضها أغلب الشعب، كما أنه ليس من العقل وقوف الجيش بالقوة في وجه الشعب الرافض لهذه الحكومة الآن، إذ ليس هناك أي سبب يدفع الجش للوقوف مع حكومة، فاشلة، فاقدة للهيبة، فاقدة لاحترام الشعب، غير قادرة على تلبية متطلبات الشعب،وهذا معلوم بداهة لمن عنده إنصاف أو عقل. ثم إن إخضاع هذه الجموع بالقوة غير ممكن، فهل يتصور القرضاوي والإخوان المسلمون أن شرع الله يبيح قتل 30 مليون لأجل سواد عيون مرسي! نعم هذا يجوز في شرع الإخوان وفي فلسفتها الفكرية الإرهابية فقط، فيجوز أن تزهق الأرواح وتفنى مصر بأكملها، فقط لكي يبقى الإخوان المسلمون في السلطة، لأن الانتصار في العقيدة الإخوانية ليس هو سعادة الشعوب وتنميتها وتقدمها، ولكن الانتصار هو بقاء جماعة الإخوان في الحكم، فليذهب الشعب إلى الجحيم إذا سلمت عيون مرسي وخيرت الشاطر! ويدلك على هذه العقلية أن إسرائيل حينما دكت غزة كي تسقط حكومة حماس، وفعلت ما فعلت من المجازر، لم يعتبر الإخوان كل هذا الخراب والتدمير هزيمة، بل عدوه انتصارا، والسبب أن إسرائيل عجزت عن إسقاط حكومة هنية! للأسف، لقد كانت هذه العقيدة الفكرية محل سخرية وتندر من الكاتب المسرحي محمد الماغوط، والممثل دريد لحام في المسرحية الهزلية "ضيعة تشرين"، ولكن الإخوان المسلمين صيروها عقيدة إيمان وضدها كفر ونفاق! فالخطوة التي قام بها الجيش المصري يحمده عليها كل عقلاء البشر، مسلمهم وكافرهم، ويفرح لأجلها جميع المسلمين، أما الخروج على الحاكم فقد كان حاصلا قبل تدخل الجيش، ولكنه كان موجودا بمباركة الإخوان المسلمين أنفسهم. حفظ الله مصر، وشعب مصر. حمد ماجد الحمادي كاتب من الإمارات